الثورات فى بعض الأحيان تأكل أبناءها وتتصارع معهم ومن يعتلى عرشها يسعى بكافة الطرق والوسائل للتخلص من الشركاء والرفقاء، وهذا حدث فى معظم الدول التى عاشت لحظات الثورة والتغيير ومنها مصر بالطبع. محمد على باشا صاحب النهضة الأولى فى تاريخ مصر الحديث تخلص من المعارضة المصرية التى قفزت به إلى السلطة ضد الوالى العثمانى، وأنور السادات كان أذكى من رجال عبدالناصر فى عام 71 وبضربة واحدة تحت زعم ما سماه «مراكز القوى» رغم أنهم لم يسعوا للانقلاب عليه لكنه أراد أن يكون رئيسا دون وصاية من أحد حتى لو كان رفيق درب أو شريك ثورة.
التاريخ يكرر نفسه الآن مع شباب حركات الاحتجاج السياسى والاجتماعى الذين تصدروا المشهد الثورى فى 25 يناير وقبلها. جماعة الإخوان التى خرجت من السجن إلى القصر بفضل كفاح ونضال هؤلاء الشباب بدأت خطة الملاحقة والاستهداف والتخلص من الشباب سواء بالتصفية الجسدية مثلما حدث مع محمد الجندى وجيكا وكريستى وعمرو سعد أو بالملاحقة القضائية والاعتقال والمطاردة وهو ما حدث مع الناشط السياسى أحمد دومة وعلاء عبدالفتاح ومنى سيف ثم أخيرا –وليس آخر- أحمد ماهر، وأظن أن الملاحقة لن تتوقف فهؤلاء طالما بقوا على وجه الحياة فهم يشكلون خطرا على الجماعة وحكمها ورئيسها.
مشهد القبض على الناشط السياسى أحمد ماهر فى مطار القاهرة أثناء عودته من النمسا وترحيله إلى سجن طرة شديد الحراسة وكأنه مجرم عتيد أو سارق لأموال الدولة أو قاتل للثوار، ليس له إلا معنى واحد وهو أن النظام الذى جاء بعد ثورة لم يصنعها ولم يكن راغبا فى الأصل فيها وهرب من السجون لحظة اشتعالها لا يريد شركاء معه وأن لا شىء تغير فى التعامل مع المعارضين السياسيين بالتهديد والملاحقة والحبس والتصفية إذا لزم الأمر. وهو دليل على رعب هذا النظام وخوفه وضعفه أيضا بعد تراجعه عن عهوده ووعوده لشباب الثورة فى التحرير، فهى الطبيعة الغادرة للأنظمة الديكتاتورية المتعطشة للدماء وفى الرغبة الدائمة للتخلص من معارضيها وشركائها أيضا.
أقول ذلك رغم أننى كنت مختلفا مع موقف هؤلاء الشباب من المجلس العسكرى وهتافهم ضده بشعار كنت أراه قبيحا ولا يليق بالمؤسسة العسكرية الوطنية المصرية: «يسقط يسقط حكم العسكر»، واختلفت بشدة وحذرت من العداء السافر للمؤسسة العسكرية دون التفكير فى القادم بعد «العسكر» الذى سيكون تفكيره وتركيزه أولا فى التهام شباب الثورة.. وهو ما يحدث الآن. لكن القمع والاعتقال والملاحقة والتصفية للثوار هى بداية النهاية لكل نظام قمعى واستبدادى لا يتعلم دروس التاريخ.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
خيبة الأمل
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير حسين
هى دى حقيقتهم