تصدر عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة خلال أسبوعين رواية "دولة العقرب" للروائى فؤاد قنديل وهى رؤية درامية للحاضر والمستقبل من قلب الجحيم وتقع فيما يتجاوز الأربعمائة صفحة، وقد تطلب العمل عليها ثلاث سنوات، منذ مارس 2010 وكان الكاتب يعتزم أن تلحق برواية سابقة له هى "قبلة الحياة" التى انتهت بثورة شاملة بحيث تكون الجديدة أيضا قادمة من طريق مختلف وتصب فى البحيرة ذاتها.إلا أنه فوجئ باندلاع الثورة فى يناير فتوقف عن الاستمرار فى الكتابة لأكثر من ستة أشهر.
وقد حاولت الرواية التى تدور معظم أحداثها فى حى السيدة زينب بالقاهرة رصد الحراك السياسى وما تمتع به من حيوية وعنفوان على مدى سنة قبل الثورة وأسهمت فيه قطاعات وحركات عديدة من الشعب مثل حركة كفاية و6 أبريل ومجموعات من الصحفيين والشباب الحر وشباب بعض الأحزاب وتعاونت أجهزة التواصل الإلكترونية مع الشارع فى تشكيل حالة ثورية جديدة لها طعم ورائحة ولون مختلف وأكثر فاعلية، أفضى بالكثير منهم إلى السجون، مما ألقى المزيد من الحطب على الرماد الملتهب، ومن ثم خرجت الجموع فى لحظة تاريخية لطى الصفحة المتعفنة، وفوجئ الكثيرون بالزخم السياسى والجيشان الثورى لدى الملايين التى كانت تنتظر بلهفة تلك اللحظة / الإشارة.
تكاد الرواية تكون قد كتبت نفسها بأيدى الثوار وبدماء الشهداء، أما الكاتب الذى حرص على أن يقدم لنا نسيجا جماليا من مواقف إنسانية موجعة وصادمة أحيانا فقد شارك المتظاهرين لنحو عشرة أيام من يوم 28 (جمعة الغضب) فى الهتافات والتنقل من مكان إلى آخر، وفى تلقى الضربات المتعددة وذاق طعم السقوط على الأرض العريانة والمتحجرة، واقتصر دوره فى الرواية على كشف النقاب عن بعض الأسرار والحوادث والخطايا والأسباب التى أدت إلى إصابة زينب بمرض سرطان المخ الذى لم يتخل عنها إلا جثة هامدة، لتترك ابنتها ريم وحدها تصارع أباها مرسى الذى ينهش لحمها وتصارع الضباط ورجال الداخلية بحثا عن ناجى الوردانى صديقها الحبيب الذى ألقت به مباحث أمن الدولة فى جبها العميق ولا تعرف له مكانا ولا الزملاء فى حركة 6 أبريل، ثم يتم اختطافها والاعتداء عليها وتركها مرمية فى الصحراء تناوشها السباع، فى الوقت الذى يقوم بعض المتأسلمين بإخراج المساجين من أجل تشكيل أحلامهم فى الدولة الجديدة، ويرفض ناجى التعاون معهم ويصر على البحث عن ريم أولا.
لا يكمن جمال الرواية فى فكرتها ولكن فى سردها الحى والنافذ إلى القلوب، وقد اختارت أن تمشى على الشوك مثل أبطالها، وهى مثلهم ترى حتمية العثور على ريم مهما كانت المسافة التى تفصلها عن الحياة.
هذه الرواية هى التاسعة عشرة بعد روايات عديدة للكاتب، منها: السقف، الناب الأزرق، عشق الأخرس. عصرواوا. روح محبات، حكمة العائلة المجنونة. أبقى الباب مفتوحا. قبلة الحياة. رجل الغابة الوحيد.