موجة جديدة من العنف تضرب تونس، بعد أن دارت اشتباكات أمس، الأحد، بين قوات الشرطة التونسية مع مئات المتظاهرين من أتباع حركة أنصار الشريعة الإسلامية، بسبب حظر الحكومة عقد مؤتمر الحركة السلفية السنوى، لرفض الثانية الحصول على ترخيص رسمى لإقامة المؤتمر، ولاعتبارات أمنية، حسبماً صرحت الحكومة التونسية.
ووصفت وسائل الإعلام الغربية الاشتباكات التى دارت بين السلفيين وقوات الأمن التونسية بمدينة القيروان بـ"العنيفة"، فى وقت تحاول فيه تونس بناء مؤسساتها من جديد، وكبح جماح الجماهير التونسية، وإطفاء لهيب انتفاضة شعبية قلما عرفتها البلاد، ولكن ما تشهده تونس من اضطرابات سياسية وأمنية، خاصة بعد مقتل السياسى اليسارى شكرى بلعيد، يفرض عدة تساؤلات لعل أهمها: لماذا يرفض السلفيون فى تونس الاعتراف بشرعية الحكومة؟ وهل بلغ العداء بين السلفيين والسلطات درجة المواجهة؟.
فى هذا الصدد، يقول الدكتور يسرى حماد، نائب رئيس حزب الوطن، إن تونس تعتبر دولة علمانية من الطراز الأول، وكان رؤساء تونس السابقون يحاربون التيار السلفى دائماً ويمارسون التضييق عليه بشتى الطرق، مستطردا، "ربما كان المواطن التونسى فى السابق يحتاج إلى تصريح رسمى لكى يصلى فى مسجد بجوار منزله".
ويتساءل د. حماد، "لماذا تصر الحكومة التونسية على منع المؤتمر السنوى لحركة أنصار الشريعة السلفية، فى الوقت الذى تسمح فيه بإقامة حفلات غنائية وراقصة؟!".
ويلفت إلى أن الشرطة فى دول الربيع العربى لا تزال تمارس سياسة الضغط والتضييق على التيار الإسلامى كما كان فى العهود السابقة، خاصة عهد الرئيس السابق بورقيبة، الذى كان يمنع صلاة الجمعة، بحجة أنها تعطل الموظفين عن أداء عملهم، فضلاً عن أشياء أخرى يعلمها الجميع.
ويؤكد د. حماد على ضرورة أن تراعى الحكومة التونسية مسألة الحقوق والحريات، خاصة فيما يخص التيار الإسلامى الذى عانى طويلاً من التعاملات القاسية والغاشمة للأجهزة الأمنية.
أما الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، فيرى أن مؤشرات المواجهة بين السلفيين والسلطات التونسية بدأت تلوح فى الأفق، ما لم تتخذ كل الأطراف حذرها لمنع التصعيد، موضحاً أن الإصرار على تطبيق الشريعة الفورى قد يدخل البلاد فى أزمة كبيرة، لا أظن أن حزب النهضة الحاكم مستعد لها الآن.
ويشير د. نافعة إلى أن السلفيين فى كل مكان قضيتهم الأساسية تطبيق الشريعة الإسلامية، وفى تونس وبعد مقتل اليسارى شكرى بلعيد الشهور الماضية حدث تكتل ليبرالى ويسارى دفع حزب النهضة إلى تحديد مواقفه أكثر من باقى التيارات الإسلامية الأخرى، حتى لا يتم تصنيفه ضمن جهة معينة دون الأخرى.
ويلفت د. نافعة إلى أن المشكلة فى تونس تكمن فى عدم وجود نظام سياسى استقرت قواعده حتى الآن، وهى مشكلة خطيرة قد تؤثر على بناء النظام التونسى الجديد بشكل قد يربك الجميع.
وكانت قوات الشرطة التونسية قد اشتبكت الأحد مع مئات المتظاهرين من أتباع حركة أنصار الشريعة الإسلامية التى حظرت الحكومة عقد مؤتمرها السنوى، حيث اندلعت أعمال العنف فى مدينة القيروان بوسط البلاد، وفى العاصمة تونس.
وتأتى هذه الاشتباكات بعد يوم من قرار الحكومة حظر إقامة المؤتمر السنوى للحركة فى مدينة القيروان التاريخية، مؤكدة أنه يشكل تهديداً للأمن العام.
وأفادت الأنباء الواردة من تونس بمقتل شخص وإصابة 14 آخرين فى اشتباكات بين أتباع حركة أنصار الشريعة السلفية وقوات الشرطة فى ضواحى العاصمة تونس، وذكرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن شابا قتل خلال المواجهات.
وقال راشد الغنوشى، رئيس حزب النهضة فى مؤتمر صحفى الأربعاء بمقر الحزب بالعاصمة، "نحن نؤيد إصرار الحكومة على تطبيق القانون بشأن مؤتمر تنظيم أنصار الشريعة، فلا أحد فوق القانون فى دولة القانون".
وكان تنظيم أنصار الشريعة أعلن عن مشاركة آلاف الأشخاص فى تجمعه المقرر الأحد بمدينة القيروان (وسط) التاريخية (أسسها عقبة بن نافع سنة 50 هجرية).
وأكد الغنوشى أن "العنف تحت غطاء الدين لا شرعية قانونية ولا إسلامية له"، مضيفا أن "أسوأ أشكال العنف ما يمارس باسم الدين".
وتواجه تونس، منذ ثورة 14 يناير 2011، تنامى مجموعات سلفية متطرفة، وسط اتهام المعارضة للإسلاميين الذين هم فى الحكم بالتراخى فى مواجهة هذا التيار السنى المتطرف.
ونفذت هذه المجموعات المتشددة العديد من الهجمات العنيفة، بينها الهجوم على السفارة الأمريكية فى تونس فى 14 سبتمبر، الذى خلف أربعة قتلى وعشرات المصابين.
اشتباكات السلفيين والشرطة التونسية تثير قلق السياسيين فى مصر.. يسرى حماد:الشرطة فى دول الربيع العربى لا تزال تمارس التضييق على السلفيين.. ونافعة: الإصرار على التطبيق الفورى للشريعة يدخل البلاد فى أزمة
الإثنين، 20 مايو 2013 01:33 م