ظهرت حملة تمرد التى تهدف إلى جمع توقيعات من أجل إسقاط الرئيس محمد مرسي، فى وقتٍ استثنائى تعيشه مصر المُنهكة والمنتهكة، مصر التى مازالت تعيش فى مرحلة انتقالية حتى بوجود رئيس مُنتخب، لأن عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى مازال قائما والمشكلات لا حصر لها، وهذا متوقع دائماً بعد الثورات دون أن يعنى ذلك تبريرا لعدم نجاح الإخوان حتى الآن فى تقديم مشروعهم النهضوى الذى كان ملء السمع والأبصار أثناء الانتخابات الرئاسية.
ولا يمكن أبداً إنكار أن حملة تمرد خلقت حالة من الحراك المتوهج، بل وأعادت للبعض حالة الحراك المجتمعى الكبير التى سبقت ثورة يناير، وربما تشبه توقيعات تمرد توقيعات الجمعية الوطنية للتغيير التى سبقت الثورة، وهى فى كل الأحوال حق مشروع للجميع أن يعبر عن رأيه طالما بطريقة سلمية ودون تجاوز، وهذا أفضل ما فى تمرد.
ولكن يبدو أن توهج الفكرة يتناسب عكسياً مع الواقع الذى تعيشه مصر وهى تؤسس لدولتها الجديدة بعد ثورة يناير، ولذلك فالبدايات دائماً تؤسس القاعدة التى تعيش عليها الدول لعقود، ولذلك أرفض ربط حملة تمرد بفكرة إقصاء الرئيس مرسى من منصبه، لأننا ونحن نؤسس لدولة جديدة بعد ثورة يناير، لا نريد أن نؤسس عُرف يستمر بعد ذلك بألا يكمل أى رئيس قادم فترته، ويمكن أن تصبح التوقيعات فقط رسالة شديدة اللهجة للفشل الإخوانى فى الحُكم بأنه ثمة حراك متوهج مُضىء قد يتحول إلى جمرات من نار تحرق فى القريب.
لأنه حتى وإن وصلنا إلى انتخابات رئاسية مبكرة، قد يفوز فيها رئيس غير إخوانى وربما غير إسلامى، وقد لا يكون على هوى الإسلاميين، وستصبح المعركة من جديد وبعد شهور قليلة، أن يدشن الإسلاميون وهم الأقدر على الحشد فى الشارع بمعطيات الواقع حملة توقيعات من أجل إسقاط الرئيس غير الإسلامى الفائز، وقد ينجحون فى وقت قصير من جمع توقيعات عديدة بملايين الأصوات أيضاً، وطالما أن العُرف قد بدأ بإسقاط أول رئيس مُنتخب بجمع توقيعات لخلعه، فإننا سندخل فى مباراة صفرية من الصراع السياسى لن تؤدى إلى استقرار أبداً.
ولذلك ضرورى أن نعى أن العبرة ليست بعدد التوقيعات، والتى وصلت حتى الآن وفى خلال عشرة أيام من بداية حملة تمرد إلى أكثر من مليونى توقيع، لأننا أمام معطيات واقعية تشير إلى أن الرئيس مرسى فاز فى انتخابات الرئاسة بعدد أصوات وصل حوالى 13 مليون صوت، فيما حصل المرشح أحمد شفيق على رقم متقارب جداً من هذا الرقم، مما يعنى أن هناك أكثر من 13 مليون مصرى وقعوا لاختياره رئيساً، وأن هناك أكثر من 12 مليون مصرى رفضوا الرئيس محمد مرسى بشكل قانونى بتوقيعهم على اختيار شفيق فى انتخابات الرئاسة، وبالتالى فإن دلالات الرقم التى حازته حملة تمرد فى عشرة أيام، لابد أن تأخذ فى ذلك الاعتبار.
كذلك فإن التوقيعات لا يترتب عليها وضع قانونى، لأنه وكما ذكرت سابقاً قد يقوم الإسلاميون بالمثل بجمع توقيعات لبقاء مرسى، وهم قادرون على الوصول إلى أرقام كبيرة فى فترات زمنية قصيرة أيضاً، وبرغم توقيع عدد من الإسلاميين ومساندتهم لحمة تمرد، فإنه مازال هناك عدد كبير يساند دكتور مرسى وبعضهم حتى أطلقوا حملة مضادة لحمة تمرد بإسم "تجرد"
ويبدو أن ثمة دلالات كبيرة على عدم تحقيق المشروع الإخوانى النهضوى نتائج تستحق التقدير، ولذلك فإنه ومن الضرورى أن نختبر كمجتمع مدى قدرة الإخوان على الحكم، وكل فشل لهم هو إضافة ناجحة لأن يأتى مَن هو أفضل منهم بعد ذلك، وهذا يعتبر مكسبا كبيرا، وضرورى أن يأخذوا وقتهم بالكامل قد يختبروا هم أنفسهم مدى قدرتهم على التوفيق بين أفكارهم النظرية وأفكار المعارضة التى رددوها لعقود طويلة وبين التطبيق وواقع السلطة التى باتوا فيها، حتى يكتشفوا أن ثمة فجوات كبيرة بين أن يقولوا وهذا سهل، وأن يفعلوا وهذا شديد الصعوبة.
وعلى الإخوان أن يدركوا أنهم فى خطواتهم من موقع السُلطة، لا يخصمون فقط من رصيدهم السياسى ولكن يخصموا أيضاً من رصيد فكرة المشروع الإسلامى كافة فى الحكم، خاصة وأن التوافق الذى بدأ بين الإسلاميين فى استفتاء مارس 2011 لم يستمر طويلاً، وأن اللعبة السياسية قد فرقت بينهم، ولاشك أن الخلاف الإخوانى السلفى هو أول دلالات تراجع التوافق الإخوانى - الإسلامى على المدى الطويل وربما يكشف ذلك قادم المناسبات الانتخابية.
ومن هنا، ضرورى معرفة أن احتفاء البعض بحملة تمرد دون أى محاولة لربط ذلك بأفعال أكثر واقعية من فكرة عزل الرئيس خطأ كبير، وضرورى أن تصبح حملة تمرد دوراً واحداً من أدوار عدة يقوم بها التيار السياسى الرافض للإخوان، ولا تصبح حملة تمرد دور وحيد، ولذلك على كل النخبة من غير الإسلاميين ضرورة الاستعداد الآن، والآن تعنى الآن، لانتخابات برلمانية قادمة سيصبح فيها البرلمان بصلاحيات دستورية كبيرة، وأن تكون حملة تمرد بمثابة المحرك والدافع كى نحتكم جميعاً إلى الشارع، لأن الشارع هو الوحيد القادر على تشكيل مستقبل مصر السياسى، ولذلك فالشارع هو الحل!
أحمد عبد العليم يكتب: حملة تمرد بين توهج الفكرة وخفوت بريق الواقع!
الجمعة، 24 مايو 2013 07:37 ص
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
إبراهيم أبو زهرة
صح
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف عبده الكويت
انا عندى 4 ملبون صوت تمرد
عدد الردود 0
بواسطة:
منى
حاقدين واصحاب قلوب مريضة
عدد الردود 0
بواسطة:
صابرين صبري
أنا مع حمله تمرد ومساعده بالتوقيع
معاكم