هانى سرى الدين فى ندوة اليوم السابع: الحكومة تصارع الماضى وتخاصم الحاضر وتتجاهل المستقبل وتعامل المواطنين بمبدأ «الحرب خدعة».. الدولة تتعامل مع الاقتصاد بسياسة «ترقيع» والجباية فى منازعات الاستثمار

الثلاثاء، 14 مايو 2013 05:14 م
هانى سرى الدين فى ندوة اليوم السابع: الحكومة تصارع الماضى وتخاصم الحاضر وتتجاهل المستقبل وتعامل المواطنين بمبدأ «الحرب خدعة».. الدولة تتعامل مع الاقتصاد بسياسة «ترقيع» والجباية فى منازعات الاستثمار د. هانى سرى الدين
أعد الندوة للنشر محمود عسكر - تصوير عصام الشامى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يرى الدكتور هانى سرى الدين رئيس هيئة سوق المال الأسبق ونائب رئيس حزب الدستور أن الحكومة الحالية تتعامل مع الاقتصاد بسياسة «ترقيعية» وتعتمد على الجباية فى منازعات الاستثمار.. ويرى أن الإصلاح الاقتصادى لن يأتى إلا بعد التوافق السياسى.. وأن مصر لديها كل المقومات التى تجعلها من أهم 20 اقتصادا فى العالم بشرط الاستقرار الأمنى والسياسى.
واعتبر «سرى الدين» فى ندوة «اليوم السابع» أن الرئيس ليس مسؤولا عن أخطائه الإدارية وإنما ذلك دليل ضعف مؤسسة الرئاسة خاصة ومؤسسات الدولة عامة.. وأن كل التشريعات المصرية غير مكتملة ولم تحصل على توافق مجتمعى.. وإلى نص الحوار:

فى البداية.. كيف ترى الوضع الاقتصادى فى مصر فى ظل الظروف الحالية من منظور رجل اقتصاد؟
- مشاكلنا الاقتصادية أصبحت واضحة جدا.. وأهم هذه المشاكل ببساطة أن مصر لديها عجز فى الموازنة أى أن إيراداتها أقل من مصروفاتها، تناقص الاحتياطى الأجنبى، عجز الميزان التجارى، وهذا يعنى ارتفاع البطالة وبالتالى هذا انعكس على زيادة المشاكل الاجتماعية، والحل الوحيد هو زيادة الاستثمار.. لكن الحكومة تتعامل بسياسات «ترقيعية» وتتعامل مع الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد على أنها أزمة سيولة وهذا جهل بالوضع الاقتصادى وليس صحيحا على الإطلاق، ولذلك فإن الحكومة تعالج الأزمة بالاقتراض ولكن الصحيح أن تزيد الاستثمارات المباشرة وتعيد الأمن.

كيف يتحسن الاستثمار فى الظروف الحالية؟
- لابد من تحسين مناخ الاستثمار فى البلاد، وهذا لن يأتى بتشريعات جديدة ولن يأتى بزيارات للدول الأجنبية، ولكن يأتى بتحسين مناخ الاستثمار، ويأتى ذلك بفرض الأمن والعمل على الاستقرار السياسى حتى نحافظ على التصنيف الائتمانى للدولة ونبعث رسائل بأن الاستثمار آمن فى مصر، بالإضافة إلى العمل على الاستقرار التشريعى، فلا يمكن أن تصدر قوانين صباحا ثم يتم إلغاؤها مساء، فهذا يعنى أن هناك تخبطا وعدم استقرار بها، لأن المستثمر الأجنبى عندما يفكر فى دخول سوق معين فإنه يقوم بدراسات جدوى، ويقدر أرباحه وخسائره ولذلك عندما تغير الحكومة القانون وتنفذه بأثر رجعى فهى تهدم كل هذه الحسابات وتعرضه لخسائر، ولذلك أول شروط المستثمرين للعمل فى أى سوق هى الاستقرار التشريعى والسياسى، كما أن الحكومة تحل مشاكل العمالة بشكل عشوائى وغير مؤسسى، وتدير الاقتصاد بسياسة «اليوم بيومه»، وهذا كله لا يمكن أن يخلق مناخ استثمار جيدا، وتتعامل مع مشاكل الاستثمار بمنطق «الجباية».

ما رأيك فى تعامل الحكومة مع قضايا الاستثمار؟
- قضايا الاستثمار تتعامل معها الحكومة كأنها قضايا جنائية فى حين أن منازعات الاستثمار لها قوانينها الخاصة، ولديها مشكلة فى تسييس القانون الجنائى أو التعامل بمنطق الجباية، فهناك تخبط واضح فى تطبيق القانون مما أدى إلى عدم ثقة فى السوق، ولذلك فإن المفاتيح الأولى لحل الأزمة الاقتصادية تكمن فى الحلول السياسية بحيث تتعامل بشكل مؤسسى مع العاملين وليس بشكل عشوائى، وحل المنازعات الاستثمارية بعيدا عن القانون الجنائى، والاستقرار التشريعى فى البيئة الاستثمارية، ثم نتوجه بعد ذلك إلى الحلول الأكثر صعوبة مثل الدعم وقضايا السياسة النقدية والعجز المالى.

كيف ترى أداء الحكومة الحالية؟
- الحكومة تصارع الماضى وتخاصم الحاضر وتتجاهل المستقبل، وهى تتحدث ليل نهار عن أن النظام السابق كان فاسدا لكنها لم تفعل شيئا لمنع هذا الفساد فى المستقبل، وتقول إن قوانين تخصيص الأراضى كان فاسدا لكنها لم تفعل شيئا لإصلاح ذلك، ولم تقم بأى خطوة إيجابية لمنع ذلك، فالحكومة تتصارع مع الماضى وفى الوقت نفسه تعمل بنفس أساليبه، وتقول إنه لابد من إصلاح القضاء ولا تعمل شيئا إلا الصراع معه، وتحاول بشتى الطرق استخدام أساليب النظام السابق فى إحلال قيادتها محل قيادات النظام السابق.

ما الخطأ الذى وقعت فيه الحكومة ونظام الرئيس مرسى؟
- أهم خطأ هو اعتبار الثوار ليسوا شركاء لكن منافسين للنظام، وخصوما له، وهو نفس التعامل مع القضاء الذى اعتبره النظام خصما، وبذلك أصبح كل شركاء الأمس خصوم اليوم، واعتبر النظام أن صراعه هو مع الماضى فى حين أن صراعه الحقيقى مع الحاضر، كما أن الحكومة عندما تزيد من الديون والاقتراض فهى تستنزف حقوق الأجيال المقبلة وتتجاهل المستقبل.

لماذا استطاعت دولة مثل إسرائيل أن تحقق نموا اقتصاديا رغم التدهور الأمنى؟
- إسرائيل استطاعت توظيف قضايا الصراع الخارجى لتعميق الأمن الداخلى وهذا زاد الأمن الداخلى صلابة، كما يجب أن ننظر ونضع فى الاعتبار حجم الاستثمارات الأجنبية هناك، والميزان التجارى، وحجم البحث العلمى والإنتاج العلمى فى إسرائيل فهناك فارق كبير بيننا وبينهم، فمصر ليس لديها شىء مما سبق.

هل يمكن أن تحقق مصر نموا اقتصاديا قريبا؟
- مصر لديها كل المقومات الاقتصادية التى تجعلها ضمن أهم 20 اقتصادا فى العالم، وطبقا لتقرير التنافسية الأخير هى من أهم الدول التى تتمتع بتنوع اقتصادى، وسوق حقيقى قابل للنمو، وبها تنوع لمصادر الدخل، ولديها طلب عالى، لكن المشكلة هى أن يتم إعاقة ذلك بجهاز إدارى تعيس ونظام تعليمى وتكنولوجى محدود، وبنظام سياسى متخبط، ووضع أمنى غير مستقر، وهذا يعوق أى نمو أو تنمية، ولذلك لابد من الاستقرار لتحقيق طفرة اقتصادية، والاستقرار لا يعنى عدم وجود معارضة للنظام، ولكن يعنى أن يكون لدى الحكومة قدر من التيقن ورؤية واضحة للمستقبل، وهو ما يقتضى أيضا وجود أمن داخلى واضح.

بعض الناس يقولون إن الاستقرار لن يتم إلا بتغيير النظام الحالى وعودة الجيش.. ما رأيك؟
- هذا نابع من الإحباط الذى أصيب به من ينادون بذلك وعدم الثقة فى أى من القوى المدنية الموجودة، لكن أقول إن ذلك لن يأتى هو أيضا بالاستقرار ولا التنمية، ولذلك لابد من العمل على التوافق بين القوى المدنية المختلفة، وهناك دراسات تؤكد أن الدول التى شهدت ثورات فى العالم ونجحت هى فقط التى استطاعت أن تحقق توافقا سريعا بعد التغيير، وأن الدول التى اختلفت فيما بينها وبدأت التناحر على السلطة لم تنجح ولم تحقق أهداف ثوراتها.

كيف تقيم الزيارات الخارجية للرئيس محمد مرسى؟
- زيارات أى رئيس للخارج أعتقد أنها مهمة، ومحاولة التواصل مع العالم الخارجى لا غضاضة فيها، لكن المشكلة تكون عندما يسافر دون هدف حقيقى، فمهما عرضت فرص الاستثمار على الدول الخارجية لن يكون لها مردود إلا إذا تحسن المناخ الاستثمارى والأمنى فى الداخل أولا، كما أن الزيارات غير منتجة فى حد ذاتها، ولو تصور أحد أنه يمكن تحسين الاقتصاد بالزيارات الخارجية فهذه سذاجة.

أُخذ على الرئيس فى الفترة الأخيرة كثرة الأخطاء سواء فى اتخاذ القرارات أو حتى الخطب.. كيف ترى ذلك؟
- هذا ليس خطأ الرئيس، وهذه الأخطاء إن دلت على شىء فهى دليل على ضعف مؤسسة الرئاسة ككل، ولا يستطيع أحد أن يصنع نهضة حقيقية ولا تحويل البلد إلى تنمية شاملة بدون إصلاح مؤسسات الدولة والتعليم، لأنه لو أن مؤسسات الدولة ضعيفة ستظل كل محاولات وخطط التنمية حبراً على ورق، ولن تستطيع أن تحولها إلى واقع، وهذا كله سببه الرئيسى هو اختيار أهل الثقة فى كل المؤسسات بدلا من أهل الخبرة ولذلك ستظل الدولة رخوة فى كل مؤسساتها وسيزيد ذلك من وهن المؤسسات الحكومية.

نعود للاقتصاد.. هل تعتقد أن الحكومة ستنجح فى المفاوضات مع الصندوق الدولى؟
- هناك أشياء لا أستطيع أن أفهمها.. فمثلا كيف نأتى بوزير تخطيط خبراته كلها فى الميكانيكا ليكون مسؤولا عن علاقات مصر الخارجية والتعاون الدولى والتخطيط لمستقبل مصر وهو لم ير موازنة للدولة من قبل لا فى تاريخه العملى ولا الأكاديمى، وذلك رغم تقديرى الشخصى له.. هل هذا قرار حكيم؟ لا طبعا، فنحن نمر بمرحلة أزمة تتطلب حكومة أزمة قادرة على الخروج منها يكون أساسها أهل الخبرة وليس أهل الثقة.

ما رأيك بشكل مباشر فى التعديل الوزارى الأخير؟
- أرى أن التعديل الوزارى يستهدف ثلاث أشياء، الشىء الأول هو الاستمرار فى مخطط التمكين، وهذا ظهر فى السيطرة الكاملة على وزارات التنمية المحلية والتموين والشباب والرياضة والإسكان والبترول والاستثمار والمالية، والشىء الثانى هو ضرب عرض الحائط بسياسة التوافق وهو رسالة واضحة أنه لن يتم التوافق، والشىء الثالث هو الرغبة فى إدارة المرحلة المقبلة بفكرة حكومة الظل، بمعنى أن تكون هناك حكومة معينة ليس بيدها شىء وتتلقى اللوم من الشعب على فشلها، فى حين أن هناك من يدير هذه الحكومة من الخارج وينفذ مخططاته هو.

كيف ترى الضرائب الجديدة التى سيتم تطبيقها بداية من العام المالى الجديد؟
- السياسات الضريبية عموما فى الفترة الأخيرة فيها قدر من التخبط، بمعنى أنك تفرض ضريبة فى يوم ثم تلغيها فى اليوم التالى، ولا تعرف لماذا تم تشريع الضريبة ولا لماذا تم إلغاؤها، وليس هناك دراسات لإظهار المردود الاقتصادى والاجتماعى للضريبة أو التشريع، وهذا هو أخطر شىء يتم فى مصر، فكل القرارات والتشريعات فى مصر تتم بشكل عشوائى، ولا يمكن لدولة أن تنحج إلا إذا أعدت الدراسات اللازمة والمردود المتوقع للتشريعات التى تصدرها على المجتمع والاقتصاد قبل صدور هذه التشريعات، وهناك مشكلة من المسؤولين المصريين تزداد حدة يوما بعد يوم، وهى أنهم يتعاملون مع المواطنين بمنطق «الحرب خدعة» بمعنى أن القرارات التى يصدرونها لابد أن تكون فوقية ومفاجئة وهو ما يفقد الناس الثقة فى السوق وفى المسؤول نفسه وهو ما نعيشه بالفعل حاليا.

هل معنى ذلك أن استمرار الحكومة الحالية هو عبارة عن تأجيل للمشكلات؟
- كل ما يحدث حاليا هو تأجيل للمشكلات والحلول لمدة زمنية معينة قد تكون 6 شهور، وأرى أن ذلك يعمق المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ويعمق عدم الاستقرار السياسى وعدم الثقة، لأننا نجد أن هناك فصيلا سياسيا أولويته الأولى هى التمكين ويرى أن هذه هى فرصته الأولى والأخيرة لتحقيق ذلك، حتى لو كانت على حساب أى شىء ولو كان الوطن نفسه ولا يثق فى أى فصيل آخر، ولذلك يرى أن أى مشكلة اقتصادية أخرى تأتى بعد هذه الأولوية.

الحكومة تتهم المعارضة دائما بأنهم يعترضون على كل شىء ولا يقدمون البديل.. ما رأيك؟
- لدينا بالفعل برامج وحلول جاهزة للتنفيذ.. ولكن النظام قائم على الإقصاء، لكن التوافق فى أى شىء يقوم أساسا على التوافق السياسى ومنه ننطلق إلى الأنواع الأخرى من التوافق والحلول لتقديم الأولويات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها إلا أن النظام الحالى لا يقبل أى توافق، كما أن هناك حقيقة وهى أنه لا يوجد أى شخص كفء يقبل أن يعمل فى ظل فكرة الحكومة الموازية أو تحت رئاسة رئيس وزراء لم ينجح خلال الفترة الماضية.

كيف ترى المنظومة التشريعية فى مصر حاليا؟
- المشرع المصرى يعانى من بعض الأمراض المعضلة، أولها أن مجلسنا التشريعى بدأ إسهالاً تشريعياً مزمناً، لأن هناك اعتقاد أن كل مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية تحل بتشريعات وهذا مفهوم خاطئ فى المنظومة التشريعية لأن الأهم من إصدار التشريع هو تنفيذه، ثانيا، أنه لدينا ثقافة نصف التشطيب انتشرت فى تشريعاتنا حيث تجد كل تشريعاتنا غير مكتملة ولم تتعرض للحوار المجتمعى قبل إصدار التشريع، وجميع التشريعات غير معدة ولم يجر عليها دراسات كافية، رغم أنه فى بلد متقدم مثل المملكة المتحدة مثلا أصدروا قانونا للشركات فى 2006 وهذا القانون لم يدخل حيز التنفيذ إلا فى 2010، بعدما سمحوا لكل الجهات المستفيدة والمتضررة منه بدراسته والتعليق عليه ودار عليه حوار مجتمعى كامل، أما نحن فنصدر القانون أو التشريع –وهو ناقص- ولم يعلم به أحد ويتم تنفيذه فورا وربما بأثر رجعى أيضا.




























مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة