أقولها لجميع الأحزاب والجماعات والجمعيات والائتلافات المتصارعة والمتنافسة على السلطة والراغبة فى العمل السياسى, أقولها من القلب واعتقد أننى أقولها بكل أمانة, أقول إن الشعب المصرى من خلال ثورته الشعبية السلمية حدد اتجاه بوصلته الصحيح نحو خيار الحرية والديموقراطية واحترام الإرادة الشعبية الحرة من خلال صناديق الاختيار الشفافة كوسيلة وحيدة لتبادل السلطة.
الحرية والديموقراطية هى الحل السحرى لمشاكلنا السياسية الناتجة عن طيفنا السياسى الواسع المدى فالأحزاب المتنافسة على السلطة كثيرة ومتعددة الاتجاهات على طيف واسع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. من طيف سلفى يشمل سلفية جهادية إلى سلفية متشددة إلى سلفية معتدلة إلى طيف إخوانى يشمل الوسط والحرية والعدالة والبناء والتنمية ومصر القوية إلى طيف ليبرالى يشمل الغد والدستور والعدل والمصريين الأحرار والوفد والمصرى الديموقراطى إلى طيف يسارى من ناصريين واشتراكيين وقوميين إلى حزب الكرامة إلى السادس من أبريل إلى كفاية إلى التجمع. كل ذلك بالإضافة إلى أحزاب جديدة منبثقة من الحزب الوطنى المنحل ومجموعة كبيرة من الائتلافات الثورية.
كل هذا التنوع السياسى بالإضافة إلى عدد كبير من النقابات والنوادى والمهن الناتجة عن طيف كبير من الجامعات المدنية والدينية والعسكرية. لا يمكن جمع كل ذلك إلا فى وعاء الديموقراطية والحرية التى تسمح بالمشاركة والتبادل السلمى للمواقع والكراسى. كل هذا التنوع بدون ضوابط وآليات الديموقراطية لا محال سيأخذنا إلى الفشل والسقوط المروع فى فخ التناحر والاحتراب.
لا يمكن للشعب أن يتنازل عن حرية انتزعها بدماء أبنائه وشبابه النبيل وأرغم الجميع بما فيهم الرئيس المخلوع ونظامه الفاسد وقواته المسلحة الشريفة وقياداتها الوطنية وبما فيهم العالم كله العدو قبل الصديق على الاعتراف بعدالة مطالبه وحقوقه فى الحرية والديموقراطية والعيش بكرامة.
لابد من الاعتراف أن الثورة أخرجتنا إلى دائرة الضوء والتعددية والخلاف فى الرأى الذى لا يجب أن يفسد للود قضية. الثورة أشعلت الكثير من الحرائق وأظهرت الكثير من الفجوات أجبرت كل حكومات ما بعد الثورة إلى العمل كرجل مطافئ يستنزف الموازنة فى سد الفجوات والسيطرة على الاحتجاجات الفئوية وغير الفئوية.
كل فئة تريد أن تحفظ لها مكانا تحت شمس الحرية الجديدة والاختلاف دائما ما يسمح بظهور الحقيقة تلو الأخرى وتضارب الأفكار بالتأكيد ربما يساعد فى التعرف على ما هو صحيح.
الآن لدينا رئيس منتخب ودستور تم استفتاء الشعب عليه حفظ حقوقنا الثورية إلى حد ما وأحدث توازنات جديدة وحدد الفئات المستقلة وحدد مسئوليات الرئيس والبرلمان والحكومة ومع ذلك يبقى الدستور عملا بشريا قابلا للتغيير بآليات محددة فى الدستور. بقى لنا انتخاب البرلمان والمجالس المحلية.
بصراحة أرى محاولات لدفع البلاد إلى الاتجاهات الخاطئة التى لن يقبلها الشعب وستدخل البلاد إلى حالة من الاحتراب الداخلى.
أعتقد أن الدفع بالبلاد فى اتجاه العنف والفوضى وعدم الالتزام بالقانون وتنفيذ أعمال لا يمكن تسميتها بأى اسم إلا أنها أعمال إجرامية تخرج الثورة عن سلميتها التى أبهرت العالم, السلمية هى الاتجاه الصحيح والعنف اتجاه خاطئ ومرفوض.
أعتقد أن الدفع نحو عدم احترام الدستور الذى نال موافقة أغلبية الشعب والتقاعس عن تفعيل هذا الدستور أو التلكؤ فى إصدار القوانين المكملة والمفعلة للدستور سيدخلنا فى هوة الفراغ الذى ليس له نهاية إلا الاحتراب ومزيد من الدماء.
أعتقد أن الفشل فى حل المعضلة الاقتصادية التى ورثناها من دولة الظلم والاستبداد سيؤدى إلى ثورة جياع لا تبقى ولا تذر تقضى على الأخضر واليابس, كذلك العمل المتعمد لنشر الفوضى والأكاذيب والانفلات الأمنى لتخويف السياح والمستثمرين ليس الاتجاه الصحيح حتى لو أدى إلى إفشال الرئيس والتخلص من حكمه.
أعتقد كذلك أن استدعاء الجيش ليس الحل الأمثل مهما كانت وسيلة استدعائه سواء مطالبات أو توكيلات مع العلم أن الجيش يعرف طريقه تماما ويضع نفسه رهن الشعب وإرادته الشرعية, وياليتنا نفهم جيدا رسائل خير الأجناد ونتوقف عن محاولات الزج والوقيعة.
أعتقد أن الدفع باتجاه التصادم بين المؤسسات المستقلة أو تفجيرها من الداخل تفكير ومكر سىء فلابد من استعاد الجيش من حياتنا السياسية ولابد من استقلال القضاء ولابد من وجود جهاز أمنى محترف يحافظ على حقوقنا كبشر. لا مجال للتصادم بين السلطات المستقلة للدولة.
أعتقد أن الدفع نحو جرنا إلى معارك جانبية سواء فى سيناء أو حلايب وشلاتين أو غربا مع ليبيا أو بعيدا مع إثيوبيا أو إيران أفكار صبيانية لا تتناسب مع رسالة السلام التى تحملها مصر فى كل معاهداتها ومعاملاتها الدولية ودورها فى صنع السلام الدولى.
أعتقد أن المناداة بانتخابات رئاسية مبكرة أمر مخزٍ وخاصة أن الرئيس منتخب لأول مرة فى حياتنا وإذا لم يكمل مدته الدستورية فلن تكتمل أى مدة رئاسية بعد ذلك وبذلك نكون قد قتلنا ديموقراطيتنا الوليدة.
أعتقد أن الاعتداء على دور العبادة سواء مساجد أو كنائس هى أم الجرائم وهى أبشع الاتجاهات الخاطئة والتى لن يقبل بها أى مصرى يحب بلاده ونسيجها المميز.
أعتقد أن الكلام عن تزوير الانتخابات الرئاسية مشاكسة لاطائل منها وأعتقد أن الكلام عن الانتخابات البرلمانية والترويج لأنها ستكون مزورة كلام لا يمت للعقل بصلة جعونا ننتظر ونرى ومعنا العالم هل سنستطيع استكمال مشوارنا الديموقراطى.
دعونا نحتج ونتظاهر ونعترض ونعارض ونرفض ما نشاء بكل حرية ولكن وفق الأعراف والمواثيق الدولية. دعونا ننبذ العنف من أى طرف ونحتقر جرائم التعذيب ونرفض الاعتداء والتعطيل وقطع الطرق وحرق المنشآت الخاصة أو العامة.
من هنا من خلال منبر الحرية تعالوا معا نبنى ديموقراطيتنا ونطورها ونحافظ على حريتنا التى تنتهى عند حرية الآخرين. تعالوا نستعيد أمجادنا وروح ثورتنا السلمية ومبادئها وفى ذلك فليتنافس المتنافسون, اللهم اكفنا شر الاتجاه الخاطئ.
فلتعيش بلادى حرة وديموقراطية فى أمان اختاره لها رب العباد.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة