يرى كاتب مصرى، أن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تنطلق من تصورات دينية لليهود عن "الأغيار" ومنهم العرب.. ولكنه يرفض تحويل الصراع العربى الإسرائيلى إلى صراع دينى.
يقول أحمد عزت سليم، فى كتابه (مملكة داود وسليمان العبرية.. دراسة نقدية فى لاهوت العنصرية الإسرائيلية" إن الرؤى الدينية تحدد الاستراتيجيات العسكرية لإسرائيل وفيها يختلط الأسطورى بالواقعى والماضى بالحاضر، حيث "يصير التاريخ لاهوتا واللاهوت تاريخا" انطلاقا من اقتناع مؤسسى وقادة إسرائيل بأنهم ورثة مملكة داود وسليمان القديمة.
ويضيف "نؤكد أن تحويل الصراع إلى صراع دينى يشكل من الخطورة الكبرى التى تهدد كيان المجتمع العربى وتفضى إلى تغييب حقيقة الكيان الصهيونى العنصرى ككيان استيطانى إحلالى ذى وظيفة قتالية وكقاعدة استعمارية إستراتيجية للغرب".
ويستشهد على ذلك بتسجيل قول تيودور هرتزل أبرز القادة اليهود منذ المؤتمر الصهيونى الأول فى مدينة بازل السويسرية عام 1897 إن "اليهود عندما يعودون إلى وطنهم التاريخى (فلسطين التاريخية) سيفعلون ذلك بوصفهم ممثلين للحضارة الأوروبية".
والكتاب الذى يتزامن مع الذكرى السنوية الخامسة والستين لإعلان قيام دولة إسرائيل فى مايو 1948 يقع 284 صفحة كبيرة القطع وأصدرته الهيئة العامة لقصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة المصرية.
وسليم (58 عاما) ناقد وروائى وباحث له روايتان هما (المقامات) و(الطوراة) ودراسات منها (ضد هدم التاريخ وموت الكتابة) و(قراءة المعانى فى بحر التحولات.. دراسة فى الأدب الشعبى).
ويقول المؤلف إن التصورات الدينية تجعل "من اليهود البشر الوحيدين مركزا للقداسة وتجعلهم الشعب البشرى الوحيد الأسمى والمختار وتجعل الدولة دولة أنبياء ومملكة كهنوت... يصبح الوجود اليهودى والبقاء اليهودى كغاية مرتبطين بنفى الآخر ومحوه".
ويضيف أن "لاهوت العنصرية الإسرائيلية كطاقة مقدسة تؤثر بقوتها العلوية وتفردها العنصرى على ما هو غير مقدس وتصير مبررا للامساواة والاستغلال والحروب... تقف خلف السلوك فى مستوياته المختلفة" التى يقول إنها تمنح المبرر النفسى لسلوك الإسرائيليين تجاه غيرهم وفى مقدمتهم الفلسطينيون والعرب.
وينفى فكرة النقاء العرقى لليهود مشددا على تنوع المستويات الثقافية والعرقية للجماعات اليهودية والأفراد اليهود الذين تتفاوت مستوياتهم العقلية والثقافية تبعا للمجتمعات التى عاشوا فيها فلا يوجد فى رأيه تشابه بين يهود إثيوبيا ويهود غرب أوروبا مثلا.
ويورد سليم بعضا من أدبيات ما يراه عنصرية تجاوزت القادة السياسيين إلى أدباء وشعراء حتى قبل إعلان قيام إسرائيل ومنهم الشاعر الروسى شاؤول تشرنحوفسكى (1875-1943) الذى يقول فى إحدى قصائده.. "نرضع من أنهار الدم رشفة رشفة-قطرة قطرة-نسكر من الحزن ونسكر من الآهات".
ويقول تشرنحوفسكى -الذى يكتب بالعبرية- فى قصيدة أخرى.. "وأجعل سيفى يشرب فخورا من دمهم-وستستحم خطواتى فى دماء الصرعى-وتدوس قدماى على شعر رؤوسهم-سأقطع من يمين وأحصد من شمال-فقد اشتعل غضبى وصار جحيما-لقد ضايقنى كثيرون... لن يبقى أحد بعد المذبحة-نعم سوف أفنيهم جميعا".
ويرى سليم أن "الصراع العربي-الصهيونى هو صراع يتعارض فيه الوجود العربى بالوجود الصهيوني" مضيفا أن ما يسميه الحلول التلفيقية المعبرة عن ميل ميزان القوى لصالح إسرائيل تؤجل حسم الصراع حاليا.
ويضيف أن ما يسميه المواجهة "لا يمكن (أن تكون ذات جدوى) إلا فى إطار الروح النقدية الموضوعية والعقلانية" وهى الرؤية الشاملة لخريطة الصراع العالمى.