"هذا القانون يعكس أزمة سلطة شاخت فى مواقعها" كلمات للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل أمام الجمعية العمومية للصحفيين إبان أزمة القانون 93 لسنة 1995، والذى وصف حينها بقانون تكميم الصحافة.
ما يهمنى فى هذه العبارة هو "السلطة التى شاخت فى مواقعها"، وهى جملة لخصت الوضع فى مصر فى تلك اللحظة، رغم أن نظام مبارك كان حينها فى منتصف عمره، أمضى خمسة عشر عاما، تلاها بخمسة عشر عاما أخرى، ازداد خلالها شيخوخة إلى الدرجة التى جعلته، لحسن الحظ، يسقط فى 18 يوما فقط، وهى مدة قياسية من حيث السرعة فى الثورات الكبرى.
الدولة المصرية فى عهد مبارك منحت الأولوية للمسنين لتولى المواقع القيادية، فرئيس الدولة يتجاوز السبعين، والقائد العام للقوات المسلحة ورئيسا مجلس الشعب والشورى، وقيادات كثيرة كلها تجاوزت السبعين، ومن فرط التمسك بهذه الفلسفة تم تعديل القانون للقضاة ثلاث مرات ليصبح سن الإحالة للمعاش هو السبعين، بينما تم الإبقاء دون قرار أو قانون على قيادات صحفية كبرى بعد تجاوزها سن الخامسة والستين بالمخالفة لقانون سلطة الصحافة 96 لسنة 1996 ومن هؤلاء إبراهيم نافع، وسمير رجب ومكرم محمد أحمد ومحمد عبد المنعم.
وحين قامت ثورة 25 يناير كان أحد التوجهات الرئيسية للثورة هو استعادة شباب الدولة، فأصبح لدينا رئيس عمره 62 عاما، وأصبح لدينا وزراء فى الثلاثينات من أعمارهم، وأصبح لدينا قائد عام للقوات المسلحة فى الخمسينات من عمره، ومع ذلك ظل القضاة على موقفهم المولع بالشيخوخة، ورفض القضاة الذين شاخوا فى مواقعهم أى تعديل لمادة سن المعاش فى قانون السلطة القضائية، وأقاموا الدينا ولم يقعدوها حتى الآن، بل لجأ بعضهم لاستدعاء الخارج دفاعا عن هذه الشيخوخة، التى يصفونها بالخبرة والحكمة، وكأن الخبرة والحكمة والعبقرية تبقى حكرا على القضاة فقط بعد سن الستين دون غيرهم من المهن!!
مع استبسال القضاة دفاعا عن الشيخوخة راحت فئات أخرى تطلب المطلب ذاته، وكانت أولى الفئات هى الصحفيين تلاها الأطباء والحبل على الجرار كما يقول الشوام.
بالنسبة للصحفيين، شهد المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحفيين مطالب متنامية برفع سن الإحالة للمعاش إلى الخامسة والستين، حيث إن القانون الحالى يحدد سن المعاش بالستين مع جواز المد سنة فسنة إلى الخامسة والستين، لكن المجلس الأعلى للصحافة، ومواكبة لروح الثورة ولتمكين الشباب والأجيال الجيدة، كان قد أوصى بالاقتصار على سن الستين فقط، فى حين دفعت الاعتبارات الانتخابية نقابة الصحفيين لتبنى المطالبة بالمد الوجوبى وليس الجوازى حتى الخامسة والستين رغم مخالفة هذا المطلب للقانون، ويجرى الحديث الآن عن ضرورة التقدم بتعديل تشريعى لرفع سن المعاش إلى الخامسة والستين فعلا.
وخلال الأيام القليلة الماضية انضمت نقابة الأطباء إلى المطالبين برفع سن الإحالة إلى المعاش إلى السبعين، وقد خاطبت النقابة الدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى، والدكتور عبد الغفار صالحين، مقرر لجنة الصحة بالمجلس، لتضمين هذا المطلب ضمن قانون كادر الأطباء المزمع مناقشته فى المجلس قريبا، ووفقا لتصريحات الدكتور عبد الله الكريونى، الأمين العام المساعد للنقابة، فإن هذا التوجه يأتى للحفاظ على الكوادر الصحية وحتى لا تفقد وزارة الصحة الكفاءات الطبية التى تتزايد بتقدم السن، مشيرا إلى أن ألمع الأسماء الطبية المصرية تجاوزت السبعين عاما ورفعت اسم مصر عاليا فى كل المحافل الدولية!! (انتهى)، أليس هذا الكلام هو ذاته الذى ردده القضاة للإبقاء على سن السبعين، والذى قد يستند إليه أصحاب المهن الأخرى من مهندسين أو مدرسين أو صيادلة، أو محاسبين ؟!!
فى اعتقادى إن هذه الدعوة إلى "شيخنة مصر" (على وزن الأخونة أو الشيطنة أو المقرطة)، هى ردة عن التوجهات الرئيسية لثورة 25 يناير وتمكين الشباب، وهى سنة سيئة يتحمل الزند ومن سار على دربه وزرها ووزر من عمل بها.
* قيادى فى حزب الحرية والعدالة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
مااااااااااااااااااااااااء
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد خلف
سلمت يداك
سلمت يداك
سلمت يداك
سلمت يداك
عدد الردود 0
بواسطة:
د/محمود
أسوة ومساواة
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر
تحية الى كاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى أصيل
سر المعبد
يافشلة كفاكم خراب
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamedali
غير حقيقى