الأمس حينما عدت من الخارج أحسست بالتعب الشديد، فقد كان يومى مليئا بالأشغال وأننى بشر، ولست بالة من حديد، فتناولت غذائى وسرت إلى النوم، ولم تكتمل غفوتى حين تذكرت أننى سهوت عن صلاة العشاء وإقامة فريضة الله كم أنا من بلهاء، فهممت للقيام ولكننى شعرت بالألم وتمردت، وحينها حدثتنى نفسى و تبارز وسواسى وضميرى فى حوار.
فقال الضمير: ألن تقيمى صلاتك فإنها عمادك وهى التى ستحصنك فى حياتك و خير شفيعة لك حين مماتك
فقاطعه الوسواس وقال: إنك تشعرين بالآلام وأنه فرض واحد وإن قمت سيثقل تعبك استمرى فى غفوتك فمحتمل أن تكونى أقمت هذا الفرض وإنك الآن تسيطر عليك الأوهام، استمرى فى نومك فما أجمل الأحلام، وحينها أغلقت جفونى وشرعت فى نومى، ولم تكتمل غفوتى حين استمر الحديث بداخلى فتنبهت له وانتابنى التركيز، فاستمعت إلى ضميرى وهو يقول: إنك الآن تشعرين بالألم فإنك ببشر، ولست بصنم فلا تستمعى إلى هذا الوسواس فإنه عدم، فإن فعلت فإنك ستشعرين حتما بالندم.
وحينها كذبه الوسواس وقال: أنا من أبحث لك عن السعادة وسأمنحك بلا شك لذة السنين وإنك إذا استمعت إلى هذا الضمير فسوف تحيى حياة شقية وستحيى عمرك كله من المحرومين، و ستكونين حتما من الخاسرين، فضحك الضمير ساخرا و قال متعجبا: أتقول خاسرين؟!
فرد الوسواس: بلى.
فرد الضمير بحدة مستنكرا: أأنت من يتكلم عن الخاسرين وأنت أول الخاسرين.
فقال الوسواس: لا فإننى ربحت الدنيا وملذاتها وإننى الآن أحيا لسعادة الإنسان فى الحياة وأمنحهم البسمة والسعادة المفقودة.
فقال الضمير مستنكرا: إنك تتحدث عن الفانية، فهل حقا تبحث لهم عن السعادة وهل أيضا ستجعلهم سعداء وأنت موجود فى هذه الدنيا لتجعلهم متمردين و ما أنت لهم غير جالب للشقاء.
فرد الوسواس ضاحكا وقال: فإننى خير مسيطر عليهم، وإن من يسير معك ما هو إلا بشخص مجنون فإنه يترك الحياة وملذاتها فسيستمر شقاؤه و سيندم بعد ما تمر السنون.
فرد الضمير وقال: لم النقاش معك وأنت من يتصل فيك الجنون ومن يدفعهم أيضا إلى هذا الجنون فأنا الشىء الذى أفرق لهم بين الشك واليقين، وأبعدهم عن صخب الحياة الفانى وأحصنهم من الفتون، فإننى دائما أرمز للحق و قد أوجدنى الله لأبعدهم عن شركك وإن من يتبع طريقى فإنه يتبع طريق الله وهو خير المؤمنين وبلا شك سيسعد فى الدنيا وسيمنحه الله الراحة ولذة السنين.
وحينها استغفرت ربى وهممت إلى إقامة صلاتى فهى كما قال الضمير عماد لحياتى فيارب اجعلها نورا لى فى قبرى وشفيعة لى بعد مماتى، وحينها أحسست بزوال الآلام وتلاشت عنى تلك الأوهام، ثم سرت إلى نومى المرغوب وأنا أشعر بالاطمئنان وحينها قال لى ضميرى، اسعدى واشعرى دائما بالأمان فإنك حتما من أهل الجنان.
