هل ينكر أحد أنه كان من المتوقع التربص العدائى الشديد لإفشال الثورة المصرية من أطراف عديدة خارجية وداخلية.
وهل ينكر أحد أنه كان من المتوقع التربص الشديد لمن يصل إلى سدة الحكم فى هذه المرحلة أيا كان انتماؤه.
هل ينكر عاقل أن للثورة المصرية أعداء سوف يبيحون استخدام أى وسيلة لإفشالها. وهل لا يعرف أحد أن صراع القوى على مصر عنيف وأن همهم الأكبر أن يكون النظام الحاكم بها إنما هو مستأنس لها وينفذ ما يخدم مصالحها ولذلك فإن بعد الثورة سيكون الهم الأكبر هو تنفيذ نفس النهج بالإتيان من يرضون عنه وسيستخدمون كل الوسائل والسيناريوهات للتخلص من أى إدارة تطمح فى التحرر من عباءتهم والتبعية لهم.
إننى أتابع باهتمام كل ما يكتب من مفكرين وكتاب عن سيناريوهات إفشال الثورة المصرية وما يتعلق بدخولنا الجيل الرابع من الحروب وهو إفشال الدولة أو استنساخ سيناريوهات قد تم تجربتها فى بلاد أخرى فى القرن الماضى للتخلص من الأنظمة التى تريد التحرر بأوطانها من عباءة الاستعمار أيا كانت صوره. وأيضا الأخبار المتعلقة باستخدام الأساليب القذرة من أعداء الثورة لتقويض أى خطوة نجاح للأمام وآخرها الأخبار المخزية والمؤلمة لحرق فدادين القمح أو إطعامه الماشية حتى لا تنجح مصر فى إنتاج قمحها بنفسها.
وهل لا يخطر على بال أحد أيضا معقولية الاحتمال بأن تسهيل وصول الإخوان للحكم إنما كان المقصود منه هو اغتيالهم سياسيا بإفشالهم بشتى الطرق حتى يطوى ملف صعود التيارات الإسلامية للحكم وتستريح أمريكا ومن ورائها من هذا الكابوس الذى يضج مضاجعهم.
ولكن أعود وأكرر نفس السؤال ألم يكن كل هذا وأكثر متوقعا؟. إننى أظن عامة المصريين بفطنتهم المعهودة، فضلا عن خاصتهم المهتمين بالشأن السياسى وأمور الحكم، بالطبع كانوا يتوقعون كل ماسبق وأكثر. وهل هناك أى خلاف حول حقيقة أن من ضمن جرائم النظام السابق أنه عطل الحياة السياسية تماما وأصاب كل السياسيين بحالة من التيبس الشديد وأغلق نادى الحكم على مجموعة صغيرة جدا مصطفاة مقربة له.
وبذلك فإنه حقيقة لا يوجد من المصريين من لديه لياقة على مستوى جيد لممارسة الحكم على الفور ولكن الجميع يحتاج إلى فترة من التأهيل ليتمرسوا الحكم ويعلموا خباياه التى بقيت مدة طويلة صندوقا مغلقا لا يعرف أسراره الغالبية العظمى من المصريين.
إذا ليس هناك حاجة لقدر كبير من الذكاء لمعرفة أن هناك تربصا شديدا من قوى خارجية وداخلية معادية للثورة المصرية وما سيترتب عليها من نتائج فى حالة اكتمال نجاحها. وهناك حالة من التيبس الحركى والفكرى لدى المشتغلين بالسياسة أو ما يطلق عليهم الآن العديد من الألقاب مثل النخبة أو القيادات الحزبية أو غيرها من المسميات الشكلية ولكن الحقيقة أن جوهر غالبية هؤلاء هو خواء.
كما أن هناك حقيقة لاشك فيها وهى أنه إذا لا قدر الله نجحت مخططات أعداء الثورة فى إجهاضها وتغيير مسارها إلى الطريق الذى يحقق مصالحهم وأهدافهم، فإن مصر سوف تعانى من انتكاسة شديدة وردة أسوأ مما كانت فيه لعقود طويلة جدا، وأن الشعب سوف يرزح تحت ظلم وجبروت أسوأ مما كان بكثير.
ولكن هناك أيضا جوانب مضيئة تدعوا إلى التفاؤل تميز الشخصية المصرية عن غيرها وهى أنها جبلت منذ فجر التاريخ على التدين والطيبة وحب الوطن مع الذكاء الفطرى المتوارث نتيجة الخبرات الهائلة لهذا الوطن الضاربة فى عمق التاريخ البشرى. ولذلك فإن غالبية الشعب المصرى لن تنجر أبدا لتهديد أمن الوطن وسلامته أو تنجرف لحافة حرب أهلية أو تستسلم لأعداء الوطن تحت تأثير أى مغريات على حساب كرامة هذا الوطن ورفعته.
ولذلك فأنا استطيع أن أجزم بأن هناك فجوة كبيرة بين الساسة وعامة الشعب من حيث عمق الحب والإخلاص لهذا الوطن، والتفانى فى سبيل عزته وكرامته، والتجرد من أجل رفعة وإعلاء شأن هذا الوطن. وطبعا الكفة كلها تصب فى صالع عامة الشعب، مما يدعوا بجدية أن يراجع الخاصة المشتغلين بالسياسة من مواقفهم وأسلوبهم ويحاولون التخلص من حالة التيبس التى أصابتهم والارتقاء إلى التحلى بكل المعانى السالفة الذكر والتأسى بعامة الشعب ولا ضير فى ذلك.
كما أنه على القيادة الجديدة المنتخبة من الشعب، أن تكتسب اللباقة والمهارة المطلوبة للحكم وتتمرس عليه بسرعة وفى وقت قصير. وعليها كما قلت تكرارا ومرارا أن تنتقل من موقع المفعول به وأسلوب ردود الأفعال إلى موقع الفاعل والذى يجهض كل المحاولات، لإفشاله وإعاقته عن النهوض بهذا الوطن، من قبل أن تحدث أو تتفاقم. وخلاصة القول إن النخبة التى لا تتكلم إلا عن الماضى ولا تملك أى أفكار بناءة للانطلاق إلى الأمام ولكن دائما تريد العودة إلى المربع صفر، ويكون الانتصار لدواتها مقدما على الانتصار لهذا الوطن ولخدمة هذا الشعب، إنما هى نخبة معاقة ومعوقة، ويجب أن تتنحى لتعطى الفرصة لجيل جديد أكثر حيوية ونضجا وإخلاصا لهذا الوطن. وأن القيادة التى ل اتستطيع التحكم والسيطرة على مجريات الأمور لبدء عملية البناء التى تتطلب الكثير من الإستقرار والجهد والمصابرة. ولا تستطيع أن تفرق بين المواقف التى يجب أن تكون فيها حازمة بشكل قاطع لايشوبه اى ضعف او تردد, وبين المواقف التى تستدعى ترسيخ الحريات وارساء القواعد التى تعطى المواطن المصرى الشريف كل حقوقه وأهمها أن يعيش بكرامة وعزة. والتى لا تستطيع إجهاض كل محاوالات إفشال الثورة المصرية بوءد الظاهر على السطح منها سريعا , والقضاء على الذى يدبر بليل من قبل أن يولد. فإننى أتمنى من هذه القيادة أيضا أن تراجع مواقفها ، فإن الفرص لا تأتى كثيرا والوقت لا ينتظر طويلا والتاريخ لا يرحم الذى تهاون أو تخاذل أو ضعف.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد عبد الكريم
شعب متدين