اتسع الحديث بعد الانتخابات الرئاسية عن حكم الأغلبية، وأنه إذا فاز رئيس الدولة بأغلبية فعلى الجميع أن يحترم قرارات وسياسات هذا الحزب الحاكم، وتأسيساً على ذلك انطلق سيل من مشروعات القوانين، لكى يتم تمريرها توظيفاً للأغلبية التى حصل عليها الحزب الحاكم فى البرلمان سواء فى مجلس الشعب المنحل، أو مجلس الشورى.
وفى ظل هذه الأثناء ظهرت ممارسات وسلوكيات للنظام الحاكم توضح عدم الإدراك لمفاهيم وركائز الديمقراطية، فليست الديمقراطية، أن يستبد الأغلبية، أو تقوم نخبة قليلة حاكمة بالدكتاتورية والاستحواذ على كل شئ، وأن مبادئ الديمقراطية تقوم على توافق مجتمعى وتداول للسلطة يشمل كافة القوى السياسية والاجتماعية بشكل يحترم احترام الرأى والرأى الآخر.
إن ما نلحظه فى مصر لاسيما بعد الاستحقاقات الانتخابية، لا يزال هناك غياب لثقافة الديمقراطية، واحترام لقواعد الممارسة الديمقراطية، حيث يقوم الحزب الفائز بالسلطة بتفعيل ما نطلق عليه "هجين التسلطية"، بأن يوظف ما هو حق ليحصل على ما لا يحق له، حيث تقوم أغلبية الحزب الحاكم بتمرير قانون انتخابات جديد، وإعادة ترسيم للدوائر الانتخابية بشكل يجرح من عدالة ونزاهة اللعبة السياسية، بالإضافة إلى انتشارها فى هياكل الدولة التنفيذية، وهو ما تبين بشكل واضح فى التعديل الوزارى الأخير، والذى استهدف أخونة الحقائب الوزارية الاقتصادية، تمهيداً لتمرير مشروع تنمية إقليم قناة السويس، هذا المشروع الذى عمل عليه عصام شرف، وكانت ترفض الحكومة العمل بملاحظاته، وقامت بإطلاقه بعدما قدم استقالته لكى ينسب إلى النخبة المنتمية للإخوان المسلمين، وذلك على غرار مشروع توشكى.
إن المثير للتعجب أنه فى الوقت الذى تم الترويج فيه عن مشروع تنمية مشروع قناة السويس، تم الإعلان عن البدء فى الإعداد لحركة محافظين جديدة، وهو ما يشير إلى أن الحزب الحاكم يعمل على تغيير محافظين، بهدف أخونة المحافظات التى يقطن فيها المشروع.
إن كل هذا يستدعى التساؤل عن لماذا مشروع قناة السويس الآن؟، وهو الوضع الاقتصادى والظروف السياسية، وأعنى هنا الاستقرار السياسى يؤهلنا لذلك، وهل هذا المشروع سيساعد على إنهاء معاناة سيناء والعمل على تنميتها؟، أما أننا ونخلق مشاريع أخرى للهروب من المشكلة؟.
إن فكرة المشروع جديدة، لكن لابد ألا نقف عند الأفكار وبيع الوهم للشعب بل يجب أن يكون هناك قراءة جيدة للقدرات والإمكانيات ومراعاة للظروف الاقتصادية والسياسية التى تمر بها الدولة، فمصر لا تزال فى إطار تفاوضى للحصول على قرض الصندوق الدولى.
إن تنمية مصر لاتتم من خلال حزب حاكم بل من خلال توافق مجتمعى يجمع كل الأطياف السياسية والاجتماعية، وإن مصر تحتاج إلى تذليل الصعاب السياسية التى تقف حيال الوفاق المجتمعى أولاً لكى تعبر المرحلة الانتقالية متكاتفة وموحدة، فكيف نستطيع تنمية إقليم قناة السويس ونحن لم نقدر على حماية أبناءنا على الحدود؟!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة