نفى المهندس أسامة كمال، وزير البترول والثروة المعدنية، اليوم الخميس، ما أثير حول قيام قبرص الجنوبية وإسرائيل بعمليات تنقيب واستخراج للغاز الطبيعى بالحدود المصرية.
وقال كمال، فى مقابلة مع وكالة الأناضول للأنباء، إن جميع الجهات الرسمية فى مصر، لن تسمح لأحد بانتهاك حدود البلاد البحرية، وهى قادرة على الحفاظ على هذه الحقوق والثروات الطبيعية فى أى مكان، مؤكداً أنه لا توجد حالياً أية بوادر لصراعات مستقبلية بين دول شرق البحر المتوسط، بسبب عدم ترسيم الحدود البحرية فيما بينها، أو بدء البعض فى التنقيب عن الغاز.
وكان باحثون مصريون أثاروا فى شهر مارس الماضى، موجة من النقاش عقب قولهم إن حقلى "لڤياثان" الإسرائيلى و"أفروديت" القبرصى، باحتياطيات تُقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار، يقعان فى المياه المصرية، لوجودهما بالسفح الجنوبى لجبل "إراتوستينس" الغاطس المثبت مصريته منذ عام 200 قبل الميلاد، إلا أن وزير البترول قال "جهات الدولة المختلفة، لديها خرائط رقمية، يتم تحديثها بشكل يومى، لتبين أى اختراق لحدودنا البحرية".
وأضاف كمال "عند طرح أى مزايدة دولية فى منطقة حدودية يتم الرجوع إلى الجهات المختصة، مثل وزارة الخارجية، وهيئة المساحة العسكرية والهيئة البحرية والأمن القومى، للحصول على بيانات هذه الخرائط بشكل دقيق"، مؤكدا "لا يمكن لشركات البترول الدولية العاملة فى المياه العميقة فى البحر المتوسط، والتى تقوم بتحريك حفارات بشكل يومى، أن تغامر وتنتهك مياها إقليمية لدولة أخرى"، مشيراً إلى أن حركة تغيير مسارات هذه الحفارات تتطلب إبلاغ السلطات المعنية بإحداثياتها لمنع تكرار حصول كوارث اقتصادية.
وحول خطة الحكومة للتعامل مع ملف دعم مشتقات البترول، قال كمال، "سنطبق الكروت الذكية فى توزيع المواد البترولية، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، ومواجهة عمليات تهريب السولار خارج البلاد أو بيعه فى السوق السوداء بأسعار مرتفعة".
وأضاف، "الحكومة تضخ مواد بترولية بقيمة 20 مليون جنيه فى الساعة، فيما يصل الدعم إلى 13 مليون جنيه من هذه القيمة، لذا لابد من إيجاد آلية لضمان وصول الدعم لمستحقيه".
وتابع، "دعم المواد البترولية يصل إلى 120 مليار جنيه فى العام، يتسرب منه ما يتراوح بين 20 و25 مليار جنيه إلى السوق السوداء، وهذا مبلغ كبير جداً يمكن استخدامه فى أولويات أخرى، مثل تطوير التعليم ووسائل النقل العام أو البنية الأساسية"، مضيفاً "ليس من المعقول أن تحصل السيارات الفارهة أو التابعة لهيئات دبلوماسية أو جمارك على الدعم".
وأشار إلى أن هناك سيارات لا تستحق الدعم تحصل على ما يعادل 700 جنيه أو يزيد شهرياً، كدعم للوقود، فى حين أن هناك مواطنين يحصلون على معاش ضمان لا يتجاوز 100 جنيه فى الشهر"، موضحاً أن سيارات الأجرة أو الميكروباص أو النقل، ستحصل فى المقابل على الكمية التى تتطلبها يومياً، فسائق الميكروباص، على سبيل المثال، يحتاج ما بين 50 و60 لتر سولار يومياً".
وأشار إلى أن سيارات السياحة ستحصل على الوقود بالسعر المدعم، وسيتم دفع فرق السعر من صندوق دعم السياحة الذى أنشأه وزير السياحة لحين استرداد قطاع السياحة عافيته وإلغاء الدعم له.
وقال إن تطبيق نظام الكروت الذكية فى توزيع الوقود سيكون له أيضاً مردود أمنى، فيوجد عدد كبير من السيارات والمركبات المتحركة غير مرخصة، وتمثل خطورة بالغة على المواطن فى الشارع، مثل "التوك توك"، وهى دراجات نارية بثلاثة إطارات يمكنها نقل عدة أشخاص ومنتشرة بشكل واسع فى المناطق الشعبية فى مصر.
وأضاف، "تطبيق برنامج الكروت الذكية، من شأنه أيضاً تعزيز الرقابة على نقل وتوزيع الوقود، بدءاً من خروجه من المستودع الرئيسى أو الفرعى إلى محطات التموين ثم إلى المستهلك".
وقال، "سيتم منح سائق الشحنة كارتا ذكيا من الشركة، يتحمل بمقتضاه مديونية الشحنة بالكامل على هذا الكارت، ولسداد هذا المبلغ لابد من تسليم الشحنة بالكامل إلى المحطة، لكى يقوم بتصفير رصيد هذه المديونية، وبذلك نضمن ألا يتم تهريب الوقود كمرحلة أولى".
وأضاف، "المرحلة الثانية من الرقابة تتمثل فى توزيع السولار من محطة التموين إلى المستهلك، حيث تنقل المديونية من سائق الشحنة إلى عاتق محطة التموين بعد تسليمها".
وأوضح أن كل مستهلك يحصل على المنتج المدعم من خلال الكارت الذكى الخاص به سوف ينقص من مديونية صاحب المحطة، ولو تم تسرب أى كمية من الوقود المدعم، سيسددها صاحب المحطة، والهدف من ذلك هو إحكام الرقابة والحد من السوق السوداء.
وقال، "لو تم بيع 80% من الوقود المدعم من خلال الكروت الذكية فقط، فإن 80% من قيمة الشحنة سيتم خصمها فقط من مديونية صاحب المحطة، أما الباقى فسيكون ملزما بسداده بالأسعار الحرة".
وأضاف وزير البترول المصرى، "بتطبيق منظومة الكروت الذكية، فإن دعم المواد البترولية سيبلغ 100 مليار جنيه تعادل 14.4 مليار دولار، بينما سيتخطى 145 مليار جنيه حال عدم تطبيقها".
وقال، "فى حال نجاح الحكومة فى التحكم بمنظومة تداول الوقود، قد لا نكون فى حاجة إلى استيراد أى منتجات بترولية".
وأضاف أن مصر تنتج النافتا، والتى تعد المادة الخام المستخدمة فى إنتاج البنزين، وكذلك المواد الأخرى، التى تضاف له كى يتم تصنيفه إلى بنزين 80 أو 90 أو بنزين 92.
وقال، "نستورد فقط 30% من البنزين، كما ننتج حوالى 70% من استهلاك السوق من السولار، ولكن نستورد بعضاً من المواد المضافة إليه".
وحول المفاوضات الأخيرة التى تجريها مصر لسد النقص من مشتقات البترول، أكد كمال أن جميع المفاوضات، التى أجراها خلال زيارته لقطر والعراق وروسيا وليبيا تتجه إلى تدبير بعض التسهيلات الائتمانية وزيادة الكميات البترولية الموردة بقدر الإمكان، خاصة أن تراجع التصنيف الائتمانى لمصر يزيد مصاريف الاعتمادات المالية التى يتم فتحها لشركات البترول الموردة.
وقال إنه ليس مسئولاً عن التصريحات التى صدرت عن الجانب الروسى، بأن روسيا ستسدد أعباء مصر للأوروبيين مقابل توريد كميات من الغاز للسوق المصرى. وأضاف، "تصريحات وزير الطاقة الروسى شهدت بعض الأخطاء من المترجمين الروس إلى العربية، لكن قام المترجمون المصريون بتصحيحها".
وتابع أنه طرح على الجانب الروسى توريد خام لتكريره فى مصر، فى ظل وجود طاقة استيعاب إضافية فى معامل التكرير، مع تسهيلات ائتمانية، ونفس الأمر بالنسبة لليبيا والعراق.
وأضاف أن طلب مصر كميات كبيرة من الخام من أكثر من دولة لرغبتها فى عدم الاكتفاء بدولة كبديل عن الأخرى، لأن الكميات المطلوبة كبيرة وتصل إلى نحو 10 ملايين برميل من الخام شهرياً.
وقال، "تم الاتفاق مع العراق وليبيا على نصف الكمية، ونحاول تدبير باقى الكمية من دول أخرى لتنويع مصادر الإمداد وتأمينها".
وبشأن استيراد مصر النفط من طهران، شدد الوزير المصرى فى مقابلته مع الأناضول، على أنه لم يتم طرح استيراد النفط من إيران أثناء زيارة د. عصام الحداد، مساعد الرئيس المصرى للعلاقات الخارجية إلى إيران مؤخرا.
وقال، "نشترى خام النفط من أى جهة بطريقة شرعية وقانونية، دون أن ندخل فى تعقيدات قانونية أو عقوبات مفروضة على بعض الدول".
وعرض وزير البترول، خلال مقابلته مع الأناضول، حقائق حول الاكتشافات الجديدة فى مجال البترول والنفط بدءاً من يوليو 2012 حتى الآن.
وقال، "هناك 43 كشفا بتروليا وغازيا، ولكننا لم نعلن عنها بشكل كبير، وتم وضع 23 اكتشافا منها على خط الإنتاج، وساهم هذا بشكل كبير فى المحافظة على مستويات الإنتاج الحالية".
وأضاف أن إنتاج الاستكشافات فى الغاز، ساهم فى الحد من تراجع إنتاج بعض الحقول، التى تنخفض شهرياً بواقع 80 مليون قدم.
وأوضح "خلال عام واحد ينخفض الإنتاج السنوى من 6 مليارات قدم إلى 5 مليارات قدم من الغاز، وعندما نستطيع أن نحافظ على هذه المعدلات فهذا مؤشر جيد".
وقال، "اعتبارا من يونيو المقبل سنغطى مرحلة المحافظة على مستويات الإنتاج بإضافة 150 مليون قدم إضافى، وفى الربع الأول من 2014 سيتم زيادة 300 مليون قدم من الغاز من حقول المناطق البحرية العميقة فى البحر المتوسط".
وأضاف أن الفترة الماضية شهدت ترسية 11 مناقصة للهيئة العامة للبترول، وتم ترسية 8 مناقصات مؤخرا للشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، وهناك 20 مزايدة لشركة الجنوبية القابضة، وخمس مناقصات لهيئة الثورة المعدنية.
وحول مستحقات الشركاء الأجانب على مصر، قال وزير البترول، "سددنا فى الفترة الأخيرة نحو مليار دولار من المديونية السابقة التى تضخمت بعد ثورة يناير 2011، والوزارة ملتزمة بسداد حصص الشريك الأجنبى بعد هذه الفترة".
وقال، " ننتج على سبيل المثال حوالى 27 مليون طن من الزيت الخام، حصة مصر فى هذا الإنتاج تصل إلى 15 مليون طن، والشريك الأجنبى يحصل على 12 مليون طن، ونشترى حوالى 10% من حصة الشريك الأجنبى، وما يقارب من 97% من إنتاج مصر من الزيت والغاز يذهب إلى السوق المحلى، لذا لابد من تسديد قيمة هذه الحصص".
وأضاف "هناك شفافية وجدية فى تسديد حصص الشركاء الأجانب، وإلا فإنهم لن يضيفوا 8.6 مليار دولار استثمارات جديدة فى السوق المصرى".
وفيما يتعلق بملف الثروة المعدنية، قال وزير البترول، "كان هناك مشاكل فى إهدار الثروة المعدنية التى نحاول معالجتها بالقانون الجديد لاستخراج الموارد وتصنيعها فى مصر".
وأضاف أن الآليات التى قامت الدولة على أساسها بتحديد إيرادات الثروة المعدنية فى العام المالى الجديد بما يتجاوز 10 مليارات جنيه، اعتمدت على أساس تطبيق النسب الجديدة لقانون الثروة المعدنية، وأن يورد جميع ثروات مصر إلى مصر وشعبها، مع الاحتفاظ للمقاول بنسبته داخل الاتفاقية.
وقال إن المشروعات الاستثمارية الضخمة فى صناعة مثل البتروكيماويات تحتاج إلى استقرار فى المجتمع والسوق، على عكس المشروعات التعدينية التى تكون فى أماكن بعيدة، ولأنها أيضاً تحتاج تمويلات كبيرة من جهات عالمية فى ظل التصنيف الائتمانى المتراجع.
وأضاف أن المناخ العام لا يشجع على مشروعات كبيرة، ولكن هناك اهتماما وتوجها إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لأنها لا تحتاج إلى استثمارات كبيرة ولا تمويلات أجنبية، وكثيفة العمالة.
وتشهد منطقة شرق البحر المتوسط سباقا محموما بين دوله، خاصة إسرائيل وقبرص "الجنوبية" ومصر، للإسراع فى طرح مناطق للتنقيب عن الغاز فى المياه العميقة فى البحر المتوسط فى ظل التقديرات الكبيرة بتواجد احتياطيات ضخمة من الغاز فى هذه المنطقة.
وقدرت دراسة صادرة عن هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية فى 2010 حجم الغاز غير المكتشف فى هذه المنطقة بنحو 354 تريليون قدم مكعب من الغاز و3.5 مليار برميل من البترول والمكثفات.
"البترول" تنفى تنقيب إسرائيل عن الغاز بالحدود المصرية.. الوزير: لن نسمح بانتهاك حدودنا.. ولم نطرح استيراد النفط من إيران.. والكروت الذكية توفر 45 مليار جنيه
الخميس، 02 مايو 2013 03:49 م
المهندس أسامة كمال
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة