تثير قضية ضمان نزاهة الانتخابات فى دول الربيع جدلا كبيرا خاصة فى ظل صعود أنظمة الإخوان المسلمين فى مصر وتونس، والتى مازالت تواجه معارضات فى الشارع واتهامات بالسعى للانفراد بالسلطة وإقصاء المعارضة وانتهاجها نفس نهج الأنظمة التى أسقطتها الثورات العربية، وبعد تعالى لهجة التخوين بين الأطراف السياسية فى تلك الدول أصبحت هناك شكوكا حول قدرة الحكومات الجديده فى ضمان نزاهة الانتخابات المقبلة.
ونظرا لتصاعد هذه الأزمة – خاصة فى مصر التى مازالت المعارضة بها تعلق مشاركتها فى الانتخابات البرلمانية المقبلة – تبنت جامعة الدول العربية تقريرا دوليا قام باعداده مجموعة من الخبراء الدوليين والمسئوليين السياسيين الكبار برئاسة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفى عنان، ووجهت دعوة إلى الحكومات العربية بتبنى توصيات التقرير، لأنها تصب فى صالح تعزيز النزاهة الانتخابية وتعميق أسس الديمقراطية فى الدول العربية، محذره من أن غياب نزاهة الانتخابات سيؤدى إلى عدم القبول بنتائج الانتخابات أو التشكيك فيها، ويقوض شرعية المؤسسات المنتخبة، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى حالة من عدم الاستقرار على كافة المستويات.
وطالب التقرير فى أول توصيه له الحكومات ببناء سياده القانون لضمان تمتع المواطنين بمن فيهم المنافسين السياسيين والمعارضين بإصلاحات قانونية تتيح لهم ممارسة حقوقهم الانتخابية، وضمان خضوع الحكومات للمساءلة أمام القانون وتساوى المواطنين أمام القضاء، وعدم الانتقائية فى وضع القوانين وتطبيقها، وشدد على أن هناك حاجة لمحاكم قوية مستقلة لحماية حقوق جميع الناخبين وملاحقة انتهاكات العملية الانتخابية.
وبعد سيادة القانون يأتى دور إنشاء هيئة إدارة انتخابية مهنية وذات كفاءة ولها حرية التصرف الكامل فى العمل، بما فى ذلك ضمان قدرتها على الحصول على التمويل اللازم فى الوقت المناسب لإجراء الانتخابات، هذا بالإضافة إلى تمتعها بالولاية التى تتيح لها تنظيم انتخابات شفافة وتحظى بالثقة، وعلى الحكومات أن تتصدى إلى العنف الانتخابى ومعاقبة مرتكبيه.
ووجه كوفى عنان رسالة للحكومات من خلال التقرير أكد فيها أن "الانتخابات تعتبر أحد الأعمدة الأساسية بل والجذر الرئيسى لبناء النظام الديمقراطى"، ومن هذا المنطلق طالب الحكومات بضرورة إصلاح الأنظمة الانتخابية وانتهاج سياسات تقلل من حصول الفائز على جميع المكاسب، ودعا من خلال التقرير إلى إزالة الحواجز التى تحول دون مشاركة النساء والشباب والأقليات والمعاقين والمجموعات التى تعانى من التهميش فى العملية الانتخابية، واتخاذ خطوات جاده لتعزيز قيادة النساء وتوسيع مشاركتهن.
وشددت توصيات التقرير على ضرورة التحكم فى التمويل السياسى عن طريق وضع ضوابط للتبرعات والانفاق وتوفير التمويل العام للحملات السياسية، كما اكد على ضرورة الإفصاح والشفافية فيما يتعلق بالتبرعات والنفقات وفرض الجزائات والعقوبات على المخالفين.
ولأن معظم الدول العربية ترفض مراقبة الانتخابات وتعتبرها تدخلا فى شئونها الداخلية شدد التقرير على وجوب مراقبة العملية الانتخابية من قبل المنظمات المدنية بل ومراقبة أداء الحكومة فيما يتعلق بجهودها لضمان نزاهة الانتخابات.
إلا أن التقرير الذى عممته جامعة الدول العربية على أعضائها لدراسته وأخذ توصياته فى الاعتبار أوضح أنه ليس كافيا أن تقوم الحكومات بإنشاء المؤسسات بل يجب أن تحترم وتحافظ على استقلالية ومهنية مسئولى الانتخابات والقضاة والمحاكم.
وأكد التقرير أن الانتخابات النزيهة مهمة لتمكين المرأة ومحاربة الفساد وتقديم الخدمات للفقراء هى خطوة نحو النمو الاقتصادى وإنشاء حكم رشيد والتسوية السلمية للصراعات الاجتماعية والسياسية، موضحا أن هناك ارتباطا وثيقا بين الانتخابات المزورة وبين العنف الاجتماعى وعدم الاستقرار السياسى، وذلك لأنه عندما تكون الانتخابات نزيهة تلتزم الحكومات الناتجة عنها بالحدود التى تفرضها سياسة القانون وتتمتع الأحزاب الخاسرة بحرية الاشتراك فى الأنشطة السياسية دون إرهاب أو تهديد بالعنف.
وانتقد التقرير الدولى قيام الدول العظمى الديمقراطية – فى إشارة إلى أمريكا دون ذكرها – بدعم انتخابات مزورة وأنظمة ديكتاتورية للحفاظ على مصالحها الخاصة التى يرعاها هذا النظام، وأكد أننا لازلنا نعيش فى عالم تتصرف فيه الدول وفق مصالحها الإستراتيجية، وتدعم مرشحا بعينه وتغض الطرف عن ممارسات انتخابية غير سوية من قبل حفاظا على المصالح، وانتهى التقرير إلى أن الانتخابات المزورة تقوض فرص الاستقرارالسياسى والاقتصادى وتساهم فى هروب رؤوس الأموال وتؤدى إلى تصاعد العنف السياسى.
فى تقرير دولى أعدته الجامعة العربية.. غياب نزاهة الانتخابات فى دول "الربيع العربى" سيؤدى لرفض النتائج ويقوض شرعية المؤسسات المنتخبة.. وانتقاد لدعم القوى العظمى لانتخابات مزورة حفاظا على مصالحها
الثلاثاء، 21 مايو 2013 04:59 م
جامعة الدول العربية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة