السلطة هى تفويض من الشعب للحاكم، وبالتالى الشعب هو مانح الشرعية، شرعية الصالح العام وليس شرعية الاستئثار والإكراه والغلبة ، هكذا بدأت فكرة السلطة أصلاً، وبالتالى حين يخرج الحاكم عن المسار الذى من أجله منح السلطة يكون فى المقابل سلطان الشعب.
لنأخد تلك العلاقة بين سلطة الرئيس وسلطان الشعب على الوضع فى مصر وخاصة مع انتشار حركة تمرد، وبالتالى هنا نطرح عدة أسئلة لفهم ما يجرى الآن، هل يُعيد الرئيس مرسى وجماعة الإخوان وهم فى الحكم أدوات النظام السابق، وبالتالى هناك تشابه بين مناخ ظهور حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغير وحركة تمرد الآن؟، وإلى أى مدى هذا التشابه؟، فى حالة جمع حركة تمرد التوقيعات المستهدفة لهم وهى 15 مليون هل يستجيب الرئيس مرسى ويدعو لانتخابات رئاسية مبكرة؟، وفى حالة سحب الثقة من الرئيس مرسى فى أى شخص قد تطرح الثقة ليصبح هناك رئيس وماهى الآليه؟، السيناريو الثانى وهو فشل الحملة فى جمع التوقيعات المستهدفة هل هذا يعنى تجديد الشرعية للرئيس من وجهة نظر مؤيدى الحملة وبالتالى انفراد الإخوان بالسلطة أكثر وخسارة المعارضة جولة أخرى؟.
لنبدأ بالسؤال الأهم، وهو هل يعيد الرئيس مرسى والإخوان ما كان يفعله النظام السابق؟، من خلال رصد ما حدث من سلوكيات منذ تولى الرئيس مرسى وجماعة الإخوان الحكم فى مصر، نستطيع القول، إن ما فعله النظام السابق فى ثلاثين عاماً يفعله الرئيس مرسى وجماعته فى عام، بعبارة أخرى أن نمط السلوك واحد ولكن شخصيات النخبة متغيرة وندلل على ذلك بالآتى:
- غياب الشفافية وإدارة شئون البلاد السياسية والاقتصادية فى أطر غير رسمية، فلا يعرف أحد طبيعة المصالحات والتسويات مع رجال الأعمال من النظام السابق، ولا المفاوضات مع صندق النقد الدولى وهذا يوضح أن الرئيس وعد كثيراً وأخلف كثيراً لأن الإعلان الدستورى الاستبدادى الصادر فى 21 نوفمبر، أكد على إعادة المحاكمات ووجود نيابة ثورة وكان نتيجة ذلك هى تسويات وتصالحات مع من نهب اقتصاد البلد من أجل مصالح الإخوان لا أكثر.
- تغليب أيديولوجية مغلقة على المصلحة الوطنية من خلال السيطرة الكاملة للجماعة والإقصاء للآخر، وبالتالى مبدأ المشاركة المجتمعية غير وارد عند الرئيس والجماعة وبالتالى هو نفس السلوك الذى مارسه نظام مبارك، فنحن أمام رئيس يتمسك برئيس وزراء ليس لديه أى خلفية سياسية أو اقتصادية، غير أنه مخلص للجماعة والرئيس ومجموعة وزراء ليس لديهم أى شىء يذكر غير أنهم إخوان فقط.
- التوطيف السياسى للأداة التشريعية من أجل السيطرة الآحادية وهذا ظاهر فى مناقشات مجلس الشورى الإخوانى وتمرير قوانين لم يتوافق عليها إلا الإخوان حتى أن بقية تيار الإسلام السياسى مثل حزب النور السلفى غير موافق عليها وهنا نتحدث عن قانون التعديلات الضريبية والصكوك الإسلامية، قانون مجلس النواب، قانون التظاهر، قانون الجمعيات الأهلية، قانون تداول حرية المعلومات.
- تدخل الرئيس المباشر الذى عصف باستقلال القضاء، وقمع الناشطين من الشباب الذين كانوا شرارة الثورة الأولى وهنا أتحدث عن منسق حركة 6 إبريل، أحمد ماهر، الذى أيد الرئيس فى مرحلة الإعادة ضد الفريق أحمد شفيق بهدف إنجاح مسيرة الثورة المصرية، وغياب الإرادة السياسية للرئيس لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية.. إلخ.
- إجمالاً أداء الرئيس والجماعة ضعيف جدا وليس له طابع إلا الاستبداد والاستئثار بالسلطة فقط، وإن كانت حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغير هدفهما إبعاد مبارك المستبد من السلطة والوقوف ضد مشروع التوريث فإن تمرد هدفها وضع الرئيس على مسار الإصلاح أياً كان لتحقيق أهداف الثورة، والتصدى لمشروع أخونة الدولة وبالتالى هناك الحد الأدنى من الأسباب المقنعة لفكرة حملة تمرد، ولكننى لست مع إسقاط رئيس منتخب بالعنف والفوضى إلا عبر آليه انتخابية، ولست مع من لديهم فصام يطالبون بدولة مدنية ويطالبون فى ذات الوقت بتدخل الجيش فى السياسة لإنقاذ مصر أما فيما يخص سيناريوهات نجاح أو فشل تمرد سوف نتناوله من خلال طرح الأسئلة السابقة فى المقال القادم.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد صبحى ابوستيت
تعريفات جديدة للديمقراطية لم نعهدها من قبل
عيشوا فى الوهم