من قال إن اللغة الأجنبية، وخاصة الإنجليزية، ليست مهمة لأبنائنا، إن العالم فى وضعه الحالى، وآفاقه المستقبلية يتطلب مواطنا مصريا (يتقن العربية، ويجيد الإنجليزية) أما العربية فهى لغته الأم، التى تحفظ تراثه الدينى والثقافى، ويتواصل بها مع أبناء وطنه وبالطبع عليه أن يتقنها على نحو يستطيع معه أن يعبر عن أفكاره بدقة ووضوح، وأن يفهم فى نفس الوقت كل ما يقوله الناس من حوله. وأما الإنجليزية، التى أصبحت فى الواقع لغة عالمية، فهى التى يستخدمها المصرى عندما يغادر وطنه فى المطارات والفنادق، ويجدها فى المؤتمرات ومختلف التجمعات التى تضم العديد من دول العالم. الكل يعرفونها ويتحدثون بها، ويتواصلون من خلالها، وقد شاهدت هذا بنفسى فى كل بلاد العالم التى زرتها، وليس هذا مقتصرا فحسب على الجانب الغربى، بل إنه موجود على نحو واضح فى كل من الهند، والصين، وماليزيا، وهونج كونج، وسنغافورة.. فهم جميعا يمتلكون لغتهم الأم، التى يتحدثون بها فيما بينهم، لكنهم يجيدون الحديث بالإنجليزية مع أى ضيف أو سائح يمر بهم. ولا توجد مشكلة على الإطلاق لدى هذه الشعوب فى امتلاك لغتين، إحداهما محلية، والأخرى عالمية. بل لعل ذلك هو أحد عوامل تميزهم، وتقدمهم العلمى والتكنولوجى لأنهم من خلال اللغة الإنجليزية يستطيعون الاطلاع على أحدث ما ينتجه العلم المعاصر، وتحققه التكنولوجيا المتطورة. والذى أريد أن أوضحه فى هذا المقال هو أن اللغة الإنجليزية لن تطغى أبدا على العربية، مادام يتم تعليمها لأبنائنا بصورة منهجية صحيحة، وبحيث لا تتغلب لغة على أخرى، كما يحدث حاليا فى (دبى) حيث الإنجليزية هى السائدة فى الشوارع والفنادق وبين معظم الناس بينما العربية متوارية فى زوايا منعزلة.
وهناك إشارة تاريخية لمن يريد أن يتأمل، هى أن البريطانيين احتلوا مصر ما يزيد عن سبعين عاما، ومع ذلك فإنهم لم ينشروا لغتهم فيها، ولم يكن هذا الأمر اعتياديا، بل فى يقينى أنه كان مقصودا، لكى لا يتسلح الشعب المصرى باللغة التى تقدم بها الإنجليز وغيرهم، بل إن الإنجليز عملوا أيضا على إضعاف اللغة العربية نفسها، وكانت النتيجة أننا حتى الآن مازلنا نعانى من محاولة الوصول إلى إتقانها على النحو المطلوب.. ويكفى أن أنبه أخيرا إلى أن اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة؛ إذا استقام أحدهما استقام الآخر، والعكس صحيح.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة