حـــســـــن زايـــــــــــد يكتب: دى سيلفا الــدرس الأهــــم

الإثنين، 13 مايو 2013 03:50 م
 حـــســـــن زايـــــــــــد يكتب: دى سيلفا الــدرس الأهــــم صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دى سيلفا، الرئيس الذى كان ماسحاً للأحذية فى عاصمة بلاده ساو باولو، ثم حـــرفى فــى ورشة، ثم ميكانيكى سيارات، ثم بائعاً للخضار، بعد أن توقف به قطار التعليم عند محـــطة السنة الخامسة من التعليم الأساسى، بسبب الفقر المدقع الذى عانت منه أسرته. لـــم يكــن بحاجة إلى دكتوراه فى الهندسة من الجامعات الأمريكية، ولا أن يلتحق بوكالة ناسا، زعمـًا أو واقعاً، كى يقود بلاده من دولة أعلنت إفلاسها وعجزها عن الوفاء بديونها إلى دولة لهـا من الريادة ما يدفع دولة بحجم مصر إلى استجداء تجربتها.

دى سيلفا لم يكن فى حاجة إلى مكتب إرشاد ولا إلى تنظيم دولى كى ينخرط فى مجال العمل السياسى. وإنما فقط كان يحتاج إلى الأحاسيس والمشاعر البشرية التى لا تتوفر لأصحاب الجلد السميك من البشر، وهــــذه البضاعة لا تتوفر فى محلات البقالة حتى يتسنى المتاجرة فيها بيعاً وشراءً ،ولكنها مخزون بشرى استراتيجى جبل الإنسان عليه، وهى فطرة تتوفر للجميع بقدر الرغبة فــى النهل من من معينها الفياض. فقد تعرض الشاب دى سيلفا لحادثة بسيطة أثناء عمله فى إحدى مصانع
قطع غيار السيارات، ترتب عليها فقدان إصبعه الخنصر فى اليد اليسرى بسبب إهمــال من صاحب المصنع الذى كان يعمل به. ولإنه إنسان، وليس من أصحاب الجلد السميك، فقــــد أثرت عليه هذه الحادثة تأثيراً نفسياً بالغاً، دفعه إلى التفكير ملياً فى حقوق العمال، وحمايتهم من غلظة وقساوة أصحاب الأعمال.

ولما كان هذا النموذج الإنسانى قد تعلم الدرس من أمه ووعاه واعترف به حين قال: " لقد علمتنى أمى كيف أمشى مرفوع الرأس، وكيف أحـترم نفسى حتى يحترمنى الأخرون" فقد سارع إلى الانضمام إلى نقابة عمالية بقصد الدفاع عن حقوق العمال وتحسين مستواهم. لقد انحاز منذ الصغر إلى اختياراته فى الكبر، ولم يتنكــر لها أو ينقلب عليها. ولأنه رجل لديه قضية وهدف لم ييأس رغـــم هزيمته فـى الانتــخابات الرئاسية لثلاث دورات متتالية. لم يكن سعيه طمعاً فى كرسى السلطة والتسلط على رقــاب العباد، وإنما هدفه انتشال البلاد والعباد من هوة الفقر التى عانى هو منها طوال حياتـــــه.

لذا فإنه كان مستقيماً مع نفسه، متسقاً مع اختياراته، مؤمن بانحيازاته. ومن هنا لم تكن تلزمه الخلفية الأكاديمية لأن ما تصنعه هذه الخلفية هو فيه بالفطــرة والسليقة، والخــبرة العملية، والتجربة الإنسانية الحية المعاشة. بفضل ذلك كان لـدى دى سيلفا منــهج لبـنــاء الدولة يتمثل فى الديمقراطية، والسياسة المتوازنة بين البرامج الاجتماعية للأسر الفقــيرة إلى جانب التصنيع والتصدير اعتماداً على الشركات العملاقة، وتحقيق العدالة الاجتماعيــة عن طريق الضرائب التصاعدية. حيث استخدم ما توفر منها فى رفع مستوى الأسر الفقـــيرة، فى ظل سياسة احتواء لرجال الأعمال بالتوازى مع برامج مكافحة الفقر.

وقــــام بتــحديث الجيش حتى أصبح أكبر جيش فى أمريكا الجنوبية. وأصبحت بلاده تحتل المرتبة الثــامـنـة كأكبر اقتصاد فى العالم. هذا الرجل كان يتمشى فى الشوارع ويركب الدراجة والتاكسى وهو رئيس للبرازيل. والقصر الجمهورى بلا أسوار. بعد انتهاء فترة رئاسته الثانية بكاه شعبـــه بعد أن رفض تعديل الدستور ليستمر لفترة ثالثة، فكان رده: "قبل عشرين سنة، ناضلــت، ودخلت السجن لمنع الرؤساء من أن يبقوا فى الحكم أطول من المدة القانونية، كيف أسمح لنفسى أن أفعل ذلك الآن؟" انتهى الدرس !!.











مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة