"نحتفظ بحق الرد" جملة بدأ صداها يتردد بين الحين والآخر، خاصة عندما تتعرض دولة لانتهاك سيادتها من جانب دولة أخرى، وهو ما أثار تساؤلات عدة حول المقصود بهذه الجملة، خاصة أن الدول التى طالما استخدمتها لم ير أحد رد فعل منها على ما تعرضت له من انتهاكات، حيث قالتها السودان حينما قصفت إسرائيل قوافل أسلحة داخل أراضيها.
كما أن الملف السورى حافل بتصريحات الاحتفاظ بحق الرد، فى عام 1982، حين نصب الجيش السورى صواريخ سام، وقصفت إسرائيل بطارياتها فى البقاع، قال وزير الخارجية السورى عبد الحليم خدام يومها سنرد فى الوقت المناسب والمكان المناسب، وبعد الغارات الإسرائيلية على مواقع الرادارات السورية فى منطقة ضهر البيدر فى لبنان، واستشهد فيه أيضا ثلاثة جنود سوريين، قال وزير الخارجية السورية فاروق الشرع يومها، سنرد فى الزمان والمكان المناسبين، ثم تحول ذلك الجزم إلى جملة "الاحتفاظ بحق الرد"، وعندما يصل الطيران الحربى الإسرائيلى إلى فوق قصر الشبطلية (فى شمال اللاذقية) عام 2005م، احتفظ أيضا النظام السورى بحق الرد.
ومنذ أيام قليلة بعد تعرض أهداف عسكرية قرب العاصمة دمشق بالأراضى السورية للقصف الإسرائيلى، اتخذت نفس موقفها المعتاد والاحتفاظ بحق الرد.
اللافت أن تركيا، صاحبة القرارات المؤثرة فى رسم خريطة الشرق الأوسط، أحيانا تتخذ نفس الموقف بالاحتفاظ بحق الرد، فصرح وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو بأن بلاده تحتفظ بحق الرد بأى شكل من الأشكال وبكل الوسائل المتاحة مع استبعاد طرح الموضوع فى اجتماع حلف الأطلسى، رافضا توجيه اتهامات للنظام السورى رغم تصريحه بارتباط المتهمين الذين تم القبض عليهم داخل تركيا بعلاقات مع الخارج السورى.
كان للحكومة السودانية أيضا موقف مشابه، عندما اتخذت نفس الموقف وقت العدوان الإسرائيلى على مصنع اليرموك بالخرطوم، حيث قالت حكومتها إنها ستحتفظ بحق الرد، كما أبلغ السودان مجلس الأمن الدولى باحتفاظه بحقه كاملاً فى الدفاع عن النفس واستخدام أى نوع من أنواع العمل العسكرى داخل أراضيه، رافضا استخدام أى أعمال العنف فى دولة الجنوب.
من جانبه، رأى عبد الجواد أحمد رئيس المجلس العربى لدعم المحاكمة العادلة رأى أن عجز المنظمات الدولية وضعف نصوص اتفاقيات المجتمع الدولى هو السبب الرئيسى فى عجز الدول على اتخاذ موقف شرعى لها فى الرد على أى اعتداء يطرأ عليها من دولة أخرى، قائلا "ينص ميثاق هيئة الأمم المتحدة المفترض موقعه عليه الكثير من الدول أن يحمى أى دولة تم الاعتداء عليها من أى دولة أخرى، وأى دولة يعتدى عليها لها حق الشرعى.
وأكد أن ميثاق الأمم المتحدة ينظم مسألة حدوث أى اعتداء من دولة على أخرى، فعند حدوث أى اعتداء للدول المعتدى عليها حق تقديم شكوى لمجلس الأمن، ومن المفترض أن يتخذ مجلس الأمن قرارات حاسمة وعقوبات دولية توقع على الدولة المعتدية، ولكن هذا لا يحدث، وهو ما يعكس عجز موقف مجلس الأمن وعجز القانون الدولى، ومن حق أى دولة يقع عليها الاعتداءات ترد بشكل شرعى حتى لو كان ردا عسكريا".
من جانب آخر، أكد عادل سليمان مدير المركز الدولى أن القوة هى القوة لا تتجزأ، مشيرا إلى أن عبارة الاحتفاظ بحق الرد تعكس ضعف الدولة، وعجزها عن القدرة فى اتخاذ موقف واضح لحمايتها، مشيرا إلى أن السودان كتجربة ضعيفة لا يمكنها إلا الرد على شعبها فقط، وإعلان الرد على المتمردين، مشيرا إلى أن الكلمات التى ترددها الدول فيما يخص الاحتفاظ بحق الرد أو إن العدو لن يفرض عليها المعركة وغيرها هى جمل "عبثية".
وأوضح سليمان أن الرد يختلف من دولة لأخرى، مشيرا إلى أن تركيا قالت سنحتفظ بحق الرد على اعتداءات سوريا، ولكنها فى الوقت نفسه تقود بتدعيم الجيش السورى الحر وجبهة النصرة، وهو يعتبر ردا من نوع آخر لا يشترط أن يكون عسكريا مباشراً.
"نحتفظ بحق الرد" بوابة السرية لهروب الدول من الحفاظ على سيادتها.. خبراء: تراجع الدول عن اتخاذ موقف عسكرى يعكس عجز الاتفاقيات الدولية..و"تركيا" ترد على "سوريا" بدعم المقاومة
الإثنين، 20 مايو 2013 02:34 م