يتلقى الدكتور "محمد مرسى"، رئيس الجمهورية، التقرير النهائى لتقييم مخاطر سد النهضة الأثيوبى على حصة مصر من مياه النيل نهاية الشهر الحالى، وذلك بعد انتهاء مهلة الثلاثة أشهر التى تم إعطاؤها للجنة الفنية الثلاثية المشكلة لتقييم آثار السد الأثيوبى على حصة دولتى المصب "مصر والسودان" من مياه النيل، والتى سترفع تقريرها وفقا للاتفاقية المبرمة إلى رؤساء الدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا.
أكد الدكتور "محمد بهاء الدين"، وزير الموارد المائية والرى، أنه لا يمكن الجزم حالياً بوجود آثار سلبية على حصة مصر والسودان من مياه النيل، نتيجة قيام أثيوبيا ببناء سد النهضة، إلا بعد تقديم اللجنة الثلاثية الدولية لتقريرها، والذى سوف يسلم لرئيس الجمهورية نهاية مايو الحالى، وبناء على تقرير اللجنة الثلاثية سوف يتم التحرك المصرى والسودانى.
وأضاف بهاء الدين أن اللجنة تضم 6 أعضاء محليين، اثنان من مصر والسودان وأثيوبيا، و4 خبراء دوليين فى مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود الذين سوف يحددوا ما هى الإيجابيات والسلبيات المتوقعة من بناء هذا السد.
ووفقاً لتأكيدات مصدر مسئول بملف النيل، أن أى مشروع على نهر النيل سيؤثر على كمية المياه المتدفقة إلى مصر، وأن تفكير مصر الآن هو التغلب على الآثار السلبية من السد ودراسة الآليات المتبعة لحل مشاكله، لافتاً إلى أن لجنة الخبراء الدوليين، المعنية بدراسة آثار سد النهضة الأثيوبى وتأثيره على الأمن القومى المصرى، ستجتمع لمراجعة التقرير النهائى قبل رفعه إلى رؤساء الدول الثلاث.
وكشف التقرير المبدئى للجنة الخبراء عن وجود مشاكل فنية ضخمة تتعلق بسد النهضة، ما يتطلب معالجتها حيث يوجد خط فالق زلزالى بطول المنطقة تحت السد الجانبى، الذى سيقام بجانب سد النهضة، هذا بالإضافة إلى النتائج الكارثية، التى ستنتج خلال فترة الملء والتشغيل.
كما أشارت الدراسات التى أجراها خبراء المياه إلى أن هناك نتائج بيئية واجتماعية خطيرة حيث سيحرم مصر من 9 مليارات متر مكعب سنوياً من حصتها، وهذا النقص سيلقى بتأثيراته السلبية على مجالات أخرى كثيرة، حيث سينقص إنتاج الكهرباء فى مصر بنحو 20%، وهى نسبة كبيرة خاصة إذا وضعنا فى اعتبارنا إنتاجنا الحالى، والأخطر من ذلك كله انخفاض هذه الكمية سيؤدى إلى تبوير 2 مليون فدان.
كما أكدت الدراسات أن السد سيؤثر على مناسيب المياه فى نهر النيل، كما يهدد السياحة النيلية، ومآخذ مياه محطات الشرب، ومآخذ المصانع، بالإضافة إلى تأثير انخفاض حصة مصر من المياه الجوفية فى الوادى والدلتا، وتأثر آخر، لا يقلل خطورة عن سابقه، سيقع على المزارع السمكية، ونوعية المياه فى البحيرات الشمالية.
وأشارت الدراسات التى أجراها خبراء الموارد المائية إلى أنه فى حالة امتلاء البحيرة خلف السد خلال خمس سنوات، فهذا يعنى استقطاع 15 مليار متر مكعب كل سنة من حصة مصر والسودان، وبالأصح من حصة مصر فقط لأن سدود السودان "خشم القربة والروصيرص وسنار ومروى وجبل الأولياء" تحجز حصة السودان من المياه أولا قبل أن تصل إلى مصر، وهى كمية تعنى حرمان 3 مليون فدان مصرى من الزراعة.
أما إذا قررت أثيوبيا أن تملئ البحيرة خلال ثلاث سنوات فقط فهذا يعنى خصم 25 مليار متر مكعب سنويا، بما يعنى دمارا كاملا لمصر وحرمان 5 مليون فدانا مصريا من الزراعة وعدم امتلاء بحيرة ناصر بالمياه وانخفاض أو انعدام التوليد المائى للكهرباء.
كما أن هناك مخاطر شديدة تهدد مصر والسودان فى حالة تعرض السد للانهيار، حيث أنه مقام على منحدر شديد الوعورة، وبالتالى فإن احتمالات انهياره عالية للغاية ومعامل أمانه لا يزيد عن 1.5 درجة مقارنة بمعامل أمان السد العالى الذى يصل إلى 8 درجات، وبالتالى فإنه فى حالة انهياره سيؤدى إلى انهيار سدى "الروصيرص وسنار"، السودانيين، ومحو مدينة الخرطوم وغمر 24 ألف كم مربع من الأراضى الزراعية والمبانى السكنية على طول المسافة من سد النهضة والسد العالى ويستمر دماره لجميع المدن التى تقع شمالها وصولا إلى السد العالى ومدينة أسوان.
وقال الدكتور "محمد نصر الدين علام"، وزير الموارد المائية والرى السابق، إن المخطط الأثيوبى يهدف إلى إنشاء 4 سدود على نهر النيل مما سيتسبب فى حدوث عجز مائى فى إيراد نهر النيل لمصر والسودان مقداره نحو 18 مليار متر مكعب، يخصم من حصة مصر والسودان وفقا لاتفاقية 1959 بالإضافة إلى النقص الحاد فى إنتاج الكهرباء المولدة من السد العالى وخزان أسوان بنسبة تتراوح ما بين 25-30%، كما يتسبب سد النهضة وحده حسب الدراسات المصرية والدولية فى عجز مائى مقداره 9 مليارات متر مكعب سنويا لمصر.
وأضاف علام أنه تحت الوضع المائى الصعب لمصر والذى تبلغ فيه الحصة المائية للفرد ما يقرب من 625 متر مكعب فى السنة، أى أقل من ثلثى حد الفقر المائى، فإن العجز المائى الناتج عن السدود الأثيوبية وتبوير نحو مليونى فدان من الأراضى الزراعية، ومشاكل فى مياه الشرب والصناعة نتيجة لانخفاض منسوب المياه فى النيل والرياحات والترع وسوف تتأثر سلباً الملاحة والسياحة النيلية، وسيؤدى نقص إيراد النهر أيضا إلى تدهور البيئة وازدياد معدلات التلوث وتهديد الثروة السمكية فى البحيرات الشمالية، وزيادة تداخل مياه البحر فى الخزانات الجوفية الساحلية فى شمال الدلتا.
عرض أحد الخبراء الهولنديين ورقة بحثية لآثار تشغيل سد النهضة على المياه التى ستصل إلى بحيرة ناصر، وكذلك الطاقة المولدة من السد العالى، وذلك باستخدام أحد النماذج الرياضية العالمية التى تأخذ فى الاعتبار جميع السدود والمشروعات الزراعية المقامة على النهر.
وأكد فى مؤتمر دولى تحت رعاية جامعتى الخرطوم وأديس أبابا ومنظمة اليونسكو ومكتب "الأنترو"، التابع لمبادرة حوض النيل، أنه فى حالة إنشاء السد ستقل المياه الواردة لبحيرة ناصر بمقدار 9% بالإضافة إلى خفض فى الطاقة المولدة من السد العالى بمقدار 14% مع إشارته أن تلك التأثيرات معرضة للزيادة فى حالة أخذ التغيرات المناخية المحتملة فى الاعتبار.
وفى دراسة أخرى قدمتها إحدى الباحثات الأثيوبيات خلال فعاليات المؤتمر الدولى عن تأثير ملء بحيرة سد النهضة على مناسيب بحيرة ناصر أوضحت الباحثة الأثيوبية خلال عرض ورقتها البحثية، التى أعدتها بمشاركة أحد الاستشاريين الأمريكيين وباستخدام النماذج الرياضية لـ"نمذجة" حوض النيل الشرقى.
وقالت إن مناسيب بحيرة ناصر ستنخفض بمقدار يصل إلى عشرة أمطار حال الملء خلال 5 سنوات وسيزداد هذا التأثير حال الملء خلال 3 سنوات.
مرسى يتسلم التقرير النهائى لآثار سد النهضة نهاية مايو.. وزير الرى: آثاره السلبية تحددها اللجنة وعليها تتحرك مصر والسودان.. ودراسات: سنفقد 9 مليارات متر مياه و20% من الكهرباء وتبوير 2 مليون فدان
الأربعاء، 15 مايو 2013 04:21 ص