قبل سنوات كانت أكثر شعوب العالم تعيش عزلة تامة بسبب التقسيم والحدود المصطنعة التى أوجدتها البشرية فيما بينها بدعوى حماية أرضها وشعبها من الدول والشعوب المحيطة بها، فلا تسمع شعوبها ولا ترى إلا ما وافق سياسة النظام القائم فيها، وذلك بسبب هيمنة النظام الحاكم على كل مفاصل الدولة، خاصة على وسائل الإعلام المختلفة فلا تصدر صحيفة أو مجلة ولا تبث إذاعة أو قناة إلا بموافقة السلطان ووفق سياسته ومن خرج عن هذا الإطار أغلق وعوقب بدعوى محاولة الانقلاب على الحكومة الشرعية والقانون العام.
وهذا مما سهل للمجرمين ارتكاب أبشع المجازر الدموية بعيدا عن الرقابة الدولية والانتقادات الإعلامية بل كان الشخص الواحد فى البلد الواحد لا يعرف ولا يعلم ما يحدث فى بلده الواحد، لكن بعد تقدم العلم وتطوره وما رافقه من تغيرات جذرية لبعض الحكومات والأنظمة تغير الحال كثيرا فتعددت الأحزاب وتنوعت الجماعات فكثرت تبعا لذلك وسائل الإعلام المختلفة فلكل حزب وجماعة فكرة وأيديولوجية يتبناها يسعى من خلال وسائل الإعلام بيانها ونشرها وإن كان أكثرها لا تعدو عن مزايدات انتخابية من أجل كسب ثقة الناخب للوصول لموقع الحكم والقرار فى الدولة وبسط فكره وسياسته عليها.
ثم على الدول المجاورة إن أمكن وهذا الأمر لا يحتاج إلى دليل لإثباته فتجد الحزب الواحد يتكون وينشأ فى الغرب ولكنه سرعان ما ينتقل وينتشر فى الشرق وغيره، وما يهمنا هنا هو الغرب وديمقراطيتهم الكاذبة الزائفة التى صدروها لنا وتفاخروا بها وكيف أنهم يتعاملون بازدواجية مع الأحداث التى تهمهم وتهمنا. وخذ مثالا على ذلك ليس بالبعيد بل هو قريب وقريب جدا وهو تفجيرات بوسطن التى وقعت فى أمريكيا مؤخرا فنجد أن الغرب بأكمله وبمختلف طبقاته وأشكاله من إعلاميين، سياسيين، عسكريين، مثقفين، فنانين ورياضيين...إلخ قد أدانوا واستنكروا هذه التفجيرات الإجرامية التى راح ضحيتها شخصين أو ثلاثة والجرحى أكثر من مائة بقليل. ومقدما أنى أدين هذا الفعل واستنكره.
لكن هو مثالا لما أريد أن أوصله للعالم فهذا الفعل مدان شرعا وعقلا وعرفا وباطل ولا يحتاج دليلا على بطلانه ولكن ما أذهلنى هو تعظيم شأنه وإعطائه حجما أكبر من حقه ومقداره بل وصل الأمر إلى أن يتصل بعض القادة العرب بالرئيس الأمريكى ليعزيه شخصيا على هذه التفجيرات الإجرامية وما أذهلنى أكبر وأكثر هو سرعة تحرك الأجهزة الأمنية بكل أنواعها وإمكانياتها لكشف تفاصيل الجريمة ومن يقف ورائها وخلال وقت قصير جدا تم كشف الجناة وملاحقتهم فأحدهم قتل فى الحال، والآخر هرب وتم تعقبه فحوصر وقتل أيضا بعد أيام وما زال التحقيق مستمرا لمعرفة بمن يرتبطون ومن يقف ورائهم.
وكالعادة سرعان ما توجهت الأنظار نحو المسلمين وأنهم يقفون وراء الحادث، وهذا كله لا يهمنا بقدر ما يهمنا تجاهل العالم كله، خاصة العرب عما يحدث فى سوريا والعراق فالدماء تراق فى هذين البلدين يوميا وتحصد الميليشيات والمفخخات أرواح العشرات وربما المئات خلال لحظات ناهيك عن المئات من الجرحى والمعاقين الذين أصبحوا عالة على المجتمع وعلى ذويهم فمن لهم يا عقلاء؟.
يا أهل الغرب يا أهل الحرية يا من تنادون بالديمقراطية لماذا تحركتم عندما تعلق الأمر بكم وبدمائكم ولم تتحركوا عندما تعلق الأمر بنا وبدمائنا هل دمائكم دماء ودمائنا ماء؟.. ولماذا لم تتهموا حكومتكم التى جئتم بها إلى العراق بالإرهاب على الرغم مما ترتكبه فى حق شعبها من مجازر وانتهاكات؟.. ولماذا تتهمون من قاتلكم لإخراجكم من أرضه بالإرهاب ولا تتهمون أنفسكم ومن حالفكم على احتلال العراق وقتل شعبه وتشريده وإنهاء دولته وحضارته وسلب ونهب ثرواته وخيراته، أليس هذا هو الإرهاب بعينه؟ ولماذا صمت العالم كله عن مجازركم ومجازر حكومتكم إلى الآن؟ أليس هذه هى الازدواجية يا دول الديمقراطية؟ ولكنها الحقيقة وتأبى الحقيقة إلا أن تظهر فديمقراطيتكم قبيحة كأخلاقكم وأفعالكم القبيحة.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة