محمود محمد الأبيدى يكتب: أفتش عن إنسان!

الأحد، 12 مايو 2013 03:26 م
محمود محمد الأبيدى يكتب: أفتش عن إنسان! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان أحد الفلاسفة يدور بمصباحه فى بياض النهار، فسئل عن سر ذلك؟ فقال: أفتش عن إنسان!!!

لذا سأحدثكم اليوم فى نفس الأمر وسأطوف بحضراتكم فى بقاع الدنيا باحثاً عن إنسان وسأضع دائرة بقلمى على معنى الإنسانية وسأتحدث عن أناس علمونى معناها وعلى رأسهم أبى وأسأل الله تعالى القبول والصدق والإخلاص
نريد إنسانا يرسم البسمة على الوجوه العابسة، ويُدخل السرور على القلوب الحزينة ويخرج الصدقة فى السر ولا يمن على أحد، نريد إنسانا يغيث الملهوف، وينصر المظلوم، ويواسى المكلوم ويُضحى ويُعطى منتظراً الأجر والثواب من الله.

نريد إنسانا يعطى المحتاج، ويطعم المسكين، ويمسح رأس اليتيم. لينعم بمرافقة الحبيب فى الجنة. نريد إنسانا يستر العورات، ويقيل العثرات، ويقضى الحاجات.

إننى اليوم كداعية أزعم أن دورى الحقيقى والأساسى هو بناء العقول وددت مع من يبنون بأيديهم وأموالهم الجدران، أن نبحث معا ونفتش عن إنسان ليأخذ بيدى لنذهب إلى ربنا تبارك وتعالى متوسلين معتذرين مستغفرين معترفين.

يا من عصيتك جاهلاً ..فسترتنى.. وتردُّ حـين أسيئ .. بالإحسان
كم جئت بابك سائلا.. فأجبتنى.. من قبل حتى أن يقــول لسانى.
واليوم جئتك تائباً مستغفراً.. شىء بقلبى للـهدى نادانـى
عيناى لو تبكى بقية عمرها.. لاحتجت بعد العمر .. عمراً ثانى
إن لم أكن للعفو أهلا خالقى.. فلأنت أهل العفو والغفران.

عندما تشاهد أحبَّ الناس إليك يتألم من شدة المرض، وأنت معه لا تستطيع أن تقدّم له ما يخفّف عنه؛ فإنك حينئذٍ أنت الذى تعانى أشدّ أنواع الألم. لا لشىء إلا لأنك إنسان أو تعى معانى الإنسانية ومع ذلك لابد أن يبقى الأمل بداخلك وأن تظل تحلم بأن يتم الله شفاءه حتى ولو كان الأطباء عاجزين عن تصنيف دواء يجعله يبرأ من سقمه، لأن الطبيب الأكبر هو الله وقد خاطب بها الخليل قومه فقال لهم ((قالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّى إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ* وَالَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ* وَالَّذِى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِى حُكْمًا وَأَلْحِقْنِى بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِى مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِى إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلا تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ)) اللهم اجعلنا من المتقين ولا تكلنا إلى غيرك طرفة عين والإنسانية فى الإسلام ليست مجرد أُمْنية شاعرية تهفو إليها بعضُ النفوس، وليست فكرة مثاليةً تتخيَّلها بعضُ الرؤوس، وليست حِبراً على ورق سطّرته بعضُ الأقلام، إنها ركنٌ عقدى وواقع تطبيقي، وثمار يانعة.

فلنبحث عن إنسان يعيد لنا المعانى الإنسانية فليفتش كل واحد منا الآن فى سيرة أبيه وسأفتش عن إنسان كأبى، سألونى أى رجل تحب؟ فـقلت: من انتظرنى تسعة أشهر واستقبلنى بفرحته وربانى على حسابه وحساب صحته، فسهر الليالى يفكر ويدبر حتى أصبحت رجلاً.. هو الذى سيبقى أعظم حـب بقلبى للأبد .. عذراً لـجميع الرجال فـلا أحد يشبه الأب سأفتش اليوم عن إنسان كأبى وهو الذى علمنى، وقال يا بنى احترم معلمك ووقر الكبير وأعطف على الصغير هو الذى أخبرنى بأن لله تعالى حكمة كبيرة فى أن يخلق لنا لسانا واحدا وأذنين لنسمع أكثر مما نتكلم وهو الذى ربانى وعلمنى أن الإنسان بلا قيم إنسان بلا قيمة سأبحث عن من يذكرنى بالقيم ويذكرنى بغلاوة مثل هذه الأيام المباركة والتى كانوا يستقبلونها سالفاً فى ريفنا المصرى بالحب والود والصفح والسلام والقراءة الجماعية للقرآن وحلقات الذكر سأستعيد اليوم مشهدا إنسانيا صعبا لأب بوصى ابنه فيقول: ولدى العزيز فى يوم من الأيام سترانى عجوزا.. غير منطقى فى تصرفاتى!!.عندها من فضلك أعطنى بعض الوقت وبعض الصبر لتفهمنى وعندما ترتعش يدى فيسقط طعامى على صدرى. وعندما لا أقوى على لبس ثياب فتحلى بالصبر معى.. وتذكر سنوات مرت وأنا أعلمك ما لا أستطيع فعله اليوم !!

إذ حدثتك بكلمات مكررة وأعدت عليك ذكرياتى فلا تغضب وتمل فكم كررت من أجلك قصصا وحكايات فقط لأنها كانت تفرحك !!وكنت تطلب منى ذلك دوما وأنت صغير!!! فعذرا حاول ألا تقاطعنى الآن إن لم أعد أنيقا جميل الرائحة !

فلا تلمنى واذكر فى صغرك محاولاتى العديدة لأجعلك أنيقا جميل الرائحة لا تضحك منى إذا رأيت جهلى وعدم فهمى لأمور جيلكم هذا ولكن. كن أنت عينى وعقلى لألحق بما فاتنى أنا من أدبتك أنا من علمتك كيف تواجه الحياة فكيف تعلمنى اليوم ما يجب وما لا يجب؟!! لا تملّ من ضعف ذاكرتى وبطء كلماتى وتفكيرى أثناء محادثتك لأن سعادتى من محادثة الآن هى فقط أن أكون معك! فقط ساعدنى لقضاء ما أحتاج إليه فما زلت أعرف ما أريد!

عندما تخذلنى قدماى فى حملى إلى المكان الذى أريده فكن عطوفا معى وتذكر أنى قد أخذت بيدك كثيرا لكى تستطيع أن تمشى فلا تستحيى أبدا أن تأخذ بيدى اليوم فغدا ستبحث عن من يأخذ بيدك فى سنى هذا اعلم أنى لست مُـقبلا على الحياة مثلك ولكنى ببساطة أنتظر الموت!!! فكن معى.. ولا تكن علىّ! عندما تتذكر شيئا من أخطائى، فاعلم أنى لم أكن أريد دوما سوى مصلحتك وأن أفضل ما تفعله معى الآن أن تغفر زلاتى.. وتستر عوراتى.. غفر الله لك وسترك.

ما زالت ضحكاتك وابتسامتك تفرحنى كما كنت صغيرا بالضبط فلا تحرمنى صحبتك !!! كنت معك حين ولدت
فكن معى حين أموت !!!
حدثتكم اليوم عن أبى لأنه من وجهة نظرى هو الشخص الوحيد الذى يستطيع ان يوقظ معانى الإنسانية بداخلى.

يا من له أب اتق الله فى أبيك ويامن رحل أبوه كن إنسانا مع من رباك، إلهى من مات والده فاغفر له وارحمه وأسكنه فسيح جناتك ومن كان والده حياً فأطل عمره على طاعتك وفرج همه، وارزقه من حيث لا يحتسب وأمطره برحمةٍ منك واغفر له وأدخله فسيح جناتك، والله من وراء قصد وهو الهادى إلى سواء السبيل.








مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة