شفيق: "مبارك" صاغ خطاب التنحى ولم يطلب ضمانات بعدم محاكمته.. والإخوان لعبوا دورا تدميريا فى المرحلة الانتقالية.. وعمر سليمان قال لى لو أصبحت نائبا منذ عام لتغير الموضوع

الأحد، 12 مايو 2013 09:44 ص
شفيق: "مبارك" صاغ خطاب التنحى ولم يطلب ضمانات بعدم محاكمته.. والإخوان لعبوا دورا تدميريا فى المرحلة الانتقالية.. وعمر سليمان قال لى لو أصبحت نائبا منذ عام لتغير الموضوع أحمد شفيق
نقلا عن جريدة الحياة اللندنية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال أحمد شفيق، رئيس الوزراء الأسبق، إن الراحل عمر سليمان قال له ذات يوم وهو متألم: «لو عيّننى الرئيس فى هذا المنصب قبل سنة، لكان الموضوع مختلفاً اليوم».

وأضاف "شفيق" خلال السلسلة الثانية من حواره لـ"الحياة اللندنية" أنه لم تكن المطالب الأولى (للثورة) إطاحة النظام، بل إجراء بعض التعديلات، وحلّ مجلس الشعب، وإلغاء نتائج الانتخابات (التى أجريت فى 2010)، وبعض التغييرات الأخرى مشيرا إلى أن"سليمان" كان يتكلم معه أحياناً، وكانت هناك قناعة بأنه لا بد من إجراء عدد من التغييرات، للأسف قبل الأحداث لعب حديث التوريث دوراً فى إثارة غضب الناس.
وعن تصريح عمرو موسى لفضائية «الحياة» بشأن أن عمر سليمان والمشير حسين طنطاوى كانا معارضين للتوريث، أكد "شفيق" صحة كلامه موضحا بأنه لم يكن أحد موافقاً على التوريث، باستثناء من كان سيستفيد استفادة مباشرة من الأمر.

وأكد"شفيق" على أن المشير محمد حسين طنطاوى،كان مشغولاً بالميدان، وأذكر فى أحد لقاءاتهم، وقد اقتربنا من مرحلة ترك إدارة البلاد لعمر سليمان، وليس التنحى الكامل (للرئيس حسنى مبارك)، كنا أطلعنا على الخطاب الذى سيلقيه الرئيس من أجل ترك المهام لسليمان حتى سبتمبر 2011، عندما يغادر نهائياً بسبب انتهاء ولايته. كنا جميعاً مجتمعين حول الرئيس، وأذكر تماماً، أن الرئيس أشار بيديه إلى طنطاوى قائلاً: «أين هم رجالك الأشداء يا حسين»؟ فردّ المشير، وكان أول رد مباشر أمامنا فى هذا الشكل، قائلاً: «أنا مش ممكن أضرب نار يا ريّس». فرد عليه الرئيس بحدّة: «أنا لم أقل ضرب نار، وأنا غير موافق على ضرب النار. أنا أقول لك: أين رجالك الأشداء. لأن الدبابة لا تنفع. أين هم الرجال الذين يقفون فى وجه المتظاهرين»؟

ثم انصرفنا، وريثما يأتى نص خطاب مبارك مكتوباً، قال لنا الرئيس: «يا جماعة، الوقت تأخر، اجلسوا فى الغرفة المجاورة وتناولوا سندويشات أو أى شىء». دخلنا الغرفة المجاورة. وفيها، قال زكريا عزمى للمشير طنطاوى ممازحاً: «ما تمسك البلد يا سيادة المشير وتخلصنا». فأجابه: «أنا لا أمسك بلاداً... اعملوا مجلس رئاسة، أو أى حاجة». هذا مع العلم أننا كنا فى صدد أن يتولى عمر سليمان الأمور فى البلاد، وهكذا، كان الكلام يخرج على عواهنه.
بعد فترة طويلة من الانتظار فى الغرفة، طُلب (بضم الطاء) عمر سليمان للدخول إلى الرئيس، وبعدها طُلب زكريا عزمى الذى لم يغب طويلاً قبل أن يرجع ويقول لنا: «خلاص مش حنشوف الخطاب النهار ده. الموضوع تغيّر مرة ثانية".

وأشار رئيس الوزراء الأسبق إلى أنهم باعتبارهم مسئولين فى الدولة، فكان لا بد من قبل ذهابنا أن نطلع على الصياغة الأخيرة للخطاب، بعدما حضرنا صياغته (الأولى، قائلا :"أنا لم أكن حاضراً عند كتابته، ولكن علمنا فى تلك الجلسة أن الخطاب سيشمل كذا، ولن يشمل كذا".

وهكذا، دخل زكريا عزمى، وقال: إن الخطاب لن يبصر النور اليوم، لأن بعض التعديلات ستدخل عليه مرة ثانية، وقيل بعد ذلك إن جمال مبارك كان له مناقشة أخرى مع الرئيس، وبناء عليها سيحصل تغيير آخر فى شكل الخطاب، هذا الكلام تردد كثيراً بعدها. حدث ذلك يوم الأربعاء (9/2/2011)، وكان يفترض أن يذاع الخطاب فى اليوم التالى صباحاً بعد إعادة صياغته، ولكن لم يذع إلا فى وقت متأخر من ليل الخميس. وكان خطاباً مركباً، «وما شفناش حاجة منه». وكان غير موفق بالمرة.

وتابع "شفيق" بأن الرئيس السابق محمد حسنى مبارك هو من صاغ خطاب التنحى، مشيرا إلى أنه قيل أيضاً إن أنس الفقى كان موجوداً مع جمال مبارك أثناء صياغته. قيل ذلك، ولكن لم أرَ ذلك بعينى، وأول ما أذيع الخطاب، انفعل بعض المتظاهرين جداً (سلباً) فى الميدان، على غير المتوقع، وذلك على عكس الخطاب الذى قال فيه الرئيس: «إننى لن أتحرك وسأموت فى مصر»، ما دفع أناساً كثيرين إلى التعاطف الشديد معه، موضحا أن ذلك كان يوم الخميس ليلاً، والموقف كان سيئاً جداً على أثره، وصباح اليوم التالى فى 11/2/2011، خرج الرئيس إلى شرم الشيخ قبل صلاة الجمعة.

وأكد"شفيق" على أن "مبارك" لم يطلب أى ضمانات بعدم محاكمته، موضحا أن "مبارك" نُصح كثيراً بالمغادرة، لكنه رفض، وقال فى خطابه الأول: «أنا لن أغادر، ولدت هنا فى مصر وسأموت فيها بالرغم من أن دولا كثيرة عرضت عليه بضع الدول استضافته، واعتقد أن دولاً عربية خليجية كانت مستعدة لاستقباله.
وما زال بعض هذه الدول يعتبر حتى اليوم أن النظام الذى قام (لاحقاً) لم يتبع الحد الأدنى من الأصول، وأنا عندما كنت رئيساً للوزراء لم أكن أتردد فى القول إنه علينا أن نقوم بواجباتنا، وأن نحترم التقاليد، وأن نخترع تقاليد إن لم تكن موجودة.
واستطرد "شفيق" قائلا:"كان حسنى مبارك عسكرياً حتى النخاع، والحق يقال، إن القوات المسلحة كان دورها حيادياً تماماً، بل بالعكس، كانت القوات المسلحة حامية للثورة. وذلك فى وقوفها حول الميدان، واقترابها من الناس والأطفال، وهكذا، فإنها لم تقم بأى شىء ضد الناس"، موضحا أن "مبارك" كان ممزقاً من الداخل. ولكنه «تقيل جداً». ولا يظهر الهزيمة إطلاقاً، عندما خرج (للمرة الأخيرة) من القصر ليذهب إلى شرم الشيخ، خرج بكل كبرياء، وكأنه عائد إلى القصر فى اليوم التالى، علماً أنه الخروج الأخير، كان يوحى للآخرين أنه كذلك.

وعن دوره وقت الفترة الانتقالية التى مرت بها مصر وضح "شفيق" قائلا :"كانت فترة صعبة بالنسبة إلى وقد طلبت من طنطاوى، مرتين، إحالتى إلى المعاش وكان لدى المبرِّر لأن زوجتى كانت مريضة فكان جواب المشير فى إحدى المرات، بعدما طلبت منه إعفائى من مهمتى، بالقول: «يا أحمد، إنت عاوز تخربها وخلاص يا أحمد؟ إيه الكلام الفارغ ده»؟

لكنى كنت واثقاً بأننى سأغادر، عندما أريد، وذلك بحكم العلاقة وحكم المرءوسين عنده، عندما يتمكنون من الأمر، وكذلك بحكم وضعى، كونى كنت قائداً للقوات الجوية. وبالتالى، لم يكن هناك ارتياح لوجودى. ولكن كان يجب أن أكون موجوداً فى تلك المرحلة.
ومضى شهر وخمسة أيام، «وما فيش إبرة نقصت فى السوق، وما فيش مليم سحبته من الاحتياطى»، بينما اليوم، معدل السحب من الاحتياطى يبلغ نحو 2 بليون شهرياً من الخزينة، لو حسبنا الـ24 بليون التى سحبت فى خلال السنتين الماضيتين.

وأشار "شفيق" قائلا: "طلب "طنطاوى" ذلك على استحياء. وقال لى: «كنت أنت طلبت الاستقالة سابقاً». فقلت له: «نعم"، وأؤكد هذا الطلب اليوم، على العموم نحن إخوة». وعندما أوصلنى إلى باب السيارة، قال لى: «إياك أن تنسى يا أحمد أننا نعرف بعضنا بعضاً منذ 20 سنة، وإحنا إخوة». فقلت له: «أنا لم أتغير، لأن طموحاتى لا تنتهى فى ما كان يمكن أن أفعله، ولكنى كنت أعرف أنها فترة مؤقتة، وأننى لن أكون الشخص الذى سيستمر معكم». وكنت غيّرت بعض الوزراء فى تلك الفترة، وحلفنا اليمين أمامه، وهو كان يعرف جيداً، خلال عملى فى القوات الجوية، أن «الإدارة فى الأهداف."
عندما استقلت (من منصبى)، سببت لهم إزعاجاً شديداً، ففى اليوم التالى لاستقالتى، وبعد صلاة الجمعة، اجتمع حوالى أربعة آلاف شخص على الأقل فى حديقة أمام منزلى، رافضين خروجى من المنصب، ومطالبين بأن أعود رئيساً للجمهورية، وظلوا يهتفون أمام منزلى حتى المغرب، مطالبين إياى بإعلان ترشيحى للانتخابات الرئاسية، وأنا لم يكن فى بالى إطلاقاً ذلك، بدليل أنه عندما كنت رئيساً للوزراء، كان الناس يكتبون لى عبر «فيس بوك» ويطلبون منى الترشح للرئاسة، وكان عمرو موسى جاء إلى مكتبى فى رئاسة الوزراء ليبلغنى نيته فى خوض انتخابات الرئاسة، وكان فى آخر أيامه فى جامعة الدول العربية، فقلت له: «مبروك... واتكل على الله.

كما زارنى فى المنزل العالم المصرى أحمد زويل، ترافقه وزيرة التعاون الدولى فايزة أبوالنجا. وتحدثنا عن الانتخابات المقبلة، فقلت لزويل: «لماذا لا تترشح للانتخابات». وطلبت من كريم، زوج ابنتى، أن يحضر لنا «اللابتوب»، لأكتب بياناً على الـ «فيس بوك» أشكر فيه جميع الذين يحبوننى ويثقون بى، وأقول لهم: دعونا جميعاً نوجه اهتمامنا إلى دعم أحمد زويل فى ترشيحه لانتخابات الرئاسة، ثم جاءنى إلى مجلس الوزراء 3 أو4 مرات ليطلعنى على أفكاره والخطوط العريضة لمشروعه.

وفى ذلك الوقت، كان حسين طنطاوى ومجموعته يطبخون شروط الترشح للرئاسة. فجاءنى زويل لأتغدى معه. وقال لى إنه كان عند طنطاوى وسأله: «ما معنى أن تضعوا ضمن شروط الترشح، أن تكون زوجة المرشح مصرية؟» والكل يعلم أن زوجة زويل سورية، فوعده بأنه سيدرس الأمر، وأدركت عندها أن الشروط وُضعت لتحرم البعض من فرصة الترشح، وبقى موضوع ترشحى للرئاسة معلقاً مدة طويلة جداً من دون أن أتخذ القرار فى شأنه.

وأكد"شفيق" أن الجيش يحمى الثورة، «وحتجى الحرب الأهلية منين"، قائلا : "أنا أرى أن هناك ثورة فى مصر اليوم، إذ لا تمضى ست ساعات من دون تفاعل فى الشارع، إضراب هنا... وقطع طرق هناك. ثورة عام 1919 التى قادها سعد زغلول كانت كذلك، وهى كانت أحسن ثورة فى مصر، وأكثرها شعبية ونجاحاً وعمقاً، طولاً وعرضاً."

فالشباب الذين قاموا بـ «ثورة 25 يناير»، كانوا دعوا عبر الـ «فيس بوك» إلى الاعتصام أمام دار القضاء العالى للمطالبة بحل مجلس الشعب وإعادة الانتخابات، ثم كبرت المطالب، ولم يكن مخططاً من قبل من افتتحوا الاحتجاجات لما حدث لاحقاً فى ميدان التحرير، استمرت العملية، حتى جاء يوم 28 يناير (كانون الثانى) 2011، وانسحبت الشرطة... فدخل «الإخوان»، ولحق بهم «الحمساويون".
وتابع "شفيق" بأن جماعة الإخوان المسلمين وجماعة حماس لعبوا دورا تدميريا، ودور المعاونة فى القتل، أنا لا أقصد «حماس» كتنظيم، ولكن كعناصر جاءوا إلى مصر، دخلوا وساهموا فى فتح السجون أيضاً وأقصد حماس التى ساهمت فى خروج "مرسى" من سجن النطرون وصل أكثر من 50 «ميكروباصاً»، يضم كل منها من 7 إلى 8 أفراد مسلحين. وكانوا يحملون هواتف «الثريا» للاتصال عبر الأقمار الاصطناعية، وقد اتصل مرسى بقناة «الجزيرة»، عبر هاتف «الثريا»، ليبلغ مشاهديها بخروجه من السجن.

وقال "شفيق" إن "معركة الجمل» أتفه من التفاهة. حدثت فى 2 شباط (فبراير) 2011 غداة موقف كان اتخذه الرئيس مبارك، ما دفع مجموعة من المقيمين فى منطقة الهرم، وتشتهر بإعداد الخيل فى المنطقة السياحية قرب أبوالهول، أو ما يعرف بـ «نزلة السمان». جاءت مجموعة من راكبى الخيول، يبلغ عدد أفرادها حوالى 8 أو تسعة بينهم راكب جمل واحد فقط، ودخلوا بالعصى وسيوف خشبية فى شكل احتفالى وسط الميدان، وكان الناس على وشك الانفضاض. وصعد أحدهم إلى إحدى المنصات فى الميدان، وهتف بالمتظاهرين: «أنتو رايحين فين؟ الناس جايين لكم، من ميدان جامع محمود». ثم دخلت الخيول، وجمل واحد، وسط الجموع فى شكل احتفالى، مثل فيلم هزلى. وخلال دقيقتين فقط، أصبحت مجموعة الفرسان تحت أرجل المتظاهرين على الأرض، وتعرضوا للضرب الشديد.

أطلق على ذلك اليوم اسم «موقعة الجمل». وفيلم الفيديو(الذى صور الواقعة) موجود. وبعد ساعات، وعند الحادية عشرة ليلاً، بدأت قنابل المولوتوف المشتعلة تنزل على رءوس المتظاهرين، كانت الليلة ملتهبة، وقد تابعتها من منزلى على شاشات التليفزيون.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة