لقد أسعدنى جدا تصريحات السيد وزير الدفاع والتى حقيقة أنتظرتها طويلا بأن القوات المسلحة المصرية قد خرجت من معادلة الصراع السياسى، لكنها سوف تساهم فى حماية الديمقراطية وتتفرغ تماما لمهامها الأساسية والأصيلة وهى الارتفاع بمستوى المهارات العسكرية بمختلف نواحيها والتى لاتنقص القوات المسلحة المصرية أصلا ولكن الوصول للأفضل دائما هو سمت المتفوقين.
كما سوف تسعى لجعل مصر تصنع سلاحها بنفسها بل ليس بعيد المنال عن قدرة المصريين الباهرة بأن يتفوقوا فى مجال صناعة التسليح من حيث الإنتاج والإبتكار، مع استمرار دعمهم لمختلف نواحى التنمية الداخلية.
وقد أسعدنى جدا الوضوح التام فى هذه التصريحات مع الوعى الذكى للواقع وللعواقب. ولذلك فإننى بعد هذه التصريحات زاد تفاؤلى بأن مصر أصبحت فى مصاف الدول الديمقراطية، ورغم كل ما يحدث الآن من مناكفات سياسية فما دام موقف الجيش أصبح بهذا الوضوح من عدم العودة إلى معترك السياسة، وما دام قادة الجيش أصبحوا يملكون تلك الرؤية الذكية، الواضحة والمخلصة بأن عودة الجيش لمقاليد السلطة إنما هى ردة وعودة بالبلاد إلى الوراء لعقود طويلة، فإننى مطمئن تماما الآن أن مصر ستنطلق إلى الأمام مهما كانت العقبات.
وقد تأكد لى أيضا مدى الهوة السحيقة بين الشعب وجيشه الوفى من ناحية وبين مايطلق عليهم النخب السياسية من ناحية أخرى، من حيث الوعى والإدراك لحساسية المرحلة وتعقيداتها، والتحديات والصعاب المطلوب التغلب عليها للعبور بالوطن من هذه المرحلة، والتجرد والإخلاص لهذا الوطن ولمصلحة هذا الشعب.
إن التصريحات الأخيرة الواضحة للسيد وزير الدفاع والتى اثبتت بجلاء الفهم الدقيق لقادة القوات المسلحة لمفهوم الديمقراطية والحرص والإخلاص لهذا الوطن لينطلق إلى آفاق من الحرية والتقدم والازدهار يستحقها عن جدارة. أقول أثبتت هذه التصريحات مدى الابتلاء لمصر من نخبتها السياسية الذين لا يرتقون إلى أى مستوى من الفهم والوعى والإدراك والتجرد والإخلاص لهذه المرحلة، ولهذا الوطن مثل حال الجيش والشعب.
إننى مشفق جدا على مصر وشعبها من تلك النخب التى لا هم لهم إلا الانتصار لأنفسهم ومذاهبهم الفكرية ولم يصلوا إلى أدنى مراحل الإدراك والإخلاص بأن الانتصار لرفعة هذا الوطن ولعزة هذا الشعب مقدم على أى هوى آخر، وأن الديمقراطية هى التسابق للعمل لنهضة الوطن ورفاهية وكرامة المواطن، وليس هو الصراع فقط لتبوأ السلطة.
إن الديمقراطية هى قبول الآخر والعمل سويا للانطلاق بالوطن إلى الأمام وليست رفض الآخر وإقصاؤه والرغبة فى محوه. ألم يأن لهذه الممارسات المراهقة أن تنتهى، ألم يأن للجميع أن يراجعوا حساباتهم ويتوحدوا على العمل بتجرد وإخلاص للوطن ويتأسوا بذلك بموقف الجيش وغالبية الشعب، أم سيظل الهم الأكبر هو تلك الممارسات الساذجة والتافهة بالانشغال بالهم الأكبر وهو العودة بالبلاد إلى المربع صفر فى كل شىء، وكأننى أنظر إليهم وقطار الوطن يريد أن ينطلق إلى الأمام ولكنهم مصرون على أن الحل هو جذبه إلى الخلف بدلا من ركوبه والمساهمة بإيجابية فى انطلاقته.
إننى وبعد أن أثلجت صدرى تلك التصريحات الواضحة للعقيدة المستقيمة والسليمة لدور القوات المسلحة، فإننى أصبحت أكثر تفاؤلا ويقينا بأن قطار الوطن سينطلق ولن يستطيع أحد جره إلى الوراء بل هو الذى سيجر من يحاولون إعاقته إلى الأمام.
وأتمنى ممن يطلقون على أنفسهم النخبة ويعتقدون أنهم هم أصحاب الرأى فى السياسة أن يراجعوا مواقفهم وأنفسهم بسرعة ويحاولوا ركوب القطار بدلا من أن يجرهم القطار على وجوههم أو ينقطع الحبل بينهم وبين القطار ويصيروا معزولين.
وأخيرا أكرر شكرى وتقديرى واحترامى للسيد وزير الدفاع لمثل هذه التصريحات بمثل هذا الوضوح فى مثل هذا التوقيت الحساس جدا فى حياة الأمة المصرية.
