أحمد خيرى يكتب: ما هو سر بكائى؟

الأحد، 19 مايو 2013 09:11 م
أحمد خيرى يكتب: ما هو سر بكائى؟ عصافير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت فى حالى ولم تكن العصافير تثير اهتمامى، ساقها ووهبها لى القدر لتصبح حكايتى أسكن فى الأدوار العليا نقرت على باب البلكونة، وفتحت لها قلبى لجمالها قبل الباب، وقدمت لها حبات أرز نقرت بخوف ونظرت باستعجاب لم تر هذا الحنان والحب والعطف والاهتمام من بشر هذه الأيام، أحضرت لها ماء وتركت باب البلكونة مفتوحا حتى تذهب، كما جاءت وخرجت وعند العودة وجدتها على لوحة مفاتيح اللاب توب تنقر، وكأنها تريد أن تعرف كل شىء عنى تبحث عن رسائلى تفتش عن أصحابى، تقرأ إيميلاتى تقلب صفحاتى تخزن وتحلل لم أهتم وتركتها تعبث بأشلائى، ونشأت بيننا مودة وتفاهم تذهب معى فى كل مكان داخل البيت، تقف على كتفى أثناء عمل الشاى، وتنقر على رأسى أثناء جلوسى أمام الكمبيوتر، وتعض أذنى أثناء الصلاة، وعند النوم تظل تنقر على التليفون بجوارى، لأنها كانت إذا دق التليفون تذهب وتقف عليه، ولا تريدنى أن أتحدث مع أحد غيرها ازدادت حبا لى وازددت حبا لها، أصبحت جزءا من حياتى اليومية أعود ليلا أجدها فى انتظارى تصيح وتصدر أصوات غريبة، وكأنها تحدثنى وتعاتبنى، أقوم بإدخالها للقفص، وأغطى القفص بقطعة قماش حتى لا ترى النور، وتنام وأسهر أنا على الكمبيوتر بدون إزعاج وسبحان الله عندما انتهى وأقوم للنوم تشعر بى وتصدر صوتا فأرد عليها "وأنت من أهله" فتسكت للصباح وفى اليوم التالى صباحا مع إشراقة الشمس أجدها تعبث بشعرى وأذنى توقظنى وتنتظرنى حتى خروجى من الحمام، وتسبقنى للمطبخ.

أفرش السجاد’ لأصلى أجدها تقف أمامى، وتنقر قدمى وعند السجود تفعل مثلى تضع رأسها على الأرض ..ياإلهى ماذا أرى، وارتبطت بها أكثر وأكثر، وهى راضية معى على رأسى وعلى وسادتى وتليفونى ومعى فى كل مكان وحالة، تنظر من النافذة للطيور خارج المنزل وتشدو وكأنها تقول أنا أحسن حالة، وأوفر حظا وسعادة لأنى مع إنسان يحبنى ويقدرنى ويوفر لى الأمان ويحفظ سرى ويقف معى فى شدتى أجده فى وقت حاجتى وترفرف بجناحيها فرحا، وتطير وتعود على رأسى،.. ياااه ما أجمل أن تجد من يفهمك ويقدر ظروفك وتفضفض معه ويزيل عنك هموما وينشرح صدرك وتضحك من قلبك لأنسه، لأنك تعلم أنه لم ولن ينقلب عليك حتى وإن كان بعيدا عنك وليس من جنسك شعور جميل، وإحساس عالى محظوظ من يمتلكه.. حان وقت نزولى إجازة لمصر تركت حبيبتى عصفورتى عند صديقى وعندما عدت سألته عنها كان يقول لى بخير وابنته فرحانة بها، وظل الحال ثلاثة أيام حتى قلت له أريدها، فقال لى لم أريد أن أقول لك الحقيقة لعلمى السابق بحبك لها.. انقبض قلبى ولحقنى بطعنة أخرى وقال لقد ماتت العصفورة.. تمالكت نفسى.. يا راجل بتتكلم جد فأكد لى أنها لم تتناول طعاما ولا شرابا بعد سفرك وتمالكت نفسى حتى أعود للبيت وفتحت الباب ولم أجد من يستقبلنى ويقف على رأسى وجلست على الكرسى وبكيت بكيت كمن ماتت أمه، أو حبيبته أو عزيز عليه واستعذت بالله، وأصبحت أكلم نفسى ما دهاك يا أحمد أتبكى على عصفور والناس كل يوم تموت جوعا وتموت قتلا وتشريدا فى فلسطين والعراق، وفى الصباح خرجت ورأيت عصفورا آخر على سور البلكونة، وتلقائيا قذفته بشنطة بلاستيك كانت فى يدى فطار المسكين مذعورا من وحشية الآدميين وصلابة قلوبهم وأساليب تعذيب الآخرين والتمتع بآلامهم ولا يعرفون أنه سيأتى يوما ويشربون من نفس الكأس، ومن يومين عثرت على قصاصة كنت كتبتها أتحدث للعصفور.
سأحاول جاهدا كل صباح ألا أنظر للهاتف، بل سأتركه فى حجرة أخرى قبل النوم، سأحاول ألا أنظر فى الأفق وأسرح وأتذكر كلماتك وتغريداتك، سأحاول ألا أنظر لصورتك التى أمامى وداخلى، سأحاول ألا أتذكرك حتى لا تشتعل ذرات جسدى وعقلى، سأحاول ألا أنظر لعصفور غيرك، سأحاول البعد عن الأشياء الجميلة البلكونة وقصرية الزرع وشراشيب سجادة الصلاة سأحاول ألا أتكلم مع نفسى عنك، سأحاول ألا أنظر للزهور سأحاول ألا أكون عاطفيا أكثر من اللازم، سأحاول ألا أفرط فى حب إنسان، أو حيوان، أو طير سأحاول أن أكون بخيلا فى مشاعرى سأحاول أن أكون مصلحنجى، سأحاول أن أكون حيوانا، سأحاول أن أكون قبيحا سأحاول.. سأحاول.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة