يسعى كل شخص فى الحياة بشتى الطرق كى يصل إلى هذه الحالة المبهمة المتمثلة فى كلمة السعادة، فتجد الشخص يجعل هذه الكلمة سببًا لكل ما يفعله وهدفًا فى نهاية كل طريق يتوجه إليه، حتى وإن كان الطريق الخطأ ولكنه يسير فيه باحثًا عن المبرر فى النهاية، وكثير مننا لا يضع تعريفًا محددًا لهذا الهدف المسيطر على حياتنا، وبالتالى يختلط علينا الأمر وتختلط علينا الطرق لأننا غير محددين الوجهة.. فدعونا نتساءل فى البداية هل هناك تعريف محدد لحالة السعادة يمكن أن نسترشد بها كمعيار للوصول إليه؟ هل السعادة فكرة أم إحساس أم أفعال وأقوال أم كل هؤلاء متجمعين؟ وهل هى حالة داخلية أم حالة تسيطر على المشاعر والوجدان وتنطلق لتعم إلى ما خارج الشخص وما حوله؟ وهل تختلف من شخص إلى آخر وتتفاوت أسبابها أم هى ثابتة؟ وهل هذه الحالة لا تتغير على مر مراحل العمر فما يسعدنى وأنا طفل يسعدنى وأنا شاب ويستمر فى إسعادى على جميع مراحل العمر؟
وللإجابة على كل هذه التساؤلات يجب أن تأتى الإجابة نابعة من خلاصة تجربة كل شخص مننا، والبداية أبسط ما يمكن بسؤال ما هى حالتنا عندما نطلق على أنفسنا هذا المسمى "السعادة" ولنفرق ما بين الحالة والسبب الذى أوجدها، لأن الأسباب متغيرة وهى الأدوات التى سنستعملها للوصول لغايتنا والحالة هى المغزى وهو جوهر موضوعنا، فالسعيد هو من نجده فى حالة صفاء روحى وهدوء نفسى وراحة فسيولوجية حتى وإن كانت حياته مليئة بالنشاطات والمشاغل والأعمال، ولكن الحالة الداخلية تعكس التوازن أو تصالح ما بين تضاد الحياة على مظاهر حياته، مثل التوازن الذى يحدث ما بين الفرح والحزن فنجد أحزان الحياة تتصالح بأفراحها وإحباطات الحياة تمحى بآمالها، والكراهية تداوى بالحب والآلام من أعز الناس تحتوى بكثير من البسمات، فالسعيد ليس من لا يواجه المشاكل فى الحياة ولكنه هو الذى يستطيع أن يواجهها ويتغلب عليها.
وعندما تلتقى بأسباب سعادتك فى الحياة اعلم أنك من المحظوظين ويأتى دورك فى الحفاظ عليها والمداومة عليها فمن تسعده نشاطات معينة فى الحياة أى كانت ولا يفعلها فهو الملام، والسعادة لا تأتى إلا باجتماع الرغبة فيها مع القدرة عليها ومساعدة الظروف المحيطة للإنسان لتحقيقها، فالبداية تأتى من رغبتك أنت فى إسعاد نفسك ثم تليها مرحلة اكتشاف أسباب هذه الحالة من أشخاص وأفعال ونشاطات وتدونها وتصنفها من حيث قدرتك على الوصول إليها وملائمة الظروف التى تحيط بك لتحقيقها، وكلما دونت أفكارا ونشاطات كثيرة تسبب لك السعادة كلما وسعت المجال لنفسك للحصول على المزيد من هذه الحالة الرائعة، واحرص على اختيار السهل البسيط منها وتكراره يوميا، مثل سماع الموسيقى أو الخروج والتنزه فى الأماكن المفتوحة أو حتى زيارة أحد الأشخاص المقربين.
وإليكم أقصر الطرق إلى السعادة ومفتاح الباب الذى وراءه كنز السعادة وهو الحب فمن يجده لا يفرط فيه.. فالحب هو الشىء الذى يميل إليه قلبك وترتاح فى وجوده بجانبك ويؤثر على أفكارك بشكل إيجابى، فأفكارك الإيجابية هى التى تؤثر على مشاعرك وتحولها للناحية الإيجابية، والمشاعر هى المحفز للسلوك والسلوك يؤثر على تفاصيل الحياة وهكذا تدور فى حلقة إما إيجابية أو سلبية باختيارك أنت، فبمجاورة من تحب والمداومة على ما تحب تشكل حياتك، لأن العقل لا يستطيع أن يفعل شيئين فى نفس الوقت فإذا دخل فى دائرة الحب يفتح نفس الملفات التى تحتوى على هذه الحالة، ودائما العقل يبنى إجراءاته على آخر تجربة له، فكلما واجهت فى الحياة من صعوبات الجأ إلى من تحب كى تخرج من حالة اللا سعادة إلى السعادة، فمفتاح السعادة هو الحب تمسك به ولا تتركه من يدك.
