"إيكونوميست" تسلط الضوء على مصاعب استرداد مصر للأموال المنهوبة.. جهات الادعاء تفتقر إلى المعرفة بالقوانين الدولية.. وغياب الدعم السياسى وتوزيع مهمة استرداد الأموال على عدة جهات أثر على العملية

الجمعة، 10 مايو 2013 09:49 م
"إيكونوميست" تسلط الضوء على مصاعب استرداد مصر للأموال المنهوبة.. جهات الادعاء تفتقر إلى المعرفة بالقوانين الدولية.. وغياب الدعم السياسى وتوزيع مهمة استرداد الأموال على عدة جهات أثر على العملية محاكمة مبارك
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سلطت مجلة "إيكونوميست" البريطانية الضوء على جهود استرداد الأموال المنهوبة فى مصر والدول التى قامت بها ثورات الربيع العربى، ولماذا لم تسترد الدول العربية سوى القليل للغاية من الأموال التى يعتقد أنه تم نهبها من قبل الأنظمة السابقة.

تقول المجلة البريطانية: بعد أشهر من الربيع العربى، سرت شائعات فى مصر وليبيا وتونس أن كل أسرة ستحصل على شريحة من الأموال العامة التى تم نهبها من قبل قادتهم السابقين والمقربين منهم. وقال حسام عيسى الأكاديمى البارز ونائب رئيس الحزب الناصرى فى هذا الوقت "إن المكاسب التى حققها الرئيس المخلوع بشكل غير مشروعة كان إهانة يومية لمدة 30 عاما.. والآن لدى أمل".

وبدأ نشطاء مكافحة الفساد فى الماضى إلى الأمام لجبهة جديدة واعدة تتفتح فى الحرب العالمية على الكسب غير المشروع.

ويدور الحديث عن عشرات المليارات من الدولارات التى نهبها القادة السابقون، وكانت فى بعض الأحيان تقديرات واسعة وصلت إلى 70 مليار دولار قيل أن مبارك حصل عليها، لكن الأمر الواضح أن قيمة الأصول التى تم تحديدها وتجميدها من قبل الحكومات الأجنبية صغيرة بشكل مخيب للآمال وبعد عامين من الربيع العربى، فإن هذه المبالغ تقدر بحوالى مليار دولار، أكثر من ثلاثة أرباعها فى سويسرا.

لكن الأصول التى عادت لأصحابها كانت أقل بكثير: مصر لم تسترد شيئا، وليبيا استردت منزلا فى لندن يخص بنجل معمر القذافى، وتونس، حصلت على بعض الطائرات و29 مليون دولار قبل أسابيع من حساب مصرفى لبنانى يخص زوجة الرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على، الذى يعتقد أنه نهب هو وعائلته والمقربين منه 3 مليارات دولار.

وتتابع المجلة قائلة حتى هذه الكميات المتواضعة من الأموال والتى تم استردادها كانت محل ترحيب من حكومات تلك الدول التى يعتقد أنها تعانى من ضائقة مالية. لكن فى ظل العوائق القانونية وتبادل الاتهامات، فإن الآمال تبددت وحل محلها اليأس. والآن تشير بعض الدلائل على أن المد يتحول.

وتوضح إيكونوميست أن استرداد الأموال أمر شديد الصعوبة، حيث يتطلب التغلب على الكثير من العقبات فى القانون الدولى، واختراق العدالة الجنائية والمدنية والإدارية لأنه يعتمد على التعاون بين البلدان وبين الوكالات داخل البلدان التى غالبا ما تكون غير قادرة أو غير راغبة فى تبادل المعلومات.

وتمثل أحكام استرداد الأصول فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الإطار الأساسى، لكن لا تزال العملية تعانى من عدة عقبات. وفى تقرير صادر فى عام 2011، أحصى البنك الدولى والأمم المتحدة 29 عقبة.

ومن أشد الأمور صعوبة إقناع المحاكم بتجميد وإعادة الأصول عندما تكون تلك الأصول مخفية داخل هياكل معقدة فى السلطات القضائية التى تقدم السرية للمستثمرين، والتى يستطيع أصحابها تحمل نفقات أفضل المحامين. وحالات المصادرة دائما ما تكون معقدة من الناحية القانونية ومكلفة للغاية، حسبما يقول بروس زاجاريس من مجموعة برلينر كوركوران للمحاماة.. كما أنها محمية أصلا. فالأموال التى نهبها ديكتاتور الفلبين السابق فرديناند ماركوس التى تم تجميدها فى عام 1986 لم يتم ردها لبلاده إلا فى عام 2002. ولا تزال الإجراءات القانونية الخاصة بمائتى ألف دولار التى قدرت الأمم المتحدة أن بفلو لازارينكو، وهو رئيس وزراء سابق قد نهبها من أوكرانيا فى التسعينيات لا يزال مستمرا.

