عندما يتحول التفكير من تحسين مستوى الدخل إلى التفكير فى الحياة، تتحول الهجرة من اختيار إلى ضرورة.
وقبل هذا عندما يتحول تفكير الحكومات من توفير فرص عمل إلى تشجيع الهجرة إلى الخارج وتصبح هجرة العمالة من أولويات حل مشكلة البطالة، فيلجأ المواطن إلى الهجرة ويندرج هذا التفكير تحت عنوان (تجارة البشر)، للأسف تعتمد حكومتنا على مورد يسمى تحويلات العاملين بالخارج كمصدر لتحسين الدخل القومى ومستوى الفقر (أى أن توفير فرص عمل فى الخارج يؤدى إلى ضخ أموال للبلاد فى صورة أموال أو استثمارات)، وكأن الحكومة تتعامل مع سلعة يتم تدويرها لتدر على الحكومة ربحاً.
وبذلك تناقض مفهوم الهجرة من أنها ظاهرة تقوم بالأساس على فكرة تعظيم منفعة الفرد إلى زيادة رأس المال البشرى وعائد للحكومة من خلال مساعدة أسرته وتدوير أمواله فى السوق المصرية وتوفير نقد أجنبى.
لا شك بأن صدمة الجيل فى أن يحصل على حياة كريمة كان يتطلع إليها بعد الثورة، هى من أهم أسباب هجرته بالإضافه إلى الأسباب الاقتصادية الضعيفة والأوضاع الأمنية المتردية، والتطلع إلى الأفضل هو أكثر ما يجذب المصريين إلى الخارج سواء كان هذا الأفضل واقعى أو إنه مزيف.
من خلال دراستى لتوجهات نزوح المصريين فى الفترة الأخيرة، لاحظت أن الهجرة الدائمة تسود بلاد أوربا وأمريكا وأن هجرة العقول دائما ما تقصد هذه البلاد أو لأكون أكثر دقة غالباً ما تستدرج هذه البلاد العقول ذات الكفاءة فى صورة منح دراسية أو بحثيه، مما يؤدى إلى تفريغ ضمنى للمجتمع من الكوادر البشرية التى ممكن أن تساعد فى النهوض بالعملية التنموية بداخله.
أما الهجرة المؤقتة فهى تسود بلاد الخليج، وهناك أسباب منها احتياجات أسواق هذه البلاد للعمالة أو اتفاقيات بين دول فى صورة مساعدات تقدمها الدول المانحة لمساعدة الدول المتأزمة، وفى هذه الحالة هناك نوعان من العمالة المترددة على هذه البلاد أما عمالة تقصد هذه البلاد لغرض دينى وتقارب ثقافى مع تحسين الوضع الاجتماعى أو فرصة للعمالة غير الماهرة والتى وجدت فى السفر للخارج فرصة للعمل وادخار الأموال و لم يستطيعوا تحمل الوضع الحالى فى بلادهم .
أما عن المواطن الذى يتمسك بالوطن فهو إما من رأسمالية المحاسيب وأن مصالحه تتصالح مع أى سياسات والعمود الفقرى بالنسبة لهذا المواطن فى بيروقراطية المجتمع المصرى، أو المواطن المصرى الذى هزم بصبره الغلب وتغلب بدهائه على ثقافات ترددت على المجتمع فهذا المواطن هو الذى يعبر عن حالة الوطن الآن (فهو يصارع الوضع الذى يشبه الموت).
محمد أبو بكر يوسف يكتب: هجرة إلى الخارج أم إلى الآخرة؟
الجمعة، 10 مايو 2013 07:22 م