محمود عبد الرحمن يكتب: أنا مصمم.. على المنصة أتكلم

الجمعة، 10 مايو 2013 12:07 م
محمود عبد الرحمن يكتب: أنا مصمم.. على المنصة أتكلم صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رمى الثلاثة قبعاتهم عاليا، وسط فرحة زملائهم الخريجين بالجامعة، وأصوات زغاريد الأمهات وصياح الأطفال، ثم حيّوا بعضهم مسرورين بتسلم شهاداتهم الجامعية التى طالما تعبوا لنيلها.

وتناولوا أطراف الأحاديث.. ثم مال "مهيبر" على "مصمم" وقال له:
- "حقا إنه شعور جميل، هيا التقط لى بعض الصور وأنا بـ"الروب" وبيدى شهادتى"، وكان "مصمم" رحب الصدر صبورا كريما يحب الخير لكل الناس، سرعان ما لبى لصاحبه طلبه، وما كان من ثالثهم "عادى" إلا أن علَّق قائلا:
- "ايه إلى بتعمله دا، كبر دماغك، هتكسب ايه يعنى لما تورِّى صورتك للناس ولا تعلقها على الحيطة، خليك عادى".

بعد برهة من الوقت.. صعد "المنصة" رجل ذو هيبة وبدأ يخطب خطبته لتحفيز الطلبة على تواصل العمل المجدى، ونقل تعب المذاكرة ونشاطها من الدراسة للعمل الجاد المستقبلى، وبينما هو يتلو أفكاره إذ همهم "مهيبر" لزميليه قائلا:
- "هوَّ هيعملنا فيها مهم، متنجز يا عمُّنا"، فرد عليه "مصمم":
- "أنت دايما عصبى ومتوتر، اهدأ واسمع الكلام دا مش هتسمعه من حد تانى الدكتور بينصحنا". وعلق "عادى" عليه ثانيةً بعدما تثاءب:
- "أدينا قاعدين ورانا ايه الجو هنا حلو، وبره حر جدا، هما مش قالوا هيوزعوا وجبات علينا، ولا دا كلام وخلاص، أنا ايه إلى جابنى أصلا".

مرت خمس دقائق.. وبدأ الحضور فى استماع ما يقال، و"مهيبر" جالس متأرقا متعجلا، وما لبث إلا أن انتفض من مكانه وقال:
- "أنا هقوم أمشى"، و"عادى": "غير مبال قال:
- أنا هغفل شوية كدة ولما تخلصوا صحونى"، أما ثالثهم "مصمم" قد أخذته دوامة فكرية عميقة خاض خلالها بحور الأفكار الجزئية والكلية، فغاص فى أودية الخيال هائما فى اللامحدود، وفجأة.. رأى الدكتور "الخطيب" تهتز صورته وتختفى لتتبدل بصورته هو، وهو يتكلم عما بداخله من أحلام ويسرد قصة حياته العظيمة وما بها من تجارب وخبرات مر بها سالفا، ورأى كل الحضور يصفقون له بكل جدية، وبينما هو يسرد حديثه إذ وقف أحد الحضور وقال:
- "يا مصمم أنا ممشتش على فكرة أنا شربت بره سيجارة وجيت، مش يلا نمشى من هنا"، وقتها أدرك "مصمم" أنه كان يحلم ومن أيقظه من حلمه الجميل هو "مهيبر"، وقال "عادى":
"انتو ماشيين طب فل يلا بينا". ثم خرج الثلاثة، وقضوا وقتا ممتعا فى نزهة حول أحياء القاهرة، ثم تفرقوا على أمل أن يلتقوا ثانية.

مر زمن طويل على فراقهما، لم يلتقوا، فالزمن كفيل أن ينسى المرء نفسه لا زملاءه، ومضى كل منهم فى طريقه يتخبط بأنقاب المسير ونوائب الدهر. ومر على فراقهما ثلاثون عاما، ولم يلتقوا فى أثنائها أبدا، حتى نسوا ما كان بينهم من أيام جميلة قضوها بالجامعة ووسط المدرجات، ومواقفهم الطريفة مع زميلاتهم بالصف.

صعد الدكتور "المنصة" وشرع فى الخطبة التى اعتاد عليها ثم قال: "يا بنى، لا تصر على مصادمة الحياة السلبية، وكن كالنحلة تأتى الوردة فتشمها وتستفيد منها وتفيدها، ولا تكن كالدبور لا يستفيد منها ولا يفيدها بل يثقلها ويكسرها، وتذكر أن من دخل مسابقة للسباحة خمسين مترا، سيشعر بالتعب بعد خمسين مترا، أما إذا دخلت مسابقة مائة متر فلن تشعر بالتعب بعد الخمسين الأولى، فاختر هدفا واقعيا تبغى به مرضاة الله وليكن ساميا صعب المنال، واستطرد قائلا: اهتم بهواية هى لك تحبها واتقنها جيدا ولن تضطر للعمل يوما ما".

أثناء حديث الدكتور، توقف تاكسى عند باب الجامعة، ونزلت منه "مُنى" وسائق التاكسى معا، وقالت منى له:
- "يلا يا بابا الحفلة هتخلص" رد عليها:
- "عادى يعنى وهيحصل ايه لما نتأخر شوية، يعنى اللى خدوا شهادات عملوا بيها ايه، يا بنتى مفيش حاجة (waw) صدقيني"، ودخلا معا الحفلة وجلسا فى الصفوف الأخيرة من المدرج، وبينما الدكتور يتحدث ويحث الخريجين على النجاح المتواصل وإرضاء رب العزة سبحانه وتعالى، إذ قرب منهما بائع الشاى داخل الحفلة وقال:
- "تطلبوا حاجة تشربوها؟"، ثم نظر لأبى منى متملقا مدهوشا وقال:
- "مين؟! عادى.. أنت مش فاكرنى؟ أنا مهيبر يا عادى، فينك يا صاحبى وفين أراضيك". رد عليه عادى:
- "ازيك يا مهيبر عامل ايه؟".. فقط وسكت بكسل اعتاد عليه. واستطرد "عادي" قائلا:
- "أنا بشبه على الدكتور اللى بيتكلم هناك دا"..

ثم سكتا طويلا ومر اليوم على ما يرام وتسلمت "مُنى" الشهادة وسط تصفيق أبيها والحاضرين. وأثناء خروج الناس من المدرج سمعت "مُنى" أباها وعمو مهيبر يرددان وهما يضربان كفا بكف: "ياريتنا صممنا".









مشاركة




التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

kareem El-Halwany

مصمم ان شاء الله

تسلم ايدك .. بجد جميلة جدااااااااا

عدد الردود 0

بواسطة:

hamada

waaaaaaaaaaaw

بالتوفيق دائما

عدد الردود 0

بواسطة:

على فتحى

ارفع القبعة

عدد الردود 0

بواسطة:

Roshdyyyyyyyyyyyyyyyyyyyy

الهدفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ؟

جميلة جدا يا محمود وبجد حكمة جميلة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة