كان.. تعددت الوجوه والجنسيات والأفلام.. والمهرجان واحد والمتعة واحدة.. فيلم الافتتاح "جاتسبى العظيم" لم يلب طموحات الحضور ولم يحمل عمق الرواية.. وصوفيا كوبولا تأسر الجمهور والنقاد بفيلمها

الإثنين، 20 مايو 2013 11:27 ص
كان.. تعددت الوجوه والجنسيات والأفلام.. والمهرجان واحد والمتعة واحدة.. فيلم الافتتاح "جاتسبى العظيم" لم يلب طموحات الحضور ولم يحمل عمق الرواية.. وصوفيا كوبولا تأسر الجمهور والنقاد بفيلمها جانب من مهرجان كان
كان - علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
• أكثر من 4500 صحفى وناقد جاءوا من مختلف بقاع الأرض ليقفوا فى طوابير لمشاهدة أفلام المهرجان
• سكان المدينة يصطفون حاملين لافتات الأفلام التى يرغبون فى مشاهدتها للحصول على دعوات للحضور
منذ اللحظة الأولى التى تصل فيها إلى مطار روما تشعر أن هناك شيئا مختلفا وتحديدا فى منطقة الترانزيت انتظارا للطائرة المتجهة إلى مطار نيس وجوه مألوفة، يبدو أنهم يعرفون بعضهم جيدا فهذه هى رحلتهم السنوية إلى مهرجان كان السينمائى يلتقون سويا فى عمل أشبه بالرحلة.

وروما مثلها مثل باقى المدن الأوروبية تستقبل الوافدين من كل أنحاء الكرة الأرضية إلى مهرجان كان، فالإعلاميون والصحفيون يستعدون للسفر إلى «كان» تلك المدينة التى استطاعت أن تحفر اسمها فى تاريخ العالم، حيث تجد نفسك فى مطار روما محاطا بصحفيين وكاميرات التصوير.. الكثيرون يعرفون بعضهم البعض وصاروا بعد سنوات يذهبون فى مجموعات.

والمفارقة أنه منذ اللحظة الأولى التى تصل فيها إلى مدينة نيس بوابة الدخول إلى كان لن تجد بهرجة أو إعلانات كثيرة، فالمهرجان صار كبيرا بما يكفى وستجد عددا قليلا من العاملين يقفون متباعدين كل منهم يحمل اسم طاقم الفيلم الذى ينتظره.
كل شىء يخضع لنظام دقيق، فيقف صحفيون من جنسيات مختلفة فى انتظار الأتوبيس الذى سيقلهم إلى مدينة كان، التى تبعد 50 دقيقة عن نيس ورغم مشقة الرحلة فإن الجميع يتجهون بنفس النظام إلى المركز الصحفى لاستلام البطاقات، والأمر لا يستغرق دقائق رغم أن عدد الصحفيين الذين يقومون بتغطية المهرجان يصل عددهم إلى 4500 صحفى.

وبعد تلك الرحلة التى تصل فى الغالب بالنسبة معظم الحاضرين إلى يوم من السفر أو يومين لا تستطيع أن تمنع نفسك من ملاحظة التفاصيل فى المدينة والاستعدادات التى تتم لاستقبال ضيوف المهرجان ونجومه، فأهل المدينة يشاركون فى هذا الحدث، يأتون من الصباح الباكر حاملين مقاعدهم وشيئا يأكلونه استعدادا ليوم طويل من الانتظار حتى لحظة افتتاح المهرجان وبدء توافد النجوم على السجادة الحمراء، لتتعالى الهتافات وصيحات الإعجاب كل لنجمه المفضل.

كان ليس مهرجانا عاديا يحتفى بالسينما ونجومها أو مجرد مهرجان هام يمنح علامته الأصلية ليس فقط للفائزين فيه والحاصلين على جوائزه بل للمشاركين فى مسابقاته المختلفة.

