إذا كان التميز والنجاح من ثمار الكفاح, فإن الكفاح ليس بالأمر اليسير وإنما يحتاج إلى إرادة قوية وعزيمة صلبة, كما يحتاج أيضا "إلى مثابرة فى بذل الجهد والتفانى فى العمل بكل إخلاص وصدق مع النفس والآخرين. كما أن النجاح لدى طالبه ليس غاية فى حد ذاته, وإنما هو وسيلة للاستمرارية, وحافز للتواصل والتقدم لتحقيق مزيد من العطاء, وصولا" إلى الغايات والأهداف المنشودة.
ويبقى العلم وحده هو غاية كل طالب شريطة أن يكون علما نافعا مصبوغا بمكارم الأخلاق بعيدا عن الشذوذ الفكرى والانحراف, وأن يكون ملتزما بالشرعية بما فيها الأعراف والتقاليد وألا يتعارض مع قيم المجتمع الراسخة, لذلك نجد أن أصحاب الحضارات القديمة منها والحديثة, قد أخذوا بأسباب النجاح متسلحين بالعلم والعمل والنظام من أجل الوصول إلى المدنية والتقدم فى أزهى وأبهى صورهما، معتمدين على النفس والذات وما لديهم من موارد وقدرات لتحقيق ذلك.
قديما "قالوا" الحاجة أم الاختراع" لذلك شاهدنا شعوبا وأمما كثيرة بدأت من لا شىء وأصبحت من أعظم الشعوب والأمم حضارة وتقدم وراحت تتحكم فى العالم بأسره وتحركة يمينا ويسارا، أو كما يحلو لها فى أى ناحية تريد, لأنهم وضعوا أيديهم على مفاتيح أسباب التقدم والنجاح وعرفوا الطريق الصحيح, وذلك لأن التميز والنجاح لا يأتيان بالتمنى والإفراط بالتفاؤل وإنما بالعمل والصبر والإصرار , ولأن الحضارات لا تورث.!!!!!
أما نحن العرب أصحاب المذهب الاتكالى المبنى على الفوضى وعدم النظام, ترانا فى كل يوم نرجع خطوة للوراء, فقدنا ثقتنا فى أنفسنا وتخلينا عن كل ما نملك من قدرة وعقيدة ،وأصبحنا شعوبا استهلاكية مزاجية, وأطلقنا العنان للخيال والأحلام, بحجة نظرية الغد المشرق (بكره اللى جاى أحلى) المنبثقة عن أصحاب المذهب الاتكالى سالف البيان.
ولا هم لنا سوى البطن وألف.. وتجد فينا الغنى ينتظر بكل شوق ولهفة إلى ما وصلت إليه التكنولوجيا الحديثة من تقنية وابتكار حتى يقتنيها ويستخدما دون مشقة أو عناء وقد يتفاخر بها ويتمنظر بها أمام الفقراء, أما الفقراء منا لا هم لهم سوى النظر إلى ما يقتنيه هؤلاء الأغنياء والحقد عليهم.
وباتت الاتكالية هى السمة السائدة فى كل شىء, فى الملبس والمأكل والمشرب, ناهيك عن الوسائل الترفيهية الأخرى كالمواصلات والإتصالات وغيرها باختلاف أنواعها وأسمائها، رغم توافر كل الموارد والطاقات الطبيعية والبشرية لدينا, وفى حين أنه لا توجد فروقات فى البنيان التكوينى بين إنسان وآخر إذ لا فرق بين إنسان شرقى أو غربى فالكل متساوون فى الخلق, وإنما الفروقات تأتى من المؤثرات الخارجية والموروثات الثقافية التى يكتسبها من المجتمع المحيط به.
وأخيرا علينا أن نعى بأن الحياة بدون عمل لا تستقر وبدون أمل لا تستمر ومن دون عقيدة لا تكتمل وأن لكل إنسان دورا فى هذه الحياة لابد أن يؤديه بكل أمانة وإخلاص وبكل حب وانتماء للدين وللوطن.
