السيد محمد مرسى.. رئيس الجمهورية.. تحية طيبة وبعد.. أنا اسمى محمد محمود أحمد الخطيب.. عمرى 22 سنة.. وأقضى فترة خدمتى العسكرية فى سيناء.. وبالتحديد فى «الحسنة» بالوسط.
سيدى الرئيس.. تابعنا الجمعة الماضى ظهور سيادتكم فى ميدان التحرير.. شعرنا بالفخر عندما وقفت على المنصة وفتحت ذراعيك ورفع جاكيت البدلة وأنت تقول: «أنا أهو مفيش واقى للرصاص.. صدرى مفتوح».. وهتفت وصفق لسيادتكم الكثير.
سيدى.. بعد 12 ساعة من هذا الخطاب.. كنت أنا فى مهمة رسمية لمطاردة بعض الخارجين على القانون فى المنطقة الحدودية بوسط سيناء .. وكان معى زملائى وقائدنا هو النقيب كريم.. فجراً.
كنا نطارد سيارة محملة بالسولار.. واستمرت المطاردة وقتاً ليس بقصير.. انتهت بانقلاب سيارتنا وإطلاق الرصاص علينا.. زميلى المجند عيد عبدالوهاب محمد أصيب باشتباه كسر فى الساقين.. وزميلى أحمد شوقى عبدالحميد أصيب باشتباه كسر فى العمود الفقرى.. وزميلى إبراهيم نصر عبدالرحمن أصيب باشتباه كسر فى الساق اليسرى وكدمات فى الوجه.. وزميلى حامد عبداللطيف حامد أصيب باشتباه ما بعد الارتجاج.
تسأل عنى.. وتقول ماذا عنك.. اطمئن.. أنا كنت أرتدى ملابسى.. ملابس الجيش.. لم يكن معى واق.. مثل سيادتكم تماما.. لا أرتدى خوذة.. اسأل زملائى .. أنا بخير.. أنا الآن فى مكان أفضل.. مكان ليس فى «وحشة» صحارى سيناء ولا طرقها الملتوية والغاضبة.. أنا فى مكان ليس به «خارجون على القانون».. أنا سيدى.. بين يدى رب العالمين.. أنا هناك بين يدى خالقى..
سيدى.. لقد تلقيت رصاصة واحدة فى الرأس.. عطلت جميع أجهزة الجسم.. ونقلونا أنا وأصدقائى زملائى المصابين.. لم أتحمل كثيراً ولا أعرف كيف نقلونا إلى مستشفى العريش العسكرى.
سيدى الرئيس .. تذكرت وأنا فى لحظاتى الأخيرة.. والدى مهندس الكهرباء.. وتذكرت معه رسالة كتبها أحمد فؤاد نجم وغناها الشيخ إمام.. تذكرت أننى «رابض ع الحدود.. محافظ ع النظام.. وراقب للأمام».. تذكرت أمى التى تدعو لى وتسلم على.. «كان أبى معى على الهاتف .. قبل ساعات من الجريمة.. تذكرت أخى الأكبر أحمد وشقيقتى المتزوجة فى قطر.. وشقيقتى الصغرى .. تذكرت عائلتى فى «الجنوب»، وكيف سيقفون هم وأهل قريتى بأكثر من 30 ألفاً عند المقابر ينتظرون قدومى.
لن أطيل عليك.. ودعت الجميع فجر السبت وحملونى فى سيارة إسعاف عصراً من المستشفى العسكرى بالعريش .. هل تتذكر ذلك اليوم سيدى الرئيس هو نفس اليوم الذى كنت تتسلم السلطة من المشير حسين طنطاوى.
سيدى الرئيس.. مسافة طويلة سيادتك من العريش إلى سوهاج.. قطعتها كثيراً وأنا «نازل» أجازة فى مرات عديدة.. مسافة تصل إلى 750 كيلومتراً كما قلت أعلاه.. وصلت السيارة بعد أكثر من 12 ساعة كاملة.. وصلت بى فى الثالثة فجراً، وكان من المفترض أن تنقلنى طائرة إلى مطار أسيوط ومنها تنقلنى سيارة إسعاف إلى قريتى.. لكن نقلى جاء بعد 24 ساعة من لحظة أن تلقيت الرصاصة.. رصاصة اخترقت رأسى.
أحدثك عن «صرخات» أمى ولوعتها ودموعها.. وحسرتها.. كانت هى فى عملها وخبر مقتلى ينشر فى المواقع الإخبارية.. والدى أخفى عنها الخبر تماماً.. وانتظر قبل قدوم سيارة الإسعاف بـ4 ساعات.. وقال لها: «محمد ابنك محبوب فى الكتيبة.. وبيقولوا له أنت جرىء يا «خطيب».. محمد ابنك ربنا بيحبه أوى.. وأنت مؤمنة.. محمد ابنك مات.. محمد شهيد.. كاد رأسها يطير من الصدمة.. وانطلقت صرخاتها.. لا تتوقف.. حتى عندما وصل جثمانى إلى قريتى.. كان صوت أمى «ضعيفاً».. ميزت صوتها رغم صرخات النساء من أقاربى وجيرانى.
التوقيع: "ابنكم محمد الخطيب، المجند بالقوات المسلحة، دمه «لم يشربه» بعد تراب سيناء.
"هذا جزء من رسالة كتبتها فى الأول من يوليو الماضى عن ابن عمى الشهيد محمد الخطيب الذى استشهد فى سيناء يوم السبت 30 يونيو 2012.. كتبتها وكنت أتمنى أن يقرأها الرئيس محمد مرسى.. رئيس مصر.. ورئيس المجندين فى سيناء.. ورئيس السبعة المخطوفين.. رسالة كتبتها إليه عن سيناء ومجنديها وحالهم وتسليحهم.. رسالة لم تصل إليه..
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد هيبه
الله يرحمه ويجعله من أهل الجنة ويصبر والديه وأحبائه
والله لقد أبكيتنى يا أخى