محمد تاج محمد أحمد يكتب: حمص وحلاوة

الخميس، 23 مايو 2013 05:45 م
محمد تاج محمد أحمد يكتب: حمص وحلاوة حمص وحلاوة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لطالما كنت أشاهد ذلك الفيلم الذى لا ياتى كثيرا على شاشة التلفاز فهو ينتمى إلى الثمانينات من القرن الماضى، حيث كان العديد من الأبطال نجوم شباك، وكانت الأفلام بسيطة من حيث الإنتاج والتمثيل والأسلوب، ولكن الرسالة كانت هى صمام الأمان لأى من تلك الأفلام وحتى أفلام المقاولات التى تشبه أفلام التيك أواى الآن مع اختلاف التنفيذ، فقد كانت تحمل رسالة بسيطة.

أما الآن فالكثير من الأفلام تحمل رسالة بسيطة تقول "لا تشاهدنى من فضلك"، ولكنى شاهدته حينما وجدته على شاشة التلفاز ككل مرة بجزء من اهتمامى وسرعان ما تحولت عن كل ما كنت أفعله وثبتت عيناى على ذلك الفيلم إلى النهاية وأنا أشاهده بمنظور مختلف للغاية.

وحتى يكون الجميع على دراية بأحداث الفيلم الذى قلما تعرضه القنوات التليفزيونية فهو يدور حول بطلى الفيلم "ممدوح عبد العليم وليلى علوى" واللذان يتقمصان أدوار الأبطال باسم "حمص وحلاوة" فهو مغنى وهى راقصة، وكل منهما يكمل الآخر فى الفن ومن خلال جولاتهما فى الأفراح بأغنية كانا يعلنان بها عن فنهما، ازدادت شهرة تلك الأغنية حتى طمع بها أحد مدعى الغناء الأثرياء وحاول بكل السبل أن يسرق تلك الأغنية وإلصاقها بمعنى "وطنى" كى يثبت ملكيته لها بلا منازع فيحاول أبطال الفيلم السعى نحو إثبات حقهما فى الأغنية واللحن المميز لها، وهما من إبداعهما البحت، ولا دخل لأحد فيه، فيحاول بعض الفقراء بتبنى فكرهم وقضيتهم فى إثبات حقهم ضمنيا ومنهم محامى فقير للغاية وموزع للأغانى، ورجل بسيط يرتدى زى يشبه "شارلى شابلن" وهو أبكم لا يتكلم ويحمل على ظهرة أداة موسيقية تسمى "البيانولا" يدير ذراعها فتخرج ألحانا كثيرة.

حاول الأبطال، على مدار الفيلم، السعى بكل السبل إثبات حقهما فى الأغنية إلى أن علم سارقها بما يفعلون فقرر أن يطمس هوية الأغنية بشراء كل من يعاونوهم على إثبات حقوقهم واحد تلو الآخر.. فالمحامى تم إغراؤة برشوة، وموزع الشرائط التى تحمل أغنيتهما الأصلية تم ضربه وحرق كل النسخ، أما الصامت الشبيه بشارلى شابلن فقد تم ضربه ضربا مبرحا حتى لا يفكر فى مساعدتهما على الإطلاق.

وجدنى أرى شبها قريبا بين ذلك الفيلم وما يحدث فى مصرنا الآن على النحو التالى:
أبطال الفيلم يشبهون إلى حد كبير الشعب المصرى فى المضمون الخاص بالفكرة وهو إثبات حقهم فى نضالهم ضد الظلم عن طريق الثورة ورفض كل القيود التى تمحى حقهم فى حقهم.

سرقة الأغنية واللحن تشبه كثيرين ممن قفزوا على ظهر الثورة مدعين أنهم أسسوا لها أو شاركوا فيها، وهم ليسوا قريبين منها شكلا وموضوعاً.

البسطاء أصحاب الشهامة الذين ساندوا أبطال الفيلم يشبهون كل الثوار ومن تبعهم من أجيال أخرى على مدار السنوات الماضية فى مؤازة النشطاء وأصحاب الحقوق من أهالى الشهداء أو الشهداء أنفسهم فى استعادة حقوقهم التى لم تعد إلى الآن.

المحامى الأفاق هو رمز العدالة الضائعة التى من السهل شراؤها واستخدامها لإضاعة الحقوق لا لإعادتها.

البسيط شبيه شارلى شابلن هم الثوار من الشباب مهما تكلموا، وقالوا عن حقوقهم كأحياء وغيرهم من الموتى لا يسمعهم أحد ومصيرهم الضرب والتنكيل فى النهاية حتى لا يفكروا فى التكلم.

لم أتخيل أن هناك أحد الأفلام القديمة يتحدث عما نعيشه الآن ونعاصره من تخبط واختلافات لا يعلم نهايتها إلا الله وأن أكثر من ثلاث سنوات مرت على الثورة، والشعب لا يزال بين قيل وقال، وليس هناك هدف واحد نسير على طريقه للنجاح والنجاة بتلك البلاد التى تهنا فيها نحاول أن نصل إلى النجاة وكلنا لا نختلف كثيرا عن أبطال فيلم "حمص وحلاوة".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة