نبيل ناجى يكتب: الدوائر المتقاطعة

الخميس، 23 مايو 2013 04:28 ص
نبيل ناجى يكتب: الدوائر المتقاطعة صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فلما خرج فى طريقه المعتاد إلى عمله الموجود فى الضاحية الجديدة والبعيدة عن المدينة المزدحمة وبدأ يتخطى فى طريقه المدينة بمبانيها الرمادية المتراصة - والتى يخترقها النيل بصفحته الزرقاء والتى عادة ما يتحول لونها للفضى اللامع فى وقتى الشروق والغروب فى فصل الخريف - إلى الطرق الزراعية ذات الأغلبية الخضراء، ثم الانتهاء بالطريق القاحل الذى يشق أصفرار الصحراء حتى يصل إلى العمران مرة أخرى، وهذا العمران الذى يملك طبيعة جديدة تختلف عن الطبائع الثلاث السابقة.

وفى الطريق، كان عادة ما يحاول أن يشغل وقته ليمر ولكن الوقت كان يتمرد عليه، فيحاول مداعبته فيستمر تمرده، فيضطر إلى قتله؛ فتارة يشغله بالنعاس الذى أحيانا يكون مصطنعا وأحيانا أخرى يكون عميق يملأه الأحلام، أو يداعبه بسماع موسيقاه المفضلة؛ فهذا صوت أصيل من عمق جبال لبنان يأتى برياح لطيفة تبرد طريقه الملتهب، وهذا صوت آخر حار من أقصى جبال النوبة يدفئ الساعات الباردة، ولما يتمرد الوقت على هذا أيضا يلجأ لقتله؛ فيقرأ رواية تنقله إلى واقع آخر وأبطال آخرون يتعايش معهم، أو كتاب يحمل فكرا جديدا يحرك مياه الأفكار الراكدة فى عمق ذهنه، أو كتاب يمس روحياته ويذكره بإنسانيته.

ولكن وراء كل هذا كان يفكر وذهنه لا يهدأ حتى بعد تغطيته بجميع الأغلفة السابقة، فالطريق كما هو ولكن معالمه تتغير؛ فها هنا كانت ثورة لم تكن مفهومة فى بدايتها ثم ناجحة بعد ذلك ولكنها أصبحت مشتتة فيما بعد، وهنا آثار تدمير وحريق لم يُرمَم بعد، وهذه قطرات دماء سائلة لم تجفف بعد، والعيون تنظرها بدموع تسير فى طريقها المحفور على وجوه أصحابها حتى تتلاشى.

ولكن ماذا عن البشر؟! كل إنسان يدور فى دائرته بعدد لا متناهى من المرات ويلتقى ويتلامس مع الآخرين فى نقطة واحدة لا أكثر؛ فهذا فى العمل، وهذا فى الطريق، وثالث على فكرة وآخر فى مصلحة أو مكان، ودون هذه النقاط المتماسة لا يتواجدون.

فمتى تظهر مساحات متقاطعة بين الدوائر تنشأ مساحات مشتركة؟ رغم أن الاختلافات أكثر من المتفق عليه - ومتى تتشابك هذه الدوائر حتى تتحد وتتطابق؟!!

متى يخرج الإنسان من دائرته المفروضة عليه ويصبح كوكب يسلك فى مسار يختاره بنفسه حول الشمس؟!! هل يجد يوما قمرا يؤمن به ويدور حوله ويسلك مساره؟!!

هذا وأثناء دورانه فى دائرته حصلت هزة مفاجأة ومن بعدها سكنت حركته؛ كانت هذه الهزة هى عجلات السيارة التى توقفت لتنهى رحلة ذهابه إلى العمل!





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

ميدووووووو

الحب بمعني الكلمه

عدد الردود 0

بواسطة:

نبيل ناجي

الحب والحقيقة وليس الحب الحقيقي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة