كغيرى أحاول العثور على زمن هادئ ومكان يعترف بالممكن ولديه من المتاحات ما يكفى، وعبثاً أحاول تغيير كل أطراف المعادلة عدى تلك الناحية التى تحوى تفاصيلى ومزاجى وكثير من الأفكار التى زرعها إلى أحدهم ولم أر ثمارها حتى الآن، غيرت الأماكن والوجوه ومواعيد الوجبات وأصنافها، غيرت تلك الزاوية التى لا ينظر من خلالها أحد و لن ينظر من خلالها أحد لأنها أصلاً غير موجودة، غيرت كل خطوط السير المؤدية لهدف واحد، وغيرت كل الأهداف لأن خط السير غير واضح.
لكن هذا الأنا الأفضل بكثير غائب ولم يعثر عليه أحد حتى بعد أن تغيرت الحكومات والأزمنة والقوانين وبنود الاتفاقيات، حتى بعد أن ازداد عدد الأعراس والمآتم وتبادل الناس كراسيهم ما بين حاضر ومودع وعائد، حتى بعد أن اعترفت بشرعية الأخر وبعد أن افترضت الأهلية فى أًصحابها وفى فاقديها وبعد أن آمنت بنفوذ السلطة وأحلام الفقراء، تماماً كما آمنت بالمنتجات منزوعة الدسم أو قليلة السعرات الحرارية لدرجة أتاحت لى العيش مع نقيضين أو حتى مع حيوانين أحدهما يمكن استئناسه والآخر ينوى افتراسه، ويبدو أنى فهمت الاثنين وعذرت الاثنين لكنى ما زلت باحثاً عنى بشكل أفضل وأحب المشى وأفضل السكوت، ولذلك فكرت فى هجرة موثقة ومعترف بها عند أى قنصلية، وللمرة الألف أفترض أن المشكلة فى المكان الذى لو تغير لانتهت المسألة وحل السلام على الدنيا كلها، وللمرة الألف أكتب حكاية لا تكتمل، ولو أن عدم الاكتمال نفسه نهاية، وفى كل مرة أنسى أن البداية ناقصة وأن هنالك ما يأتى قبلها بقليل، هنالك ما يسبق قرارتى بقليل ولا أنتبه إليه، هنالك امرأة أجمل ولا ينافسنى عليها أحد، وهنالك جار ربما أحسد عليه، وهنالك فرصة فى انتظارى بين يدى المجهول، هنالك أنا أفضل.
لكن الكارثة كانت أن تلك الأماكن بالفعل أفضل، لكنها لا تقبل الهاربين من ظروفهم والفارين بحثاً عن أفضل وأخواتها ولو أنها بلا أخوات، وأنه لا يكون ولن يكون إنسان أفضل إلا بما حوله ولمن حوله، لذلك لا أحاول أن أكون أفضل هناك، بل أن يكون هنا أفضل من خلالى.. وساعتها سأكون أفضل بالتبعية.. وهذا ما دار بخلدى لما رأيت أحدهم عائداً لتوه من هناك.. حاول أن تراه هنا وستعرف أنك هنا أجمل.. ربما!
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة