د. عبد الجواد حجاب يكتب: زعزعة المؤسسات وقتل الربيع

الخميس، 23 مايو 2013 11:33 ص
 د. عبد الجواد حجاب يكتب: زعزعة المؤسسات وقتل الربيع محاصرة المحكمة الدستورية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الصورة القاتمة لمناطق وبلاد الربيع العربى لا تبشر بالخير ولا تبعث على التفاؤل، فبعد عامين من انطلاق ثورات الربيع العربى التى أطاحت برموز الطغيان والاستبداد والفساد، حيث ما زالت حقوق الإنسان العربى فى حالة بائسة، وما زال مسار التحول الديمقراطى وفرص الانتقال الى الديمقراطية محاط بالمخاطر ويواجه تحديات كبيرة.

على سبيل المثال إجرام ووحشية النظام السورى وصلت إلى مستوى لم تصل إليه دول الاحتلال فى الماضى والحاضر، أيضا تحول ليبيا إلى دولة ميليشيات مسلحة وقفت حائلا أمام بسط سلطات الدولة المركزية، وتحول العراق إلى ساحة من العنف الدموى القائم على أسس مذهبية، واستقرار تنظيم القاعدة فى اليمن، والبطء الشديد فى مسار التحول الديمقراطى بمصر وتونس بسبب حالة الاستقطاب السياسى الشديدة.

فى مصر الحالة أقل عنفا من الدول الأخرى، بالرغم من انتشار السلاح على مستوى خطير والتهديد بظهور ميليشيات تحت مسميات مختلفة تعمل لحساب أيديولوجيات مختلفة، سواء يسارية أو علمانية أو اسلامية.

كلنا يلاحظ أن أخطر التحديات التى تواجه الثورة السلمية تتركز فى محاولات متكررة لزعزعة مؤسسات الدولة المستقلة والمنتخبة من الشعب، وخلق حالة من الفوضى والفوضوية فى المجتمع تؤدى بنا إلى الرجوع إلى المربع الأول ويسقط النظام الذى أتى به الشعب بعد الثورة، ويتم تسليم البلاد للجيش مرة أخرى لنعود بالبلاد للخلف وربما تنطلق طاقات العنف والحرب الأهلية لا قدر الله.

ممارسات خاطئة من جميع الأحزاب السياسية وجميع النخب الثقافية والدينية والإعلامية أدت إلى الانقسام والاستقطاب بين مكونات الطيف السياسى التى تعانى من الاحتقان المستمر والقلق منذ اندلاع الثورة، ممارسات خاطئة تعتمد على بث الشك والبلبلة داخل وحول مؤسسات الدولة، ومحاولات جرها الى التصادم مع بعضها البعض.

زعزعة مؤسسة القضاء والتشكيك فى بعض الأحكام ورفضها والتشكيك فى نزاهة القضاء والزج بالقضاة إلى معترك السياسة ومحاولات تفجير المؤسسات القضائية من داخلها وغلق المحاكم بالجنازير، كل ذلك ما هو إلا جرائم سياسية مسئول عنها من هم على كراسى الحكم ومن هم فى صفوف المعارضة.

المحاولات المستمرة لإسقاط الأجهزة الأمنية من جهاز البحث الجنائى ومصلحة الأمن العام ومصلحة السجون وجهاز الأمن الوطنى، مع أن المطلوب تماما هو تقوية هذه الأجهزة بالقوانين والتجهيزات التى تمكنها من حفظ الأمن والقضاء على الإجرام والبلطجة والإرهاب وتنفيذ القانون فى احترافية شديدة مع الحفاظ على حقوق الإنسان.

المحاولات المستمرة لإقحام الجيش والمؤسسات العسكرية فى العملية السياسية باستخدام كل الأساليب سواء المزايدة والتزيد على وطنية الجيش أو التشكيك فى قدراته العسكرية أو استدعائه للانقلاب وإعادة المباراة من أول وجديد لأن المباراة الأولى كانت نتائجها لا ترضى مزاجياتنا السياسية الصبيانية. هزل وعبث حذر منه وزير الدفاع قائلا: "لا تلعبوا مع الجيش أو تلعبوا به فنزول الجيش مرة أخرى معناه تدمير مصر ورجوعها إلى الوراء أربعين عاما. ومع ذلك ما زال البعض مستمرا فى تحليلاته الخبيثة ومظاهراته المؤيدة للجيش وتصريحاته التى تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية لقواتنا المسلحة.

محاولات زعزعة مؤسسة الأزهر الشريف ومحاولات زعزعة الكنيسة الوطنية، ومحاولات الاستقواء بالخارج بتعمد الخلط بين الانفتاح على العالم الخارجى والاستقواء بالخارج، وهما شيئان مختلفان بينهما خيط رفيع.

الأخطر من كل ذلك محاولات مستميتة للتشكيك فى المؤسسات المنتخبة، المطالبة بإلغاء دستور تم استفتاء الشعب عليه وخماط فرق بيم إلغاء الدستور وهذا أمر مضحك وبين تعديل الدستور، وهذا أمر ممكن وحق له آليات حددها الدستور نفسه، التشكيك فى شرعية مجلس الشورى من المضحكات المبكيات أيضا ثم التشكيك فى صحة وقوة القوانين التى يصدرها، مع أن سلطاته كمجلس تشريعى نافذة حتى على الرئيس نفسه على ما اعتقد.

يستمر قطار ومسلسلات التشكيك إلى كل ما يمت بصلة إلى الاقتصاد المنهار والحالة المتردية التى ورثناها من النظام الساقط، أى قرارات لإصلاح منظومة الدعم أو البورصة أو الضرائب أو الجمارك أو مفاوضات المؤسسات المالية الدولية أو محاولة إحياء مشاريع قتلت بدم بارد فى عصر الخنوع والانبطاح مثل مشاريع محور قناة السويس، علاوة على التشكيك فى قدرات وزراء المجموعة الاقتصادية.

دفى المحطة الخطيرة التى ستدمر البلاد وتحرقها وتدخلنا فى حرب أهلية وهى محطة التشكيك فى شرعية الرئيس الذى انتخبناه بعقولنا الواعية وإرادتنا الحرة. أولا لخطورة هذا الموقع وهذه المؤسسة كان المشرع صاحب فطنة وحنكة سياسية وقانونية ودستورية عندما حصن قرارات اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، فعندما نطق المستشار، رئيس اللجنة، والذى كان هو نفسه رئيس المحكمة الدستورية فى نفس الوقت باسم الرئيس الجديد، فقد كل البشر وأى بشر على وجه الأرض القدرة على الطعن فى هذا القرار. هل من العقل بعد ذلك أن نطعن أو أن نطالب بتسليم المنصب لرئيس المحكمة الدستورية الذى هو نفسه من نطق باسم الرئيس الشرعى ونصبه رئيسا شرعيا للبلاد.

الرئيس جاء بالانتخاب ولا يمكننا أن نختار غيره إلا بالانتخاب، الرئيس له مدة دستورية لا يمكن إطالتها أو تقصيرها على الإطلاق، اللهم إذا أراد هو أن يذهب إلى انتخابات مبكرة بملء إرادته.

هناك فرق شاسع بين شرعية الرئيس وشعبية الرئيس، فعندما نقول شرعية الرئيس تآكلت وفقدت فهذا هو العبث والرعونة والمراهقة السياسية، لكن عندما نقول أن شعبية الرئيس أصبحت ضئيلة بأى وسيلة من وسائل القياس فهذا كلام كلنا نحترمه وربما نصدقه، لكن هذا لا يفقد الرئيس شرعيته.

أعتقد أن شعبية أى رئيس يتسلم مقاليد الحكم فى بلد يوشك على الإفلاس ويعانى من الانفلات بكل أنواعه، ويعانى من احتجاجات فئوية ومطالبات محقة مع قطع الطرق وغلق المصانع لابد أن تتراجع، خاصة فى السنة الأولى سنة القرارات الصعبة، وأحيانا الخاطئة لوضع البلاد على طريق الاستقرار المامول.

الوضع الصعب الذى تعانى منه البلاد الرئيس ليس مسئولا عنه لأنه من إرث النظام المخلوع والمرحلة الانتقالية والإصلاح المنشود يحتاج إلى قرارات صعبة جدا للعبور من عنق الزجاجة حتى لو أدت إلى تراجع شعبيته فى سنوات حكمه الأولى وحتى لو كانت خاطئة وتراجع عنها.

نقد الرئيس ليس عيبا ولا جريمة، بل نقد الرئيس ومعارضته بالوسائل الديمقراطية السلمية وحتى توجيه اللوم له فهذا أمر حميد ومطلوب وضرورى وأصل من أصول العمل الديمقراطى، لكن الاعتداء على الرئيس أو منزله أو أفراد عائلته باللفظ أو بالفعل عمل إرهابى يعاقب عليه القانون. هناك خيط رفيع بين النقد وحتى اللوم وبين السب أو الاعتداء.

المهم هو الحصاد النهائى فى نهاية ولاية الرئيس الدستورية وعرض الرئيس على الشعب فى انتخابات حرة ونزيهة وبناء على هذا الحصاد سيكون القرار للشعب بكل تأكيد.

من على هذا المنبر الحر، أطالب الرئيس بصفته أعلى سلطة مسئولة بالبلاد التمسك بالحرية والديمقراطية والمحافظة على حقوق الإنسان والمحافظة على وحدة البلاد والحفاظ على مؤسسات الشعب والدولة واستقلاليتها.

أطالب الرئيس بالإصغاء للجميع جميع المصريين والقرار النهائى هو مسئوليتك أمام الشعب، وأطالب الرئيس بالذهاب إلى كل مكان فى مصر وخارج مصر فيه مصلحة البلاد العليا مهما كانت الاحتجاجات والاعتراضات.

أيضا أطالب الرئيس بالضرب بيد العدل القوية على كل من يمارس العنف ولا يصح أبدا أن يثاب أى شخص أو جماعة أو جمعية أو حزب يمارس العنف أو يحرض عليه أو يعطيه غطاء أو مبرر.

أطالب الرئيس بالإصرار على أن يكون رئيسا لكل المصريين لأنك الوحيد المخول له سلطة الكلام باسم الشعب المصرى كله مؤيدين ومعارضين، فالرئيس يمثلنا جميعا شئنا أم أبينا وما عداه يمثل فقط جزءا من مصر شاء أم أبى.

دعونا نتفاءل وننتظر ونصبر ونتسامح ونتصالح للعبور بمصر إلى الدولة الوطنية والديمقراطية الحديثة التى وقعنا عليها جميعا. وعاشت بلادنا حرة وديمقراطية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة