صدر مؤخرًا عن المركز القومى للترجمة، النسخة العربية من كتاب "الاستعارة فى الخطاب" من تأليف إيلينا سيمينو، وترجمة عماد عبد اللطيف وخالد توفيق.
ويتألف الكتاب من مقدمة وست فصول وخاتمة ويتكون من 505 صفحة، حيث حددت المؤلفة فى المقدمة مفهوم الاستعارة وكيف يمكن التعرف عليها وقدمت أمثلة تطبيقية لها، ثم ناقشت بعض القضايا النظرية المرتبطة بدراسة الاستعارة؛ مثل الأغراض البلاغية لدراسة الاستعارة، والعلاقة بين الاستعارة والفكر الإنسانى فى تقليديته وإبداعه.
وقد تناولت المؤلفة بالتحليل على مدار ثلاثة فصول دور الاستعارة فى مجموعة نصوص وأنواع تنتمى إلى أربعة حقول واسعة للأنشطة الاجتماعية - الثقافية : هى الأدب فى الفصل الثانى، والسياسة فى الفصل الثالث، ثم العلم والتربية فى الفصل الرابع. بدأ كل من هذه الفصول بتحليل مثال تمهيدى، تبعه موجز عام لاستخدامات الاستعارة ووظائفها فى نصوص وأنواع مرتبطة فى هذا الحقل الاجتماعى - الثقافى. وينتهى كل فصل بدراستى حالة، هما على وجه التحديد تحليل ممتد لنصوص محددة (مثل منشور سياسى) أو تحليل لنصوص استعارية معينة تتضمن العديد من النصوص (مثل استخدام استعارة"خارطة الطريق"فى علاقتها بالصراع العربي- الفلسطينى)
ويوسع الفصل الخامس المناقشة لتشمل دور الاستعارة فى أنواع وخطابات أخري، ويحتوى على دراستى حالة إضافيتين، فى حين يركز الفصل السادس تحديدًا على استخدام تقنيات معتمدة على المدونة فى دراسة الاستعارة، وينتهى بدراسة حالة تشرح بعض تلك التقنيات .وتأتى الخاتمة لتقدم نتائج الكتاب ككل.
يؤكد الكتاب على أن الاستعارة ظاهرة لغوية متغلغلة فى النشاط اللفظى البشري،وهى تمثل فى الوقت الراهن أكثر الظواهر اللغوية خضوعًا للدراسة فى إطار الدراسات اللغوية بوجه خاص والدراسات الاجتماعية والإنسانية بشكل عام.
وقد تحولت دراسات الاستعارة بالفعل على مدار العقود الثلاثة الماضية إلى حقل بينى تتشارك فيه علوم اللغة بفروعها المختلفة وعلوم الأدب والبلاغة والفلسفة وعلم النفس والاجتماع والسياسة والقانون والاتصال. وكان ذلك متبوعًا –أو مصحوبا –بتطور هائل فى مناهج دراستها والنظريات المفسرة لعملها.
بحسب المترجم، فان هذا الكتاب يعد من أبرز الإسهامات الأكاديمية فى نهر دراسة الاستعارة، فهذا الكتاب يدرس الاستعارة فى معظم الخطابات العامة المعاصرة مثل الخطاب الأدبى والسياسى والإعلامى والتعليمى والعلمى والاقتصادى، كما أنه يدمج بين مدخلين مهمين لدراسة الاستعارة، هما نظرية المفاهيم الاستعارية والنظرية الأحدث التى تطورت فى العقد الأخير وهى نظرية المزج الاستعارى.
كما عالجت المؤلفة كذلك دور الاستعارة فى إنشاء العلاقات الشخصية والتفاوض حولها .فالاستعارة ،على سبيل المثال،توظف للتعبير عن الاتجاهات والمشاعر، وتستخدم للتسلية أو الاندماج،أو تعزز الحميمية، أو تنقل الفكاهة، أو تحافظ على الوجه الإيجابى للآخرين أو تهاجمه، كما تساعد الاستعارة كذلك فى البناء الداخلى لنص ما وتعزيز ترابط علاقاته النصية؛ فهى يمكن أن تستخدم لتقديم تلخيصات أو جذب انتباه المخاطبين على أجزاء معينه من النص.
وبوجه عام فإن دراسة الاستعارة يمكن أن تزيد من الوعى بالدور الذى تلعبه فى صياغة طرقنا التقليدية فى الكلام والتفكير،وبذلك يكون الأفراد أكثر قدرة على ملاحظة التعبيرات الاستعارية وعمليات الصياغة المفهمومية، ويكونون قادرين على التفكير بشكل نقدى فى صلاحيتها.وهكذا فان جزءًا من حلمنا جميعا بتغيير العالم الذى نعيش فيه قد نستطيع إنجازه بواسطة تغيير الاستعارات التى نستخدمها فى وصفه وتحليله والكلام عنه.
المؤلفة إلينا سيمينو، من كبار المحاضرين فى قسم اللغويات واللغة الإنجليزية فى جامعة لانكستر الإنجليزية.
المترجم الدكتور عماد عبد اللطيف، هو مدرس البلاغة وتحليل الخطاب بجامعة القاهرة ،وجامعة لانكستر الانجليزية ،من كتبه "لماذا يصفق المصريون"،"تحليل الخطاب البلاغى".
الدكتور خالد توفيق هو أستاذ مساعد الترجمة وعلم اللغة بقسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة، والجامعة الأمريكية بالقاهرة، وعضو اتحاد الكتاب، وله العديد من الأعمال المؤلفة والمترجمة.