«لا تحلموا بعالمٍ سعيد.. فخلف كلّ قيصرٍ يموت، قيصر جديد! وخلف كلّ ثائرٍ يموت، أحزان بلا جدوى.. ودمعة سدى!» وكأن شاعرنا الكبير أمل دنقل، حىٌ بيننا، يرى ويعانى ما نعانيه، وكأن ثورة لم تقم، وكأن شهداء لم يضحوا بدمائهم من أجل التغيير، هذا ما تؤكده كتب النفاق من عصر المخلوع «مبارك» إلى الرئيس «مرسى»، فبعد مضى تسعة أشهر على تولى «مرسى» للرئاسة، وفى ظل حالة الرفض والغضب الشعبى على سوء الأوضاع بعد الثورة التى نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، يخرج علينا كتاب جديد أصدرته جماعة الإخوان المسلمين بعنوان «9 شهور من الإنجازات.. الرئيس مرسى يبنى مصر من جديد» لمؤلفه الدكتور رضا المصرى، وهو متخصص فى مجال التربية وله العديد من المقالات فى تنمية الذات على موقع الجماعة وعدة مواقع إسلامية.
وبدافع نشر الصورة الصحيحة فى مقابل التشويه الذى تصر عليه المعارضة، يوضح المؤلف أن إنجازات مرسى «تُلاقى تأييدًا شعبيًا ودوليًا وإقليميًا يجعل الحاسدين من داخل مصر يشوهون صورته»، أول هذه الإنجازات هى أنه «أول رئيس مصرى منتخب، أول رئيس مصرى مدنى، أول رئيس مصرى ملتح، أول رئيس مصرى موكبه لا يعطل حركة المشاة والمرور، وأول رئيس مصرى يمنع نصب الطرق الصوفية، وأول رئيس مصرى يسمح بظهور مذيعة أخبار محجبة فى التليفزيون منذ 52 سنة، وأول رئيس مصرى ابنه يحصل على أقل من %90 فى نتائج الثانوية العامة، وأول رئيس عربى مدنى ينقلب على العسكر، وأول رئيس عربى تزور كلمته، وأول رئيس عربى يرفع قضايا ضد خصومه، وأول رئيس عربى يسلم على الضابط الذى سجنه ولا يعاقبه، وأول رئيس عربى يصلى كل جمعة فى مسجد جامع، مما لاقى ترحيبا شعبيا ورفضًا نخبويًا وأول رئيس عربى ابنه يعمل موظفا فى الخارج»، أضف إلى ذلك أنه أنهى حكم العسكر، وأعاد مُحاكمة قتلة الثوار، وتحولت مؤسسة الرئاسة إلى العمل الجماعى وليس حكم الفرد، وإقالة النائب العام، ليأتى بجديد حقق أربعة إنجازات وهى التحقيق فى جرائم قتل الثوار وإصابتهم، وإصدار قرار القبض على البلاك بلوك، والمخربين، ورفع الحصانة عن المستشار الزند، وتطوير العمل بالنيابة العامة، وإنشاء موقع لها على الإنترنت، ومنع آل ساويرس من السفر، وإحالة الشيخ أبو إسلام للمحاكمة بتهم استغلال الدين وازدراء الأديان، وتوفيق عكاشة للجنايات بسبب قذف ائتلاف نقابة ضباط الشرطة.
ولا تتوقف الإنجازات عند هذا، فيرى المؤلف أن مرسى نجح فى «إلغاء إشغالات محطات المترو، وإزالة جميع إشغالات الطرق، وتحديد أماكن محددة لوقوف الميكروباص بكل الطرق، وكذلك تقديم خدمة خاصة لنقل السيدات وطالبات الجامعة خصوصا فى أوقات الذروة، وإلزام جميع التاكسيات بوضع عداد لمحاسبة الزبائن، وإلغاء فكرة كلبشة السيارات لأنها تعيق الطرق» كما أنهى مشكلة أنابيب الغاز نهائياً وبلا رجعة، وتوظيف الجمعيات الأهلية فى مراقبة كميات الوقود الداخلة والخارجة من المحطات، ومنح حوافز ومكافآت وشهادات تقدير لمحطات الوقود المتميزة، وكذلك اكتشاف صرف حصص لبنزينات وهمية.
وأكد الكاتب الإخوانى أن سياسة مصر الخارجية فى عهد الرئيس مرسى تغيرت كثيرا ومن أهم إنجازاته دعم غزة وخسارة إسرائيل 2.5 مليار شيكل بسبب صواريخ المقاومة.
وقال الكاتب إن حصار الرئيس مرسى داخل قصر الاتحادية يشبه تمامًا حصار الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فى غزوة الأحزاب، وأن المُشركين والأحزاب حاصروا الرسول داخل المدينة، وفى العصر الحديث حاصر البرادعى وحمدين وعمرو موسى الرئيس مرسى بطلب التدخل وتحريض أوروبا وألمانيا على التدخل، وتحريض المواطنين على حصار قصر الاتحادية.
واختتم المؤلف كتابه بالفصل الخامس بعقد مُقارنة بين صورة مرسى فى الإعلام الغربى وصورته فى الإعلام المصرى، حيث رأى أن الإعلام الغربى يصف مرسى «زعيماً وبطلاً»، واستشهد بمقولات لـ«الجارديان» البريطانية عندما قالت: «مرسى الزعيم الأبرز فى اجتماعات الأمم المتحدة»، وصحيفة «أوبزرفر» البريطانية وصفت مرسى بـ«الشخصية المذهلة التى سيطرت على مقاليد السياسة الداخلية»، ومجلة «التايم» الأمريكية وضعت صورته على الغلاف وقالت إنه «الشخصية الأكثر تأثيرا فى 2012».
«ملحمة مصرية رائعة وإنجازات غير مسبوقة حققتها مصر على مدار خمسة وعشرين عاماً وضعت فى إطار مسيرة عمل شاملة قادها مبارك بكفاءة واقتدار ونجح من خلالها فى تحقيق الاستقرار والأمان فى اتجاه النهوض بالبلاد وانطلاقها نحو الآفاق الرحبة للمستقبل».. هكذا نقرأ أيضًا فى كتاب بعنوان «كلمة للتاريخ» والذى أعادت دار المعارف بالإسماعيلية طرحه بعد الثورة، وكان قد تم نشره فى 25 يناير 1982 فى الذكرى الأولى لتحرير طابا، بتقديم الكاتب عماد أديب، وكأن الشعب لم ير هذه الإنجازات أو كأن شيئًا لم يدفع هذا الشعب يومًا لثورة أثبتت بطلانا ونفاقا لم يعد قادراً على إقناع الناس. فيمضى الكاتب متحدثًا عن الفترة ما بين عام 1981 وعام 2006 والتى يؤكد فيها على أن عجلة التنمية دارت فى شتى مجالات البناء والإصلاح بهدف رفع مستوى معيشة الإنسان، فامتدت التنمية على مدار أكثر من عشرين عاماً لتشمل كافة مجالات الحياة فى مصر، وهو ما أدى لوضع الاقتصاد المصرى فى مرحلة التنافس عالمياً حيث تمت السيطرة على معدل التضخم وارتفاع الأسعار، كما انخفض عجز الموازنة العامة للدولة كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى واستقرت المؤشرات الرئيسية لأداء الاقتصاد المصرى حيث ارتفع معدل النمو الاقتصادى خلال عام 2006 ليصل إلى %5.8 على الرغم من تأثير الأحداث الإقليمية والعالمية، وارتفعت قيمة الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2006 ليصل إلى 558 مليار جنيه، ولا شك أن هذه البنية الاقتصادية كفيلة بتحويل مصر إلى سوق واعدة خاصة بعد تفعيل السياسات المالية والاقتصادية المحفزة فى ظل إطار تشريعى متكامل يعمل على إزالة العقبات والتعقيدات عن كاهل المستثمرين.
ثم كانت النهضة الكبرى فى البناء والتعمير مع بداية عصر المشروعات القومية العملاقة فى جنوب الوادى وإقليم القناة وسيناء، حيث نجحت الدولة خلال هذه المرحلة فى الخروج من حدود الوادى الضيق والدلتا إلى الصحراء مما ساهم فى زيادة مساحة الحيز العمرانى المأهول بالسكان من %4 إلى %5.5، مع إقامة مدن وتجمعات عمرانية جديدة وصل عددها إلى 23 مدينة وتجمعاً عمرانياً جديداً بها نحو 675 ألف وحدة سكنية وتضم نحو 3709 مصانع منتجة، حيث توفر هذه المصانع نحو 318 ألف فرصة عمل.
وعلى صعيد التنمية البشرية حققت مصر تطورا كبيرا خلال هذه المرحلة إيمانا منها بأن الإنسان هو هدف التنمية ووسيلتها، فتم الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية، وتعكس إحصائيات وزارة الصحة أن ما تم إنفاقه على الصحة خلال عام 2006/2005 قد وصل إلى نحو 8.2 مليار جنيه كذلك ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتى من الدواء لتصل إلى %96 من احتياجات المرضى، ومن ثم انخفضت معدلات وفيات الأطفال من 71 فى الألف إلى 17 فى الألف، كما ارتفع متوسط عمر الفرد من الذكور إلى 69.2 فى مقابل 58.1 فى عام 1981، أما الإناث فقد ارتفعت أعمارهن إلى نحو 73.6 سنة فى مقابل 60.60 فى عام 1981، أى أن متوسط عمر الإنسان فى مصر قد زاد بمقدار اثنى عشر عاماً.