يقول الكثيرون من متابعى المهرجان ومرتاديه إنه حالة صعب تكرارها رغم المجهود المبذول وكلفة الرحلة وحالة الجرى واللهاث وراء الأفلام فمن يأتى مرة لا يستطيع أن يتوقف ومن يرشف مما يقدمه كان من سينما لا يستطيع التوقف، تلك هى هوية واحد من أهم المهرجانات السينمائية فى العالم، مهرجان متفرد انطلق من مدينة صغيرة فى جنوب فرنسا، وصار قبلة لواحدة من أهم الفنون فى العالم، ألا وهى صناعة وفن السينما.

صباحات كان
رغم الجو الممطر وتقلب الطقس الحاد فإن ذلك لم يمنع رواد المهرجان من الانتظار فى صفوف طويلة تشعر منها للحظة أنها لا تكاد تنتهى، من أجل حضور أول العروض الذى يقام عادة فى الثامنة والنصف من صباح اليوم، ومن المشاهدات اليومية والعادية فى شوارع المدينة، وكلما اقتربت من قصر المهرجان وعلى شاطئ الكوروازيت تجد عددا من سكان المدينة يصطفون حاملين لافتات، مكتوبا عليه اسم الفيلم الذين يرغبون فى مشاهدته، وذلك لأن الجمهور العادى فى كان غير مصرح له بحضور الأفلام لذلك فهم يتوجهون لحاملى الكارنيهات لعلهم يحصلون على دعوة، وتتواصل تفاصيل الرحلة اليومية لحضور العروض، فمرتادو المهرجان يتم تقسيمهم إلى فئات حسب دورية الإصدار وأهميته فى دولته وأيضًا عدد الدورات التى يقوم الناقد فيها بتغطية المهرجان، لذلك من الطبيعى أن تشهد تفاوتا ملحوظا فى الأعمار وأجيال مختلفة، والنقاد المخضرمون يقفون جنبا إلى جنب مع الشباب.

ومن أولى القواعد التى يجب على مرتادى كان اتباعها هو ضرورة الاختيار، فالمسابقات متنوعة وإنتاجات العالم تتنافس فى مسابقات كثيرة وهناك من يركز على أفلام المسابقة الرسمية لأنها تضم العديد من أسماء كبار المخرجين، وهناك من يفضل قسم نظرة ما لأنه يضم تجارب واعدة، والبعض يركز مع أسبوع النقاد، أما من يرغب فى الجمع بين أكثر من مسابقة فعليه أن يشاهد على أقل تقدير 5 أفلام فى اليوم.

أفلام وتساؤلات حول الهوية
فى أول أيام المهرجان، عرض للصحفيين فى حفل الثامنة صباحا فيلم الافتتاح «جاتسبى العظيم»، وهو الفيلم الذى انتظره بشغف صناع السينما، وذلك لشهرة الرواية عالميا والتى كتبها فرانسيس سكوت فيتزجيرالد عام 1930 وقدمت للسينما قبل ذلك فى معالجات مختلفة أشهرها الفيلم الذى قام ببطولته النجم روبرت ريدفورد، ولكن فى هذه المعالجة الحديثة والرابعة والتى يقوم ببطولتها ليوناردو دى كابريو بمشاركة توبى ماجواير وقدمت بخاصية الـ«ثرى دى»، إلا أن الفيلم جاء مخيبا لكثير من التوقعات فهو لم يحمل عمق الرواية ولا كيفية تشريحها للمجتمع الأمريكى فى الثلاثينيات والانقسام الشديد وسيطرة الرأسمالية، وكيف يعيش الفقراء فى حين ينعم الأثرياء بكل أشكال الترف المعالجة الجديدة والتى قدمها المخرج الأمريكى الأسترالى الأصل باز لهرمان صاحب فيلم الطاحونة الحمراء حفلت بالكثير من التفاصيل ولكن التفاصيل الشكلية والثراء البصرى على حساب المعنى والنص، حيث لجأ باز للتركيز أكثر على أجواء الحفلات الصاخبة التى كانت تعيش فيها الطبقة الثرية فى الفيلم وتحديدا شخصية البطل جاتسبى التى جسدها دى كابريو.

وتبدأ أحداث الفيلم فى ربيع 1922 مع الكاتب نيك كاراواى، الذى يغادر منطقة الغرب الأوسط ليقيم فى نيويورك وفى منزل ابن عمه يسمع كثيرا عن جاتسبى، ذلك الرجل الغامض الذى يتحول إلى حديث للمدينة بأكملها إلى أن يكتشف أنه جاره ويدخله جاتسبى فى عالمه، ويبدو أن مخرج الفيلم وكاتبه وقعا أسيرين لقصة الحب المتفردة بين جاتسبى وزوجة ابن عم الكاتب، والذى كان شاهدا على الكثير من تفاصيل العلاقة وتحول إلى راو لها، بعيدا عن صراع الرأسمالية والطبقة العاملة وهو من العناصر الأساسية فى الرواية.

وأجاد المخرج رسم تفاصيل شخصية جاتسبى والتقديم لها، ولكن فى النهاية يظل الفيلم أقرب إلى التركيبة التجارية والتى تحمل كثيراً من الإبهار البصرى، وإذا كان جاتسبى مأخوذا عن نص أدبى إلا أنه ومع بداية أفلام المسابقة ستجد أن التساؤلات حول الهوية مطروحة بقوة بداية مع الفيلم الفرنسى «جون وجولى» الذى يحمل ترفا فى قضيته إلا أنه يمس المجتمع الفرنسى وثقافته وصولا لفيلم «إيلى» المكسيكى والذى يرصد تساؤلات حول العنف فى المجتمع المكسيكى وعلاقة المواطن ببلده، وأيضاً فيلم صوفيا كوبولا Bling Ring والذى يدور حول عالم مجموعة من المراهقين وهويتهم وكيف تحولهم مدينة النجوم وهى لوس أنجلوس إلى مجرمين.

الفيلم الفرنسى «جون وجولى» تدور أحداثه فى إطار 4 أغنيات و4 فصول، حيث يبدأ المخرج فرانسوا أوزون من فصل الصيف مع عائلة فرنسية تبدو متناغمة إلى حد كبير يقضون فصل الصيف خارج المدينة وعلى أحد الشواطئ مع عائلة صديقة، نرى إيزابيل فتاة شديدة الجمال فى مرحلة المراهقة وهى معجبة بجار ألمانى يدعى ماكس، تحاول جاهدة أن تلفت نظره ويساعدها شقيقها الصغير، إلا أن إيزابيل تجسد بشكل كبير وحى مرحلة المراهقة والتحولات النفسية والجسدية التى يمر بها الشباب فى تلك المرحلة العمرية، كما أنها بعيدة عن أمها وترفض وصايتها طوال الوقت، وتدخل إيزابيل فى علاقة مع ماكس الذى يصفها بالفتاة الغريبة، ولأن العلاقة بدأت بشكل خاطئ، ترفض إيزابيل محاولات ماكس فى التقرب إليها من جديد إلى أن تغادر إلى باريس ويحدث التحول عندما نجد أن فتاة الثانوى قررت أن تمارس الدعارة دون علم والدتها وزوج الأم أو الشقيق الأصغر ويبدأ هذا التحول فى فصل الشتاء، وفجأة يتعرض جون أحد زبائنها والمفضل عندها رغم فارق العمر الكبير بينهما إلى أزمة قلبية ويموت فتكتشف العاملة من خلال البوليس وضع الفتاة وما تقوم به، ويتم تحويلها إلى أخصائى نفسى، وتحاول أسرتها مساندتها، إلا أن من أجمل مشاهد الفيلم مشهد اكتشاف الأم المواجهة بينها وبين ابنتها ومشهد خوفها على زوجها من ابنتها، ونفس الحال بالنسبة لصديقة الأم. الفيلم بالتأكيد حاز على تصفيق القاعة رغم أنه يبدو للثقافات المختلفة والبعيدة عن الإيقاع الأوروبى فيلما شديد الترف، وأن الذى حرك مخرجه كما قال فى المؤتمر الصحفى أنه تعرض لحادث أليم فى المراهقة رسخ فى ذهنه، وجعله يقدم هذا الفيلم، رغم تميز الفيلم فى بعض عناصره الفنية وتحديدا شكل السرد والبناء بناء الدرامى إلا أن بطلة الفيلم marine vach من أجمل اكتشافات الفيلم لأن وجهها معبر جداً، ويحمل الكثير من ارتباك وقلق مرحلة المراهقة وعينها شديدة العمق.

ومن رفاهية القضية الإنسانية التى عالجها الفيلم الفرنسى وتساؤلات بطلته حول هويتها وعلاقتها بجسدها، سنجد أن فيلم «إيلى» إنتاج المكسيك وإمكانياته وهولندا وفرنسا، يبدأ بمشهد افتتاحى بديع ومعبر فى منطقة شديدة العشوائية ومنزل بسيط يدق الباب ليفتح البطل إيلى ليجد مسؤولة من مكتب الخدمات الاجتماعية تسأله عن طبيعة عمله وكم يكسب وعدد غرف المنزل وإذا كان لديهم مياه بالمنزل أم لا؟ وعدد أفراد الأسرة فيخبرها إيلى أنهم أربعة إلا أنه عندما يقوم بعدهم على أصابعه يكتشف أنهم خمسة هو وزوجته وابنه ووالده وشقيقته، تسأله الموظفة هل تتمنى أن تغير وظيفتك فيقول لها لا بحسم فهو سعيد بتلك الحياة ومتكيف معها تمامًا، ولكن ايلى لم يكن يعلم ما يخفيه القدر فشقيقته الصغيرة المراهقة ترتبط عاطفيا بشخص عمره 17 عاما يعمل مع أباطرة تهريب المخدرات ويظن بذكائه انه قادر على خداع هم عندما يسرق أكثر من عبوة كوكايين، ويذهب لإخفائها عند مراهقته الصغيرة، ويكتشف إيلى ذلك بالصدفة عندما تنقطع المياه فيجد أن الخزان مسدود بسبب حقيبة المخدرات، فيأخذها ليلقيها فى أحد مصارف المياه وفجأة تنقلب حياته إلى جحيم، وهى المشاهد التى أجاد المخرج المميز آمات إيسكالانت رسم تفاصيلها ليوضح طبيعة المجتمع المكسيكى والذى صار مقسوما، الفقراء لا يهتم بهم أحد وأباطرة وتجار المخدرات يتحكمون فى مصير من يفكر فقط فى الاقتراب من منطقتهم المحظورة.

ومن أقسى مشاهد الفيلم مشهد تعذيب إيلى وقتل أبيه وأيضًا حبيب الفتاة، الفيلم مرجع فى معالجته الدرامية ويكشف الكثير عن الهوة والفجوة بين المجتمعات والثقافات ورغم أن النقاد أعطوا إيلى 3 نجوم إلا أنه يظل واحدا من الأفلام المتماسكة دراميا، خصوصا وأن مخرجه اعتمد على عدد كبير من الممثلين غير المحترفين.

وبعيدا عن الواقع المؤلم فى المكسيك تأخذنا صوفيا كوبولا أحد أهم المخرجات فى العالم والتى استطاعت أن تحفر اسمها بعيدا عن والدها المخرج الكبير فرانسيس فورد كوبولا، وصارت من علامات مهرجان كان السينمائى، حيث شهد فيلمها Bling Ring إقبالا كبيرا، والفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية عن مجموعة من المراهقين مجانين بالشهرة ومهاويس بالنجوم خصوصا وأنهم يعيشون فى لوس أنجلوس مدينة النجوم، صوفى أجادت التعبير عن هؤلاء المراهقين وتركيبتهم النفسية وتأثير تلك المدينة الضخمة والصاخبة عليهم، وكيف تحولوا من البراءة إلى حالة من الصخب تحاكى المدينة وتتماهى معها بعيدا عن هويتهم، إلى أن تحولوا إلى مجرمين.

لا يختلف الحال كثيرا فى الفيلم الأمريكى «محطة فورتفيل»، وهو الفيلم الذى يؤكد أن العنصرية لا تزال تلقى بظلالها.

وللفيلم حديث آخر وتتوالى أفلام كان، حيث تستمر العروض لـ26 مايو ومازال هناك الكثير عن المدينة والمهرجان وفعالياته المختلفة.









































مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة