"ما يخرج من وتر الربابة يصل إلى وتر القلب".. هكذا كان حال العازفين والجمهور فى الحفل الموسيقى، الذى أقيم فى بيت السحيمى الأثرى بالعاصمة المصرية القاهرة لمجموعه من كبار عازفى "الربابة" فى مصر.
وتضمن الحفل تقديم مجموعة متنوعة من الروائع الموسيقية والتراثية، التى توثق سيرة مصر الغنائية، وتمنع هذا النغم العريق للربابة من الاندثار، بحسب منظمى الحفل الذى أقيم نهاية الأسبوع الماضى.
والرَبَابَة هى آلة موسيقية مصرية قديمة ذات وتر واحد ابتكرها قدماء المصريين، وأكثر من يستعملها هم الشعراء المداحون، لاسيما فى صعيد مصر، وبعدها انتقلت إلى العديد من الدول العربية.
وتصنع الربابة من مكونات البسيطة، مثل خشب الأشجار وجلد الماعز أو الغزال وشعر الخيل.
وفى بيت السحيمى الأثرى، تنوع الجمهور بين سائحين غربيين، ومواطنين مصريين من سكان شارع المعز لدين الله الفاطمى ومنطقة الأزهر الشريف القريبتين شرق القاهرة، واللذين تفاعلوا مع موسيقى الربابة وإنشاد برعت فيه الفرقة الموسيقية، بقيادة عازف الربابة المعروف سلامة متولى.
وبجانب الربابة، عزف أعضاء الفرقة، وهم سبعة، على آلات موسيقية أخرى، مثل الطبلة، والرق، والناى.
وتنوعت أغانى الفرقة بين أغانى تراثية يغنيها المنشدون التقليديون فى صعيد مصر، وبين أغان شهيرة تغنى بها عمالقة الغناء المصرى الراحلون، مثل أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، وغيرهم كثيرون.
وقد عرف العرب 7 أشكال من الربابة، وهى: المربع، والمدور، والقارب، والكمثرى، والنصف كرى، والطنبورى، والصندوق المكشوف.
وبعد الفتح الإسلامى للأندلس (711 م و1492م) انتقلت الربابة إلى أوروبا، وتغيرت تسميتها، ففى فرنسا تسمى "رابلا"، وفى إيطاليا "ريبك"، وفى إسبانيا "رابيل" أو "أربيل".
وعن تنظيم هذا الحفل الموسيقى لكبار عازفى الربابة فى مصر، يقول نبيل بهجت، مدير مركز الإبداع فى بيت السحيمى التابع لصندوق التنمية الثقافية بمصر(حكومى)، إن هذا الحفل "يأتى ضمن جهود الهادفة إلى المحافظة على تراث مصر الثقافى وحمايته من الاندثار".
ويضيف، فى حديث لمراسلة "الأناضول"، أن "إحياء مثل هذه الحفلات فى الأماكن الأثرية، كبيت السحيمي، من شأنه تنمية المستوى الثقافى للسكان المحيطين بهذه المراكز، ولاسيما أنه تم إمداد هذه المراكز بكافة الإمكانات التى تكفل لها أداء دورها الثقافى والفنى".
وحول قيمة بيت السحيمى التاريخى، يوضح بهجت أنه "بيت عربى تقليدى فى (منطقة) الدرب الأصفر (بالقاهرة) يتفرع من شارع المعز لدين الله، وقد بنى هذا البيت عام 1648م، وتبلغ مساحته 2000 متر مربع، وسمى البيت باسم آخر من سكنه، وهو الشيخ محمد أمين السحيمى الحربى من مشايخ الجامع الأزهر.. والبيت الآن ملكا للحكومة المصرية".
وبيت السحيمى يتألف من قسمين، القبلى وهو الأقدم، بناه الشيخ عبد الوهاب الطبلاوى عام 1648 م، والقسم البحرى وقد بناه الحاج إسماعيل شلبى عام 1699م، وقد ربط بالقسم الأول.
وهذا البيت مثال للبيوت العربية التقليدية بنكهة قاهرية مصرية، وهو متأثر تخطيطيا بالعمارة العثمانية، التى كانت تخصص الطابق الأرضى للرجال، ويسمى السلاملك، والعلوى للنساء ويسمى الحرملك، لذا فالطابق الأرضى من البيت مخصص كله لاستقبال الضيوف من الرجال، وليس به أى غرف أو قاعات أخرى.