قالت الصحيفة، إن مصر تعانى من أسوأ أزمة اقتصادية منذ الثلاثينيات، ونقلت عن خبراء اقتصاد فى البلاد قولهم، إنها فى مأزق شديد مع انهيار الاستثمار الأجنبى والسياحة.
وتشير الصحيفة إلى أن مصر تعانى من أسوأ أزمة اقتصادية منذ الأزمة الاقتصادية الكبرى فى أواخر الثلاثينيات من القرن الماضى بحسب تحذير وزير المالية الأسبق سمير رضوان وعالم الاقتصاد البارز جلال أمين..فمن حيث أثره المدمر على الفقراء فى مصر، فإن المأزق الاقتصادى الحالى فى البلاد هو الأشد منذ الثلاثينيات.
ويقول جلال أمين، إنه عام 2011، شهدت مصر انخفاضا حادا فى كل الاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة، بعد انخفاض 60% من احتياطى النقد الأجنبى، وتراجع 3% فى النمو، والانخفاض السريع لقيمة الجنيه المصرى. وقد أدى هذا كله إلى ارتفاع فى أسعار الغذاء وزيادة فى البطالة ونقص فى البنزين والغاز، مما سبب أسوأ أزمة اقتصادية لمصر دون خوف من الوقوع فى الخطأ، منذ الثلاثينيات.
وتابع العالم الاقتصادى قائلا: عن لا أحد يهتم بالفقراء الآن، ويشير ومعه رضوان إلى أنه خلال الأزمات المماثلة فى أواخر الستينيات ومنتصف السبعينات وأواخر الثمانينيات، كان فقراء مصر محميين من المشقة الكاملة سواء من قبل نظام الدعم الحكومى أو المساعدات الخارجية والتحويلات المالية للمغتربين فى دول الخليج، لكن الآن، يعانى ربع الشباب المصرى من البطالة، وهناك نقص فى السلع المدعومة كما أن التحويلات من الخارج منخفضة.
ويتابع رضوان قائلا: إننا نتحدث عن حوالى نصف الشعب الذى يعانى من حالة الفقر، سواء فى فقر مدقع أو شبه فقراء، ما يعنى أن أى صدمة اقتصادية مثل التضخم سيتراجع هؤلاء تحت خط الفقر، والآن هناك 25.2% من المصريين تحت خط الفقر، و23.7% يقتربون منه، وفقا للأرقام التى تقدمها الحكومة المصرية.
وبالنسبة لأغلب المصريين، فإن ارتفاع أسعار الغذاء هى المشكلة الأكبر. فبعض البضائع تضاعفت أسعارها الخريف الماضى، وهو أمر كارثى لحوالى ربع العائلات التى تنفق 50% من الدخل على الغذاء.
ونقلت الصحيفة عن هدى جمعة، المهندسة المعمارية، قولها، إن الموقف له تأثير خطير على نجليها البالغين من العمر ثمانية أعوام، مشيرة إلى أن أوضاعهما تتدهور فى المدرسة، ويمرضان كثيرا، وتوجد تلك الهالات السوداء تحت أعينهما.. والسبب فى ذلك نظام التغذية، فهى لا تستطيع أن تطعمهما بما يحتاجاه. وقبل ستة أشهر، أنفقت نصف مرتبها على الطعام، والآن فإنها تنفق حوالى أربعة أخمس مرتبها على الطعام ليس لأنها أجرها قد انخفض، ولكن بسب ارتفاع الأسعار وعدم وجود أى مؤشرات على تراجعها.
وتوضح الجارديان أن ارتفاع أسعار الطعام ليس بظاهرة جديدة فى بلد تعد أكبر مستورد للقمح فى العالم، وحيث يزداد حجم السكان بشكل أسرع من الزيادة فى الإنتاج. إلا أن معدلات التضخم الأخيرة قد شهدت ارتفاعا كبيرا بسبب المأزق الاقتصادى الكارثى.
والأكثر إشكالية أن قيمة الجنيه قد انخفضت بنسبة 12% مقابل الدولار منذ ديسمبر الماضى، وكان البنك المركزى يستخدم احتياطى النقد الأجنبى لدعم الدولار، لكنه تخلى عن تكتيكاته العام الماضى، فهبطت قيمة الجنيه بصورة أكبر وأسرع. وفى المقابل أصبح استيراد البضائع الأجنبية أكثر تكلفة، وهو كارثة لبلد يشترى 60% من احتياجاته من القمح ويعتمد أيضا على استيراد الأسمدة والوقود والعلف الحيوانى.
وقال جيمس موران، مبعوث الاتحاد الأوروبى لمصر، إن المصريين لديهم أزمة خطيرة، مشيرا إلى أن التراجع الكبير فى الاحتياطى النقدى الأجنبى منذ الثورة. وأضاف أن هذا يعنى أن التغطية الموجودة تكفى أقل من ثلاثة أشهر للاستيراد، وبالنسبة لاقتصاد يعتمد على الاستيراد، فإن هذا أمر خطير للغاية.
من ناحية أخرى، نقلت الجارديان عن على عيسى، رئيس شركة نهضة مصر، وهى شركة زراعية تزرع البطاطس والبرتقال على مساحة 3000 فدان فى جميع أنحاء مصر، قوله، إننا نعانى، وقد أثر هذا سلبا على معظم الأسمدة التى لدينا والآلات والجرارات، فأسعارها جميعا ارتفعت بشكل كبير.
وعن مدى تأثره بأزمة نقص السولار، قال عيسى، إن الشهر الماضى لم يستطع أن يجد أى سولار فاضطر على اللجوء إلى السوق السوداء، حيث تكون الأسعار أعلى بنسبة تتراوح بين 40 إلى 80%، ويضيف قائلا: إن أسوأ شىء هو أن أغلب الموجود فى السوق السوداء مخلوط بالماء وهو ما يؤثر على الآلات ويضطر إلى تغير الفلاتر ووقف الرى ووقف الجرارات، ويضطر المزارعون إلى بيع محصولهم بأسعار أعلى، وفى ظل ما تتعرض له الحكومة من ضغوط لقطع الدعم، فإن أسعار مواد الغذاء أصبحت لا يمكن تحملها من قبل فقراء مصر.
ويقول كريم أبادير، أستاذ الاقتصاد بامبريال كولدج بلندن، إن الأغنياء يستطيعون الاعتناء بأنفسهم، إلا أن فقراء مصر هم بالفعل شديدو الفقر، ونظامهم الغذائى يعتمد على الخبز، وهذا نظام مفزع كما أنهم لا يستطيعون تحمله، والحكومة ليس لديها ما تقدمه لهم عندما تضطر إلى رفع الأسعار وقطع الدعم.
وينتقد رضوان موقف حكومة مرسى واعتمادها على القروض، ويقول إنه لا يوجد رؤية، ويرى ومعه جلال أمين أن المسار الأولى للخروج من الأزمة كان واضحا، وهو أن الحكومة فى حاجة إلى أخذ زمام المبادرة لإعادة الهدوء إلى الشارع المصرى وحل الاستقطاب السياسى. فالاستقرار الوطنى يعطى المستثمرين الثقة لإدارة فتح المصانع التى أغلقت منذ الثورة ويشجع السياحة.
ويشدد أمين على أن استعادة الاستقرار وإنعاش السياحة واستعادة ثقة المستثمرين هى التى ستزيد فرص العمل وتنتشل الملايين من الفقر، بما يسمح للحكومة تدريجيا بإنهاء نظام الدعم عندما لا يصبح هناك حاجة إليه.
وتابع قائلا: إن إنهاء الدعم يجب أن يكون على مراحل زمنية وإلا فإن العواقب الاجتماعية ستكون أليمة للغاية، ففى الوقت الذى يتم فيه رفع دخل الفقراء، يمكن خفض الدعم.
الجارديان: مصر تعانى أسوأ أزمة اقتصادية منذ الثلاثينيات.. وانهيار السياحة والاستثمارات الأجنبية يضع البلاد فى مأزق.. سمير رضوان وجلال أمين: فقراء مصر كانوا محميين من الأزمات السابقة بفضل "الدعم"
الجمعة، 17 مايو 2013 03:42 م