مقبول فى الأسرة العربية، أن يعترى اليأس أحد الأطفال من الظلم العائلى مطالباً بتقسيم الشقة بالعدل بين أفراد العائلة، مراهقة، ولكن أن يصبح هذا التخريف رأياً معلناً لأعمدة الأسرة – أباً أو أماً أو عشيقاً – فهو أمر يرقى إلى مرتبة الضياع، أقول هذا وأنا أقرأ مقالات وأسمع خطباً لرجالات أشاوس ينادون بتقسيم سوريا إلى دولة علوية، عاصمتها اللاذقية، ودولة سنية عاصمتها دمشق، ولعلهم نسوا أن يضيفوا دولة يهودية عاصمتها الجولان!، وربما لا يدرك هؤلاء اليائسون من الربيع العربى عدة حقائق، أولها أن سوريا على طول تاريخها قبل المسيحى ثم المسيحى ثم الإسلامى، ظلت دائماً قطراً عربياً موحداً رغم تصاريف الزمان، وثانياً، أن المعدن السورى قد يتمدد أحياناً كما حدث فى تجربة الوحدة مع مصر عام 1958، ولكنه أبداً لا يقبل الانكماش أو الاختزال أو الانكسار، وما ينبغى له، وثالثاً، أن تجربة الجزارين، الأسد الأب، وشبله بشار، تبقى على مرارتها فاصلاً مؤقتاً فى الزمن الشامى، ولا يمكن إطلاقا أن يسمح العرب لهذه التجربة العلقم أن تنتهى بالتقسيم مهما كانت بحور الدم الذى يسيل ليل نهار بأيدى الطاغية وزبانيته، ورابعاً، إنه مازال هناك اختراع بشرى اسمه الديمقراطية بموجبه يتعايش الناس شعوباً وقبائل ومللاً ونحلاً، ويتعارفون، ويديرون شئونهم اليومية وسياستهم الخارجية، واضعين نصب أعينهم رمزاً لا مساس به، هو الوطن ووحدته الإقليمية، وخامساً، إن سيناريو التقسيم لو سمحنا به فسوف تنتهى معه خريطة الشام إلى دويلات سنية وشيعية ودرزية ومارونية وصهيونية، مع خيوط تربط تلك العرائس التافهة بكل من مصر وإيران وتركيا والسعودية وإسرائيل وأمريكا وبلاد الواق الواق، وهو سيناريو يسمونه فى أدبيات السياسة اللبننة أو البلقنة، فيما يطلقون عليه فى أدبيات الفلسفة الجنون الجماعى.
وخلاصة القول، إنه لا حل للمشكلة السورية سوى المفاوضات بين الفرقاء المتقاتلين، للخروج بتسوية تذهب ببشار ونظامه إلى الجحيم، وتقى البلاد من حمامات الدم الحالية للسنة والقادمة للشيعة، وتحافظ على وحدة البلاد فيما ترسى نظاماً سياسياً على ركائز ثلاث، العروبة، والديمقراطية، والتعايش.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عدنان احمد
رد ع الفهمان .....طه سيف الدين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الشناوي
تزيف الوعي