بعض الإخوة يفكرون فى مرحلة ما بعد مرسى والإخوان، وكأن رحيله عن سدة الحكم بات أمراً مقرراً لا شك فيه.
هم يستندون فى توقعاتهم إلى حالة الفوضى المتزايدة و"الشوشرة" التى تشهدها الساحة السياسية والمليونيات المتعاقبة، بداعٍ وبغير داع، ثم حالة الضجيج الإعلامى وتصيد الأخطاء وتضخيم بعضها ليبدو المشهد السياسى فى النهاية عبثياً شديد الالتباس، مما يخلق انطباعاً بأن الرحيل آتٍ لا محالة.
البعض يتجاوز مرحلة التوقع ويبدأ فى طرح أسماء بعينها يرى من وجهة نظره أنها الأحق بمقعد الرئيس، لكن خياله لا يسعفه، فيشير من جديد إلى ذات الأسماء المطروحة على الساحة، منذ رحيل مبارك المفاجئ بداية من البرادعى وصباحى وأبو الفتوح وموسى وصولاً إلى خالد على وأبو العز الحريرى، متجاهلاً ربما عن عمد أن أغلب هذه الأسماء قد خاضت بالفعل اختباراً لشعبيتها، وأنها قد خرجت من الدور الأول بشعبية هزيلة أمام شعبية الأخوان الكاسحة.
حتى البرادعى، وهو الشخصية الأكثر بروزاً فى هذا الطرح الكوميدي، قد آثر السلامة وانسحب فى وقت مبكر ذكاءً منه وإدراكاً بأن حظوظه لاتوفر له ضماناً أكيداً لاكتساح صناديق الاقتراع، فاكتفى بأن يلعب دور غاندى فى السياسة المصرية فيرصد وينظّر ويلهم ويلاحظ، ولاشئ فوق ذلك، فالرجل ليس مقاتلاً بطبعه، وهو قد تعود أن يوسع له الطريق وأن تفرش له السجاجيد الحمراء، وأن يلتقط من طبق السياسة مايشاء بالشوكة والسكين، وهذا الحال ليس له طاقة بالزحام والتدافع بالذراع والمنكب ولا طاقة له بأخلاق الزحام.
البعض يتجاوز ذلك كله بطرح استبيان رأى أو استفتاءات على صفحات "الفيس بوك" يضع فيه البرادعى فى الصدارة وحوله بعض الأسماء التى يظهر بجانبها البرادعى قامة لا يمكن التطاول عليها فضلاً عن تجاوزها.
ووسط هذه الحمى من التوقعات والمزايدات يتناسى الجميع استحقاقات الديمقراطية، وأنها مثل الدواء المر لا بد من تجرعه حتى النهاية، فمرسى لم يسقط علينا من السماء، ولم تنشق عنه الأرض، وإنما جاء عبر آلية ارتضيناها جميعاً بشكل عام حتى لو كرهنا الظروف المؤدية إليها أو ثبت لنا فى ما بعد خطئها،
على أن هذا الضجيج الذى يحيط بنا لا بد أن يفتح أعيننا على حقيقة هامة وسؤال أكثر أهمية، فالحقيقة أن القماش الذى على مرسى أو غيره أن يفصل منه ثوب الوطن قماش متهالك "وشايط" فضلاً عن أنه لا يصلح لتفصيل طاقية للرأس لا جلباباً فضفاضاً فتكون النتيجة أنه يفضح أكثر مما يستر.
وأما السؤال المطروح فهو سؤال بديهى تقتضى قواعد الإنصاف أن نطرحه بكل حيادية وصولاً إلى فكرة تصالحية يلتف حولها جميع الفرقاء، إذا كان الهدف الأسمى لهم جميعاً أن ينهض هذا الوطن من كبوته التى طالت أكثر مما ينبغي.
هل المهم هو شخص الرئيس أم مواصفاته؟
بمعنى هل من الضرورى أن يأتى زيد أو عبيد تحديداً ومن هذه الأيديولوجية دون سواها. أم المهم هو أن تكون للرئيس مواصفات ترضى الجميع دون استثناء؟
وقبل أن أترك لكم الإجابة عن هذا السؤال سأطرح إجابتى الشخصية، لعلها تلقى الضوء أكثر على فكرة هذا المقال، فأنا على سبيل المثال لست متمسكاً بأن يكون الرئيس من جماعة الأخوان، بل إن ديانة الرئيس ذاتها لا أضعها كشرط لدخول الانتخابات ما دام يتمتع بخبرات إدارية وسياسية ورؤية مستقبلية ومنهجاً واضحاً يضعنا من خلاله فى مصاف الدول المؤثرة فى خريطة العالم، لأن هذا هو دور مصر وقدرها وليس منحة أو منة من أحد، الرئيس يجب ألا ينتمى لجماعة دينية أو لحزب ذا توجيه دينى، وأن يكون ما يطرحه من رؤى قابل للتحقق وليس بضعة مفاهيم هلامية عن النهضة والتطوير والحكم بالحب أو الطائر ذو الأجنحة ولا القرد والقرداتى، وبكل تأكيد دون الحمامة والثعبان.
رؤية واضحة بتوقيتات محددة وفق خطة زمنية محددة فى إطار مشروع قومى يلتف حوله الجميع بمجرد انتخاب الرئيس، ويكون الخروج على الرئيس أو إحداث ضجة فى الشارع قبل موعد الاستحقاق الانتخابى القادم جريمة تستوى والخيانة العظمى للوطن، فهل ترون أن الوقت الآن مناسب لتغيير مرسى؟ أم أن حقه علينا أن نتركه لنهاية مدته ثم نحاسبه بعدها حساباً عسيراً على ضوء ما نتفق عليه من مواصفات للرئيس؟
الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
يسرى الجنيدى
على فكرة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبداللطيف أحمد فؤاد
كاتب رائع وطبيب الادباء واديب الأطباء مرحبا بك فى بيتنا اليوم السابع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمدعبدالعال
تتساقط علينا الوطنيه من بلاد الفرنجه
عدد الردود 0
بواسطة:
رأفت فؤادجمعه
lمقال رائع لطبيب واعي وأديب محنك
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد غلبان
الصعود الى الهاويه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد احمد
برافو .... ولكن
عدد الردود 0
بواسطة:
منصور فؤاد منصور
تتغير الوجوه والجماعة باقيه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد احمد شيخون
الله الحكم والحاكم