ومع اعتبار التعليم مشروع مصر القومى الأول، توالت الإنجازات حتى وصل إجمالى أعداد المقيدين فى جميع المراحل التعليمية إلى نحو 19.5 مليون طالب وطالبة، صاحب ذلك وضع استراتيجية تعليمية تهدف لزيادة معدلات القيد والارتقاء بها، إلى جانب تطوير وتحسين مستوى التعليم عبر الاهتمام بتحقيق الاستيعاب الكامل للتطور التكنولوجى الهائل والثورة المعلوماتية فى منظومة التعليم مع إنشاء أول هيئة لضمان جودة التعليم فى مصر وذلك ضماناً لتحقيق نقله نوعية تساهم فى الدخول بقوة إلى مجتمع المعرفة.
ويذكر الكتاب: ولأن الرعاية الاجتماعية تستهدف فى المقام الأول تحقيق الاستقرار الاجتماعى والنفسى للأسرة المصرية لضمان مشاركتها فى مختلف قضايا وشؤون المجتمع، وكان برنامج الإصلاح الاقتصادى مصريا خالصا مراعيا للبعد الاجتماعى فى جميع خطواته داعماً للفئات الفقيرة فى المجتمع من خلال استمرار الدعم للسلع والخدمات الرئيسية والذى ظل فى تزايد مستمر حتى وصل الآن إلى أكثر من 33.7 مليار جنيه تمثل نحو %23.4 من إجمالى الإنفاق العام، حيث وصل دعم رغيف الخبز فقط إلى 7.1 مليار جنيه أى نحو تسعة أمثال ما كان عليه، هذا بخلاف نحو 4.5 مليار جنيه لدعم السلع التموينية فى مواجهة ارتفاع الأسعار العالمية مقارنة بمليار جنيه عام 1981. كما خصص لقطاع الكهرباء دعما تجاوز ثلاثة مليارات جنيه مقابل 50 مليون جنيه عام 1981، حيث يخصص هذا المبلغ لدعم شرائح الاستهلاك المنخفضة خاصة للأسر محدودة الدخل، كذلك تحظى المنتجات البترولية بدعم أكبر تصل قيمته إلى 20.2 مليار جنيه مقابل مليون جنيه عام 1981، ناهيك عن حفاظ الدولة على أسعار منخفضة للسولار والبنزين مقارنة بمعظم الدول النامية.
وصاحب ذلك اتساع مظلة التأمينات الاجتماعية لتغطى الفقراء والمهمشين وأصبح هناك معاشات خاصة للأطفال والأيتام وأبناء المطلقات، ومن ثم وصلت قيمة المعاشات المنصرفة عام 2006/2005 إلى نحو 20.1 مليار جنيه أى أكثر من 25 ضعف ما كانت عليه، وارتفع عدد المؤمَّن عليهم من 10.3 مليون مواطن إلى 18.9 مليون، وفى الوقت نفسه تحسنت أحوال العاملين بالدولة وتمت إعادة هيكلة الجهاز الإدارى ومعالجة الرسوب الوظيفى، ووصلت قيمة الأجور نحو 45.8 مليار جنيه وتحملت الدولة فى هذا الإطار نحو 15 مليار جنيه مساهمات فى صناديق المعاشات فى الموازنة نفسها، علماً بأن عدد العاملين فى الدولة قد زاد أكثر من الضعف من نحو 2.2 مليون موظف عام 1981 إلى نحو 5.6 ملايين موظف عام 2006. وهكذا نجد أن إنجازات مبارك خلال السنوات الماضية – كما يسطرها الكاتب–تشهد له بأنه كرس جهده ووقته لخدمة وطنه وتحقيق آماله فى الحرية والكرامة واللحاق بركب العصر، وأنه استطاع أن يحقق فى سياسته نوعًا من التوازن النادر والحياد غير المسبوق فى الداخل والخارج، حقق له ولمصر قدراً كبيرًا من المصداقية والاعتدال والبعد عن التحيز والتعصب، فكانت حكمته سبباً فى قدرته على تحقيق إنجازات مهمة تمثل علامات مضيئة فى مسيرة مصر، ليبقى السؤال: لماذا قام الشعب بالثورة؟!
كتب النفاق من "مبارك" إلى "مرسى" تتحدث إليكم.. وصفت "المخلوع" بقائد الملاحم والإنجازات والمنحاز للفقراء.. وشبهت "مرسى" بالرسول المحاصر.. وأول رئيس صلى فى مسجد.. وأول مدنى عربى ينقلب على العسكر
الأربعاء، 01 مايو 2013 10:53 ص