وقد هرعت جحافل من المحامين الغربيين والمحاسبين والمخبرين تقدم للحكومات العربية الجدية المساعدة لكن دون تحقيق نتائج. فالمستشار القانونى للحكومة المصرية ستيفنسون هاروود أثار انتقادات لحصوله على أجر مقدم كبير مع تحقيق القليل من النتائج الملموسة.

من ناحية أخرى، يقول مسئولون أجانب إن جهات الادعاء العربية تفتقر إلى المعرفة بالقوانين الدولية والتعقيدات الهيكلة فى الخارج. وفى الأيام الأولى ما بعد الثورات انطلقوا فى طلبات المساعدات القانونية المشتركة دون أن يقوم بالعمل الاستقصائى اللازم أولا لدعمه. وغضبت الدول عندما لم تحصل على رد إيجابى سريع. وبعض الطلبات فشلت. ففى إحدى الحالات، أساء الإدعاء فى مصر فهم مبدأ التجريم المزدوج، والذى يعنى أن المشتبه يمكن أن يتم تسليمه فى المعتاد لانتهاكه قوانين البلد الطالب فقط لو أن هناك قانونا مشابها فى الدولة التى تقوم بالتسليم.

كما تعرضت الدول الغربية لانتقادات لتعاملها مع طلبات المساعدة القانونية المشتركة، حيث شكت جهات الإدعاء العربية من أن طلباتهم تعلق أو يتم رفضها لشكليات، مما أثار الشك فى أن البلدان ذات المراكز المالية الكبيرة تتاجر فى الأموال القذرة.

وتقول الإيكونوميست إن مصر كانت الأكثر قوة فى مواجهة الحكومات الغربية غير المفيدة، ففى العام الماضى أقامت دعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية فى المحكمة الإنجليزية تسعى إلى مراجعة قضائية لجهودها. وكانت بريطانيا المعروفة بأنها ملاذ للنخب العربية، قد قامت بتجميد أموال وحساب مصرفية مصرية تقدر بـ 85 مليون جنيه استرلينى، وانتظرت أكثر من شهر بعد الثورة لتتخذ الإجراءات ضد الأصول الخاصة بمبارك و18 من عائلته.

وتحدثت المجلة عن دور قطر فى محاولة استرداد الأموال المنهوبة، وقالت إن المدعى العام فى قطر على بن فتياس المارى ساعد على إعادة 29 مليون دولا من لبنان إلى تونس، ويحاول الوصول على اتفاقات مشابهة لصالح مصر.

غير أن الحكومات التى نفذ صبرها تسمح الآن بالتصالح وإسقاط الأحكام أو الملاحقات القضائية لو قام أعضاء النظام السابق برد الأموال، متحدثا عن التسوية الخاصة برجل الأعمال هارب فى أسبانيا حسين سالم، كما يعتقد أن سوزان مبارك تجرى مفاوضات لإعادة مبلغ غير محدد فى مؤسسة سويسرية تسيطر عليها.

وتحاول حكومة محمد مرسى، حسبما تقول المجلة، أن تجد طريقة لجعل مثل هذه الصفقات مقبولة للرأى العام. ويقول أسامة دياب من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن هناك مخاوف من أن التسويات يمكن أن تقوض الجهود فى سويسرا وبريطانيا لربط الأصول المجمدة بجرائم حتى تستطيع المحاكم أن تجيز عودتها.

على الجانب الآخر، من العوامل التى تؤثر على سرعة استرداد الأموال المنهوبة غياب الدعم السياسى القوى. كما أن مهمة استرداد الأموال موزعة بين وزارة العدل والنيابة العامة واللجان الخاصة مما يعنى كثرة الشكوك المتبادلة.

وكذلك كانت مصر بطيئة أيضا فى تقدير الوقت الذى تستغرقه العملية فى الأنظمة القضائية المتقدمة، وأن القضايا يجب أن تأخذ فى الحسبان قوانين حقوق الإنسان كما أن ربط الأصول بجرائم محددة ليس بالأمر السهل. فجمال مبارك عمل لسنوات فى لندن، فكيف يمكن إثبات أن أملاكه جاءت من أموال الفساد وليس من أموال مشروعة.. والكثير من استثماراته مملوكة من قبل أطراف ثالثة بشكل مشترك الأمر الذى يعقد مسائلة حجز الأصول.

فضلا عن ذلك، فإن غياب الإدانات فى الداخل يبطئ من سير الأمور، واستطاع نظام مبارك أيضا بفضل الهيئة التشريعية اللينة أن يجعل المراوغات تبدو قانونية، فتمت تبرئته ونجليه من الفساد العام الماضى على الرغم من إعادة محاكمتهم حاليا.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة