هاجم مثقفون عرب وقيادات نسائية عربية مشاركون فى حلقة نقاشية نظمتها مندوبية العراق لدى الجامعة العربية ما وصفوه بـ"التيار الدينى"، واتهموه بمحاولة انتقاص حقوق المرأة.
جاء ذلك فى حلقة نقاشية أقامها الصالون الثقافى العربى برئاسة السفير قيس العزاوى مندوب العراق لدى الجامعة العربية الليلة الماضية بالتعاون مع الجامعة العربية عن دور المرأة فى التحولات الجارية بالمنطقة "المشاركة والإبداع والتغيير"، وذلك على هامش انطلاق ندوة الإستراتيجية الإقليمية لحماية المرأة العربية "الأمن والسلام" التى تقيمها الجامعة العربية بالتعاون مع المكتب الإقليمى للمرأة التابع للأمم المتحدة.
وشارك فى الندوة سياسيون وسفراء عرب ونشطاء وفنانون وشخصيات عامة منهم الفقيه الدستورى الدكتور يحيى الجمل، والمستشارة تهانى الجبالى، والسفيرة فائقة الصالح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية.
وردت فاطمة الزهراء بابا أحمد مستشارة وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بالمغرب على هذا الهجوم من قبل أغلب المتكلمين بالتساؤل، هل يمكن تعميم الأحكام، وأجابت قائلة "لا يمكننا ذلك، لكل بلد ولكل تجربة خصوصيتها".
وتابعت: هل كل الأحزاب اليمينية هى ضد النساء والعكس، وأضافت: "فى المغرب على سبيل المثال لدينا أربعة أحزاب حاكمة، حزب واحد منها رشح امرأة لوزارة بالحكومة وهو حزب العدالة والتنمية (ذو المرجعية الإسلامية)، وهذا الحزب 42% من مجلسه الوطنى المنتخب من النساء، وهو يسعى للنهوض بأوضاع المرأة المغربية.
ووجهت حديثها للمشاركين فى الحلقة النقاشية بعد أن اقتصرت المناقشات على الهجوم على الإسلاميين دون تناول المرأة فى التغيير بالمنطقة، قائلة "إن امتياز المثقف أن يكون موضوعيا ومحايدا".
من جانبه، قال الناقد الدكتور صلاح فضل، إن ما وصفه بـ"معركة المرأة" لا تحسم من الوجهة النظرية، بل من خلال انخراط المثقفين فى الشارع.
وأضاف: أن من وصفهم بـ" العوام" وجمهور الشعب الغفير لهم حق التصويت فى الانتخابات، ولذلك يجب أن نقترب من المجتمع وأن نسلب سلاح الدين، الذى يستخدمه أعضاء ما وصفه بأعضاء "اليمين الدينى".
وشدد على ضرورة الإصرار على وثيقة الأزهر لحقوق المرأة، لتبرئة وجه الإسلام الوضاء الذى يستغل من قبل من يضلل العوام به، على حد تعبيره.. وتابع: "أكبر مشكلة نواجهها هى استخدام الدين فى تضليل العوام، وكيف يمكن أن يقترب المثقفون من الجمهور وكشف زيف هذا التضليل".
من جانبه، قال المفكر الدكتور جابر عصفور، إن احترام المرأة لم يسد فى الفكر العربى الإسلامى إلا لحظات قليلة، وهى التى يعلو فيها صوت التيار العقلانى، ويسمح الحاكم ببعض الديمقراطية، ما يؤدى إلى الانفتاح العقلانى على النصوص الدينية، وينظر للمرأة كشريك للرجل، مشيرا إلى أن بعض هذه الفترات الإيجابية من بينها عهد الخليفة العباسى المأمون الذى ازدهر المعتزلة تحت رعايته.
ورأى أن هناك علاقة وثيقة بين الاستبداد والتطرف الدينى، الذى يمثله الفكر الدينى الاتباعى المتعصب - على حد تعبيره - الذى لم ينقطع إلا فى عصر الخديوى إسماعيل حيث بدأت فى تلك الفترة الكتابة فى الصحف عن حقوق المرأة.
ولفت عصفور إلى أن هناك وهما شائعا أن قاسم أمين أول من تحدث عن تحرير المرأة، ولكن المرأة اللبنانية والمصرية كتبت قبل ذلك عن حقوقها خلال النصف الثانى القرن التاسع عشر.
وأوضح أن مجد المرأة ظل يصعد مع صعود الفكر الديمقراطى فى مصر، وبدأ عملية تأسيس حركة تحرير المرأة على نحو لم يكن له وجود من قبل، إلى الدرجة التى دفعت هدى شعراوى وكثيرا من السيدات ومنها أم المصريين السيدة صفية زعلول أن يخلعن النقاب التقليدى، ويسفرن عن وجوهن، وظلت هذه الحركة مستمرة إلى نهاية الأربعينات، ومع قيام ثورة يوليو، ظلت الحركة موجودة، لأن عبد الناصر أيدها، حيث رفض طلب الإخوان المسلمين لأن يدعو النساء المصريات للحجاب.
وقال عصفور، إن الجامعات المصرية، لم تعرف مايسمى الحجاب - على حد تعبيره-، معتبرا أن تحالف الرئيس الراحل أنور السادات مع الجماعات الإسلامية، أدى إلى استعادة ما وصفه بـ"الميراث الإسلامى النقلي" خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة.
وتابع قائلاً "عندما حدثت ثورة 25 يناير، ظننا أن هذا بداية ربيع جديد، ولكن تحول حلم الثورة إلى كابوس بعد أن تم استعادة ما وصفه بـ"الأفكار الأكثر جمودية وانغلاقاً، التى تعود لعصور التخلف والهزيمة"، على حد تعبيره.
وأشار إلى تزايد الحجاب فى مصر، داعياً إلى المقارنة بين النساء التى كانت تحضر حفلات أم كلثوم والوضع الحالى، معتبراً أن هذا التغيير الذى يحدث أسوأ تغيير حدث للمرأة المصرية، على حد قوله.
من جانبها، قالت الدكتورة هيفاء أبو غزالة، عضو مجلس الأعيان الأردنى والأمين العام للمجلس الوطنى لشئون الأسرة إن أول من استخدم مصطلح الربيع العربى هو الرئيس الأمريكى باراك أوباما، مشيرة إلى أن البعض اعتبره خريفا أو تسونامى عربى، واعتبرت أن الخطابات المتشددة، تريد إعادة المرأة من الإطار العام إلى الإطار الخاص، بعد أن استخدموها فى الثورات.
من جهته، قال الدكتور يحيى الجمل، إن النساء كن يتقدمن الرجال فى المظاهرات أثناء ثورة 25 يناير، والمرأة فى الريف المصرى شريك كامل فى الحياة الاجتماعية.
بدورها، قالت الدكتورة مبروكة الشريف جبريل عضو المجلس التنفيذى فى منظمة المرأة العربية والوزيرة بالحكومة الانتقالية إن الديمقراطية هى سلوك لا يمارس فقط فى دوائر محدودة وداخل مؤسسات معينة، بل فى الأسرة ورياض الأطفال والمدارس والجامعات، مشيرة إلى أن المرأة تلعب دورا كبيرا فى هذا الشأن من خلال غرس الديمقراطية عبر عملية التربية.
وأضافت "لدينا حقوقا متطورة فى القوانين، وعندما نأتى للتطبيق لا نجد شيئا، وضربت مثالا أنه فى ليبيا كان القانون ينص على ضرورة الحصول على موافقة الزوجة الأولى على اقتران زوجها بزوجة ثانية، ولكن يتم التحايل على هذا النص".
واعتبرت أن الفكر العربى يعتمد منذ عهد فقه الإمام الشافعى حتى الآن على القياس فقط، وأحيانا لا تتوافر شروط القياس، ورأت أن هذه الآلية جعلت الفكر العربى لا يمارس التفكيك والتحليل، بل يختصر ذلك بقياس الحالة على حالة أخرى، داعية إلى ضرورة الاستفادة من الآليات والمناهج المعاصرة. من جانبها، قالت ربيحة دياب وزيرة شئون المرأة الفلسطينية إن المرأة الفلسطينية حافظت على استمرارية الثورة، لأنه عندما كان المقاتل يذهب للمعركة وهو مطمئن، معتمدا على زوجة وأم تحافظ على أسرته وسمعة بيته، كما حافظت على تماسك الأسر الفلسطينية.
وأكدت، "أنه لولا المرأة الفلسطينية لما استمرت الانتفاضة لمدة سبع سنوات"، مضيفة "ما يكابده الشعب الفلسطينى لو حدث مع أى شعب آخر لصرنا هنوداً حمر، ولكننا واثقون أننا سنستعيد أرضنا، ونحن وهم والزمن الطويل"، فى إشارة إلى إسرائيل.
وقالت ربيحة دياب "بالتأكيد هناك ثورات عربية، ولكن هناك من يحضر نفسه ليتسلم السلطة وهذه الثورات".
من جهتها، قالت وزيرة الدولة لشئون المرأة العراقية ابتهال الزيدى، إن المرجعية الدينية فى العراق ساندت دور المرأة، خاصة فى زمن النظام العراقى السابق، مشيرة إلى سقوط 1300 شهيدة، واعتقال1800 سيدة فى العهد السابق.
وأضافت أنه فى الوقت الحالى حصلت المرأة على فرصة فى الحكم والبرلمان ولجنة كتابة الدستور، وبعض الأحزاب الدينية كانت تدفع بالنساء لتشارك فى كتابة الدستور، مشيرة إلى أن المرجعية الدينية لم ترفض فكرة (الكوتا)، وأن النساء العراقيات بدأن فى دخول المجالس المحلية بدون الكوتا، منوهة بأن مجلس النواب 27% من أعضائه من النساء.
من جانبها، قالت الإعلامية هالة شحاتة "إن تسميات سلفى وإخوانى، وفلول وعلمانى، تحمل إدانة للآخر، وفى هذا الصراع كانت القوة الوحيدة التى كانت متماسكة هى المرأة، وإن الثورة لم تكن تعبر عنى، ولكن ثورتى سوف تحدث عندما يمس أحد حريتى".
بدورها، قالت المرشحة الرئاسية السابقة بثينة كاملة إن ترشحها لم يأت من رغبة فى أن تصبح رئيسة للجمهورية، بل هى تجربة بالأساس هجومية، كى أربكهم، على حد تعبيرها.
واعتبرت أن أعداء المرأة ليسوا التيارات اليمينية فقط، بل إن العقلية الذكورية هى أيضا عدوة المرأة، وأردفت قائلة "لم ألق أى مساندة من رجال الأعمال الذين يتحدثون عن حرية المرأة، فهم يريدونا أن نتحرر عندما يستفيدون، وعند الحصاد يريدون أن يكونوا وحدهم"، على حد قولها.
وقالت الدكتورة شفيقة سعيد رئيس اللجنة الوطنية للمرأة باليمن عضو المكتب التنفيذى لمنظمة المرأة العربية إن ثورة اليمن حققت جزءا مما تريد النساء وليس كله.
وأشارت إلى أن النساء يشكلن 30% من أعضاء الحوار الوطنى، وسيلغين كل النصوص الدستورية التمييزية فى اليمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة