كشفت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، فى عددها الصادر اليوم الخميس، عن عمليات الاختطاف والتعذيب والقتل التى يتعرض لها المهاجرون الأريتريون، والسودانيون وغيرهم الذين تركوا بلادهم بحثا عن حياة أفضل.
وأوضحت فى التحقيق الذى أعده جيفرى فلشمان، يروى أحد الشباب من أريتريا قصة تعذيبه، مستعرضا آثار التعذيب بالكهرباء والكدمات الزرقاء الناجمة عن تكبيله بقيود حديدية وآثار حروق إثر إسقاط قطرات الشمع الساخن على ظهره. وبعدما هدده خاطفوه بدفنه فى الرمال كما فعلوا ما غيره، اتصلوا بأسرته فى أريتريا يطلبون فدية تقدر بثلاثين ألف دولار مقابل حريته، ولكن أباه أخبرهم أنه لا يحلم أساسا بامتلاك هذا القدر من المال.
وكان فرزغى جرمدهن قد غادر قريته قبل 15 شهرا، بحثا عن عمل أفضل كسائق أو عامل بالسودان، ولكنه اختطف وتم تهريبه لمصر عبر قناة السويس وتسليمه للبدو فى سيناء.
ويضيف معد التحقيق أن جزيرة سيناء كانت منطقة خارج السيطرة طوال الوقت ولكنها بعد الثورة وخلع الرئيس محمد حسنى مبارك اختفت منها أى ملامح للنظام، وأصبح المسلحون والمهربون يتجولون بها ويتم التعامل مع الجرائم من خلال القواعد القديمة للعدالة القبلية.
ووفقًا للصحيفة، فإن المهاجرين يتم اختطافهم من أجل الحصول على فدية أو يقتلهم حرس الحدود المصريين وهم يحاولون التسلل لإسرائيل بحثا عن العمل، ومعظم هؤلاء المهاجرين يأتون من أثيوبيا، إريتريا، السودان ومدغشقر.
وأخيرا وبعد أشهر من التعذيب تمكن جرمدهن من الفرار من خاطفيه بصحبة إريترى آخر، تسفليم زورو، والنجاة من التعذيب وهو يقيم حاليا فى منزل آمن بسيناء.
ومن جهة أخرى، تحدث أبو عبدول، أحد مهربى المهاجرين، للصحيفة حول هذه العمليات: "نعذبهم ونطلب فدية ثم يستمر التعذيب للضغط على أسرهم لكى تدفع الفدية. ويموت منهم الكثيرون وهناك العديد منهم مدفون فى هذه الرمال" ونظرا لحركة الرمال الدائمة عثرنا على ثلاث جثث فى الصحراء، كانت ملفوفة بالبطاطين ورغم أن أحد رجال القبائل اتصل بالسلطات لم يأت أحد لتسلم الجثث، وأخبره المسئول عن المشرحة أنه ليس لديه مكان لهم، فأخذ الرجل الجثث فى سيارة ووضعها أمام أحد المستشفيات.
وهناك حالة أخرى لشاب تم إلقاؤه فى قبر مجهول فى الرمال بعد تقييده طوال الليل بالقيود الحديدية، وكان هذا الشاب يعمل فى الجيش الأريترى ولكنه قرر الهجرة للسودان بحثا عن ظروف معيشية أفضل ولكن قبيلة الراشيدة أمسكت به وهى قبيلة تشتهر بتجارتها فى البشر.
فعن تجربته يقول: "وضعونا تحت شجرة بلا ظل لمدة خمسة أيام لا نتناول سوى فتات الخبز، وكنا نحو 13 فردا، ثم عبرنا النيل بالمراكب وصولا لمصر، ثم قسمونا إلى مجموعتين وطلبوا منا فدية كبيرة".
ويقول جريد همن، إنه كان فى البداية مسجونا مع مجموعة أخرى وأنهم كانوا جميعا مكبلين، وكان يتم تعليقهم فى خطافات ويتعرضون للضرب المبرح؛ خاصة أثناء حديث الخاطفين مع أهاليهم وبعدما حاول أهله تحصيل المال وطلبوا مالا من كافة الجيران والأصدقاء تمكنوا من جمع 25 ألف دولار وهو ما كان كافيا لإبقائه حيا ولكنه لم يكن كافيا لإطلاق سراحه. فتم نقله لحجرة أخرى مع آخر من أريتريا تمكنت أسرته من جمع 24 ألفا.
وكان عبدول الذى بدأ العمل فى تهريب المهاجرين إلى إسرائيل فى 2009 قد ترك هو الآخر آثار التعذيب على مخطوفيه معللا ما يقوم به قائلا: لا يوجد عمل مربح هنا، فيمكنك زراعة القمح أو الماريجوانا أو التجارة فى السلاح والعبيد، ولا توجد حكومة هنا، والشرطة تزعجنا. وبعدما اشتهرت بقدرتى على تهريب المهاجرين إلى إسرائيل، أصبحت تأتينى مجموعات كبيرة من الأفارقة تتكون كل منها من 80 إلى 90 فردا.
وبعد الثورة المصرية، وحالة الفوضى التى سادت شبه جزيرة سيناء، يقول عبدول إنه أصبح أكثر عنفا حيث يضرب المهاجرين ويطلب فدية من عائلاتهم. فيقول: "قبل الثورة كان يمكن الإبلاغ عن عمليات التعذيب تلك، ولكن ليس هناك قانون الآن فيمكنك ذبح أى أحد يعارضك. كما أننى استطعت أن أكسب 700 ألف جنيه مصرى بعد الثورة.
ولكن عبدول يقول، إن القواعد تغيرت بعد تزايد قوة المسلحين الإسلاميين فى شبه الجزيرة حيث إنهم يدينون عمليات التهريب البشرية وطالبوه بالتوقف وإلا سيتعرض للقتل".
بعدما تمكن جرمدهن من الفرار وصل إلى مسجد يديره شيخ يأوى نحو 300 أفريقى، تظهر على أجسامهم آثار التعذيب كانوا يقيمون عنده لفترة كضيوف ثم يتم تسليمهم للمنظمات الإنسانية.
ورغم ما تعرض له، لا يرغب جرمدهن فى العودة لمنزله. فلا يوجد هناك سوى الفقر والعمل فى الجيش، فهو عازم على مواصلة البحث.
لوس أنجلوس تايمز ترصد تعرض المهاجرين للتعذيب والموت فى سيناء
الخميس، 02 مايو 2013 07:26 م
صورة أرشيفيه
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة