بالصور.. "اليوم السابع" تكشف: "جزيرة فاضل" أكبر قرية فلسطينية فى مصر.. 3 آلاف فلسطينى يعيشون فى "عزلة" بالشرقية منذ 1948.. يعملون بالقمامة.. ولا يلتحقون بالمدارس.. والفقر سمة العائلات

الثلاثاء، 21 مايو 2013 10:35 م
بالصور.. "اليوم السابع" تكشف: "جزيرة فاضل" أكبر قرية فلسطينية فى مصر.. 3 آلاف فلسطينى يعيشون فى "عزلة" بالشرقية منذ 1948.. يعملون بالقمامة.. ولا يلتحقون بالمدارس.. والفقر سمة العائلات مأساة فلسطينية فى جزيرة فاضل
الشرقية – فتحية الديب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"جزيرة فاضل" التابعة لمركز أبوكبير بالشرقية، ليست قرية عادية، بل تعتبر أكبر قرية فى مصر تضم لاجئين فلسطينيين حيث تحوى 3 آلاف لاجىء، ففى شوارعها تفوح رائحة عرق الشعب الفلسطينى الشقيق، وعاداته، وتقاليده، وآلامه، وهموم شعبه فى البحث عن حياة آمنة، فيما يرسم ملامح الشوارع بيوت طينة متواضعة تتخللها شوارع ضيقة.

جميع منازل القرية من الطين، وأطفالهم بالشوارع، معظمهم رعاة ومرضى وآخرين يجمعون القمامة ومخلفاتها لبيعها، ونادرا ما تجد بيت خرسانى بنى حديثا لاستيعاب الزيادة السكانية بالقرية، كما لا يوجد بها صرف صحي، بينما دخلت إليها الكهرباء والمياه عام 1995.

يعانى أهالى تلك الجزيرة أشد المعاناة، وخاصة أن الدولة الفلسطينية نسيتهم نهائيا ولم تقدم لهم أى دعم ولم يعلم عنهم أحد شىء، إلا بعد زيارة السفير بركات الفرا، لهم منذ عام تقريبا، لافتتاح دار الضيافة وفصل لمحو الأمية أقامهما الأهالى بالجهود الذاتية.

"اليوم السابع" حاولت طرق أبواب القرية لترصد بعيون أهلها مشاكلهم، وتنقل للناس معاناتهم.

التقينا بالحاج جبر سالم بركة، 56 سنة، وشهرته "أبو ياسر"، فتساقطت الدموع من عينيه قطرات ليحدثنا باكياً: "نعيش فى مصر منذ الخمسينات، وشربنا من نيلها، وكبرنا على أرضها، ومستعدين للدفاع عنها من أى سوء، ونكون فى مقدمة الصفوف للدفاع عنها، فنحن أكثر من 3 آلاف فلسطينى نعيش بالقرية، جميعنا ولد فى مصر، ويدين لها بالولاء، فنحن مصريون بروح فلسطينية، لكن لدينا أمل فى العودة مرة ثانية لديارنا وأرضنا التى لم نزرها فى حياتنا".

وتلفت أبو ياسر يمينا وشمالا ليتأمل ملامح القرية التى آوته، ويسرد تفاصيلها قائلا: "هاجر جدى ووالدى عام 1948 من بئر السبع بفلسطين ومعهم 40 أسرة جميعهم من قبلية واحدة تدعى (الإحسانات) قادمين إلى قطعة أرضة فضاء بالشرقية إسمها (جزيزة فاضل) لا يوجد بها أحد، وكانت جرداء لا زرع فيها ولا ماء فمكثنا بها وعمرناها وتكاثرنا فيها، ومات ودفن بعض أهلنا فيها".

وتابع: "ولدت عام 1958 بالجزيرة ولم أزر فلسطين طوال حياتى، ولكن عندى أمل فى العودة إليها، وخاصة من قصة حكتها لى أمى عندما اشترى والدى فدانين أرض زراعية لزراعتها فى الستينات بـ60 جنيه، وبعد توثيق العقد طلبت منه شقيقته إرجاع العقد لصاحبه لأملها فى العودة لديارنا".

واستطرد أبو ياسر: "أهالى القرية ظلوا ينعموا بجميع المميزات التى لا تفرقهم عن أشقائهم المصريين فى عهد الزعيم الراحل "جمال عبدالناصر"، حيث أمر بتعليمهم فى المدارس المصرية وعلاجهم فى المستشفيات الحكومية والحصول على بطاقات التموين مثل المصريين، وظلت العلاقة حتى العهد الأخير من حياة الرئيس "السادات"، ولكن بعد مقتل الأديب "يوسف السباعى" تغيرت المعاملة وتم سحب جميع المميزات وسحب بطاقات التموين، وفى حالة ذهاب الأطفال للتعليم يجب الحصول على وثيقة له من السفارة، رغم أننا كنا نقدم لأبنائنا فى المدارس بشهادة الميلاد فقط".

وأوضح أن هذا التصرف جعل البعض يعزف عن تعليم أبنائه، وخاصة أن جميع الموجودين بالقرية يحبون كثرة الإنجاب، وأقل شخص فيهم لديه 5 أطفال، وبالتالى لابد من استخراج وثيقة لكل طفل، مضيفا، "وفى عهد مبارك تم سحب العديد من الميزات التى كانت متبقية، القرية تعانى أيضا من زيادة نسبة الإنجاب فالرجل الواحد يتزوج أكثر من سيدة، وينجب عشرات الأطفال"، مشيرا إلى أنه متزوج من سيدتين وعنده 16 ابن وابنة ولديه 60 حفيد.

حديثنا معه جعله يأخذنا إلى أكبر مسنة فلسطينية فى مصر وهى والدته الحاجة "شامة" (89 سنة)، لتروى لنا قصة الرحيل من فلسطين إلى مصر قائلة: "تركت بلادى عندما كان عمرى 11 عاما قادمة مع أسرتى للشرقية، وكانت الذكريات سيئة لأنها كانت مرتبطة بالحرب واغتصاب الأرض عام 1948، وكانت الطيارات والنار فوق رؤوسنا فهجرنا أراضينا إلى الشرقية، ومازال عندنا أمل فى العودة لها مرة أخري".

وتابعت: "خرجت من البيت مع أسرتى خايفين، وأمى خدت أخوى بين أيديها وهربت، وبعدما وصلت لمنطقة الأبيار المرة، اكتشفت أنها خدت المخدة وسابت أخوى فى البيت، فرجع 9 رجال يجيبوه استشهدوا كلهم".

وكان طبيعيا أن نلجأ لمنزل عمدة القرية أو شيخها أو الكبير الذى يتبنى مشاكلها، فتوجهنا لمنزل "عيد نصير النامولى، وتكلمنا مع زوجته "صباح حسين" التى خاطبتنا بهدوء قائلة، "الأهالى فى العزبة كلهم واحد، ولدنا فى الجزيرة وجميعنا فلسطينيين الجنسية، ولكن نعتبر أنفسنا مصريين قلبا وقالبا، شربنا من النيل ونكن لمصر وشعبها كل الحب على إيوائها لنا، ونعتبر أننا مصريين بروح فلسطينة فالجميع ولدوا بالعزبة ولم يسافر أحد قط طوال حياته لفلسطين، وتزوج أبناء الجزيرة من مصريات، وزوجنا بناتنا للمصريين".

وأضافت: "مش عارفين نسافر نشتغل فى أى مكان بره مصر، ومش مسموح لنا نسافر غير للحج والعمرة، وطالب العشرات من شباب الجزيرة السلطات المصرية بتصحيح أوضاعهم القانونية حتى يتمكنوا من السفر للعمل بالخارج، لأن الوثيقة المصرية للاجئين لا تمنحهم هذا الحق".

واستطردت: "تعانى الجزيرة من زيادة نسبة البطالة فالجميع يعملون بالأجر اليومى فى الزراعة كفلاحين يستأجرهم أصحاب الأراضى المجاورة، ولكن مهنتهم الأساسية جمع القمامة واستخراج المنتجات البلاستيكية منها لإعادة تدويرها".

ويضيف محمد سالم حسين، 57 سنة، معاق: "عشان ندخل واحد من ولادنا المدرسة لازم تصريح من الحاكم العسكرى المصرى لقطاع غزة، وموافقة من الإدارة التعليمية بمديرية الزقازيق، وبحث اجتماعى يثبت عدم قدرتنا على إلحاقهم بمدرسة خاصة، كما أن الدولة قطعت معاش الضمان الاجتماعى عن أكثر من 50 من المعاقين بالجزيرة، بعدما كنا نتقاضاه منذ أكثر من 10 سنوات، ولكن تم قطعه بعد الثورة ولكن القرار صدر قبل الثورة".

وتابع: "يقطع العشرات من أطفال القرية من أهالى المقتدرين أمتار عديدة للذهاب لقرية مجاورة لهم للتعليم، ولكن نادرا ما يتعلم أحد من أبناء هذه القرية، فنسبة التعليم 10% فقط والباقون لا يعرفون شيئا"، مشيرا إلى أن القرية بها فصل واحد لمحو الأمية لمن يرعب فى التعليم.

واستطرد: "الغالبية العظمى من الأطفال تجدهم بالشوارع الضيقة بالجزيرة عراة وحفاة يلعبون ببعض مخلفات القمامة من الحقن والأدوية، بل ويضعونها فى أفواههم، والبعض الآخر لم يبلغ السابعة من عمره تجده يركب عربة كارو وعليها كم هائل من المخلفات، وآخرين من الأطفال يقومون بحرق المخلفات".

وقال: "يوجد عدد كبير من أطفال الجزيرة من ذوى الاحتياجات الخاصة، خاصة الصم والبكم، وبالرغم من معاناتهم وعدم قيام أى مسئول فلسطينى منذ الخمسينات بزيارتهم، ورغم أن قريتهم لم يعرفها البعض إلا بعد الثورة، إلا أنهم تجد عندهم عزة نفس كبيرة".

وما يؤكد كلام محمد سالم حسين، أننا عندما حاولنا تصوير القمامة قالوا لنا بالحرف الواحد: "مش تزعلوا منا إننا بنجمع القمامة، دا شغلنا، وغصب عننا، لأننا محرومين من العمل بأى مكان حتى القطاع الخاص"، رغم أن منهم من يتمنى أن يكون ضابط شرطة ويستشهد من أجل فلسطين ومصر- بحسب قولهم- كما يلقى البعض الآخر شعرا فى حب مصر وفلسطين.




































































مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة