
«الاستقطاب السياسى والانهيار الاقتصادى».. أربع كلمات تلخص الأزمة الحالية فى مصر، من وجهة نظر ميشيل ديون، وناثان براون، وهما اثنان من أساتذة العلوم السياسية فى واشنطن، ومن المتابعين لمصر وثورتها منذ بدايتها، وأيضا راقبا التغيرات التى طرأت عليها خلال السنوات التى سبقت ثورة يناير.
ميشيل ديون هى مديرة مركز رفيق الحريرى للشرق الأوسط، وشغلت عدة مناصب دبلوماسية بالسفارة الأمريكية فى القاهرة، وعملت أيضا لدى وكالة الأمن الوطنى الأمريكية.
أما ناثان براون فهو أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الخارجية بجامعة جورج تاون فى واشنطن، إلى جانب عمله بمعهد ﻛﺎرنيجى للسلام. لقاء خاص جمعنى بكليهما فى جامعة جونز هوبكينز بواشنطن بمشاركة مجموعة من أساتذة العلوم السياسية، وطلاب أمريكيين وعرب من المهتمين بالشأن المصرى. ويتلخص الوضع فى مصر الآن من وجهة نظرهما فى عدة نقاط، أبرزها خطايا المجلس العسكرى، والطريقة الخاطئة التى يدير بها الإخوان السلطة فى مصر. وبدأت ميشيل ديون حديثها بتناول حالة الإحباط التى يعيشها المصريون الآن، قائلة: «الثورة فى بدايتها كانت سهلة بالمقارنة مع باقى الدول، وهذا ما خلق حالة من الإحباط الآن، لأن المصريين توقعوا تحسن الأمور بشكل سريع، وهذا الآن ما جعلهم فى حالة صدمة».
ميشيل ترى أن الجيش المصرى صاحب الفضل فى ألا تتحول الأمور فى مصر إلى صراع مسلح، كما حدث فى سوريا وليبيا، لكنها ترى أيضا أن الجيش، متمثلا فى المجلس العسكرى، ارتكب مجموعة من الكوارث أثناء توليه السلطة بعد تنحى مبارك.
وترى أن أبرز الأخطاء هو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية أولا، ثم وضع الدستور، وهذا أمر كارثى لأن معناه سيطرة فصيل سياسى على البلد، ثم يضع قواعد اللعبة والعملية السياسية منفردا، كما أن المجلس العسكرى لم يفكر عندما تولى السلطة فى وضع حرج أن يحدد خطة اقتصادية لإنقاذ الاقتصاد المصرى، واعتمد فقط على اعتقاده الخاطئ بأن مصر كبيرة جدا، وأن دول الخليج ستدعمها بالكثير من الأموال لتحافظ على اقتصادها وتحل أزماتها، «لكن هذا ليس صحيحا، والآن البلد فى وضع اقتصادى خطير» كما تؤكد ميشيل.
وأضافت قائلة: «حتى أكون عادلة، المجلس العسكرى اتخذ قرارات جيدة مثل رفض تأسيس أحزاب على أساس دينى، ومنع استخدام الشعارات الدينية فى الانتخابات، لكن حتى القرارات الجيدة لم تحترم». وعن الفترة الحالية تقول ميشيل: «الإخوان مع وجود مرسى فى السلطة يرتكبون أخطاء فادحة، تجسد أبرزها فى عملية وضع الدستور، وإقصاء جميع القوى السياسية وفصائل المجتمع المختلفة».
أما الأزمة الثانية التى تؤثر سلبا على الاقتصاد- كما ترى ميشيل- فهى الأمن، والتى تعتبرها «أزمة مزدوجة، فمن جهة عامة الشعب لا يشعر بالثقة تجاه الشرطة، وفى الوقت نفسه الشرطة لا تشعر بالدعم لتمارس عملها». أما مشكلة الإخوان- كما تقول ميشيل- فهى أن «الإخوان يمارسون السياسة حتى الآن كأنهم معارضة، ومصابون ببارانويا الاضطهاد، ويقولن نحن مضهدون والجميع ضدنا، وهم أيضاً خائفون من العودة للسجن».
وعن مستقبل الإسلام السياسى يقول ناثان براون: «الإسلام سيظل يلعب دورا مهما فى السياسة الداخلية فى مصر»، مؤكدا أن النموذج التركى لا ينطبق على مصر، مرجعا ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها «أن الإسلاميين فى تركيا لديهم خبرة سياسية، على عكس الإخوان المسلمين فى مصر، والذين لا خبرة سياسية لهم، والرئيس مرسى الذى خرج من السجن إلى الرئاسة».
وعن ذكرياته مع الثورة المصرية يقول ناثان: «أعظم لحظة والتى أحب أن أتذكرها دائماً خلال الأيام الأولى للثورة مراسل الجزيرة يجرى لقاء مع متظاهر بالتحرير، سأله ما مطالبك؟ كنت أتوقع أنه كأى شاب سيطالب بفرصة عمل ومعيشة أفضل، لكنه قال أريد دستورا جديدا ينهى سيطرة السلطة التنفيذية. بالنسبة لى قلت وقتها هذا هو مستقبل مصر.