رسالة اعتذار لإفريقيا

"السادة الحضور أسمحوا لى ونحن نحتفل اليوم بمرور 50 عاما على إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية والتى تحولت فيما بعد إلى الاتحاد الأفريقى الذى يجمع شملنا، أن أتقدم نيابة عن 90 مليون مصرى باعتذار لكم جميعا.. اعتذار لإخواننا الأفارقة فى كل ربوع القارة على كل تقصير من جانبنا تجاهكم وتجاه شعوبكم، فمصر قصرت كثيرا فى حقكم طيلة السنوات الماضية، وآن الأوان لكى تعود مصر لحضنها الأفريقى الدافئ، وتعودوا أنتم إلى قلب القارة النابض، القاهرة، التى كانت نقطة انطلاق حركات التحرر الأفريقى من الشمال إلى أقصى الجنوب، أننى أعدكم من هنا أن تحتل أفريقيا الأولوية فى خططنا، ويسعدنى أن أعلن أمامكم أننى قررت إنشاء وزارة جديدة لشئون أفريقيا سيخصص لها ميزانية تناسب إمكانياتنا وتطلعاتنا للعمل المشترك معكم".. هذه هى الرسالة التى أود أن أسمعها من الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، وهو يخاطب القادة والزعماء الأفارقة فى قمتهم المقبلة بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، خلال أيام.

مصر بالفعل قصرت كثيرا فى حق أشقائها الأفارقة، لدرجة دفعت العديد منهم للارتماء فى أحضان إسرائيل التى كانت أحن عليهم من مصر، فإسرائيل لم تبخل عنهم بالمال والمعونات والعلم وكل ما تطلبه هذه الدول، فيما بقينا نحن محلك سر، لا نتذكر أفريقيا إلا فى البطولات الكروية، أو عندما تحتدم أزمة مياه النيل، فنسمع عن خطط وأمانى كثيرة لربط مصر بدول حوض النيل، ومساعدات وتبادل تجارى واقتصادى، لكن ما أن تهدأ الأمور حتى تتبخر هذه الوعود وكأننا ضحكنا على أنفسنا.

يا سادة أن أفريقيا هى المستقبل الذى يجب أن ننتبه له جيدا قبل فوات الأوان، فإذا لم نتحرك بكل جهد لترميم قصورنا فى علاقاتنا مع هذه الدول، سنجد أنفسنا خارج الساحة تماما، والترميم لا يكون بالزيارات البروتوكولية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، وإنما بانخراط مصر مرة أخرى فى قضايا القارة، والتعامل بمنطق الندية مع هذه الدول، بدلا من سياسة الاستعلاء التى جعلتنا رهائن للغرب وخسرنا الجنوب، وإذا كان لى أن أبدى للرئيس بنصيحة فإننى أنصحه بالاستفادة من خبرات سيدة عظيمة ستترك وزارة الخارجية خلال أيام إلى مقاعد المعاش، وهى السفيرة منى عمر، مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية، فهذه السيدة لها رصيد هائل من الصداقات والمعرفة داخل القارة السمراء، كما أن لديها أفكار طموحة لإعادة مصر لعمقها الأفريقى، وتحتاج فقط لمن يثق فى قدراتها .