وقال ستيخس، إن المستثمرين الهولنديين مهتمون بالمجيء إلى مصر، خاصة فى حال تحسن بيئة الأعمال، مشيرا إلى أن السفارة على استعداد لتيسير هذه العملية، بينما ستواصل هولندا - فى غضون ذلك - تعاونها القائم منذ فترة طويلة مع مصر فى مجالات عديدة منها قطاع المياه وتنمية القطاع الخاص.
جاء ذلك خلال الكلمة التى ألقاها السفير خيرارد ستيخس مساء أمس فى الاحتفال الذى أقامته سفارة هولندا بالقاهرة مع المسئولين المصريين والشخصيات العامة والدبلوماسيين المعتمدين فى مصر باليوم الوطنى لهولندا (يوم الملكة).
ويعد اليوم الوطنى هذا العام مناسبة خاصة؛ إذ إن الملكة بياتركس تنازلت عن العرش أمس لنجلها الأمير وليام ألكساندر والذى أصبح أول ملك لهولندا منذ عام 1890، كما أنه الآن رئيس الدولة الجديد، وسيكون يوم ميلاده الموافق 27 إبريل هو اليوم الوطنى لهولندا (يوم الملك) بدءً من العام القادم ، كما أن اليوم الوطنى هذا العام مميز؛ إذ إنه قد مر 200 عام على تأسيس المملكة الهولندية فى 1813 حينما اعتلى أول ملك هولندي؛ وليام الأول، العرش. كانت البلاد قد تحررت آنذاك للتو وبدأت هولندا رحلتها كمملكة حديثة.
وقال خيرارد ستيخس؛ سفير هولندا فى مصر، فى كلمته بهذه المناسبة إنه فى مثل هذا اليوم التاريخى لهولندا يود أن يلقى نظرة متفحصة فى التطورات السياسية التى شهدتها العقود الأولى للمملكة الهولندية، مشيرا إلى أنها كانت عند نشأتها تناضل مع مفاهيم الدستور والدولة مثلما هو الحال فى مصر بعد ثورة يناير 2011 ، موضحا أن أول دستور هولندي، والذى تم اعتماده فى عام 1815، لم يكن ديمقراطيًا بالمطلق؛ حيث منح الملك سلطات واسعة النطاق وسلطات أقل بكثير لشعبه، إلا أنه منح المواطنين حرية اعتناق أى ديانة كما حظر التمييز القائم على الدين، وهما ملمحان أساسيان متجذران فى المجتمع الهولندى منذ الأيام الأولى لاستقلال البلاد فى إطار الجمهورية الهولندية القائمة منذ القرن السادس عشر.
ونوّه ستيخس إلى أن السلطة المطلقة التى كان يتمتع بها رئيس الدولة فى هولندا آنذاك شكلت مصدرًا للتوترات السياسية، مثلما كان الحال فى مصر خلال العقد الماضي، مضيفا أنه فى إطار موجة من الثورات التى اجتاحت أوروبا فى عام 1848 تم التوصل فى النهاية إلى تسوية سياسية، مشيرا إلى أن التوازن الذى تم التوصل إليه فى ذلك العام بين سلطات الملك والحكومة والبرلمان والقضاء لا يزال قائمًا حتى الآن. ولفت إلى أنه مما استحدثته الوثيقة التى تم الاتفاق عليها منح المواطنين حرية التنظيم وحرية التعبير عن أنفسهم بالكتابة. وتوسعت تدريجيًا فى الأعوام السبعين التالية الحقوق السياسية والمدنية للرجال والنساء وسلطات الحكومة المحلية إلى نظام ديمقراطى قائم على المساواة والمجتمع المدنى الحر والعدالة ومجموعة كاملة من التوازنات والضوابط السياسية.
وألمح ستيخس إلى أن الجدل السياسى المتواصل فى كل من مصر وهولندا أوضح أن البحث عن التعريف الصحيح للحقوق والواجبات وعن التوازنات والضوابط لا ينتهى ويستحق مشاركة الجميع وتبادل أفضل الممارسات، مشددا على أن هذا الاتفاق المركب بين الشعب وحكومته هو الذى يمكِّن من تحقيق استجابة مشتركة لتحديات المجتمع والاقتصاد العالمى.
وأكد أنه مثلما كان الوضع فى هولندا منذ 200 عام، فإن تلك التحديات فى وقتنا الحالى شاقة على كل من مصر وهولندا وتستلزم وجود قيادة ديمقراطية طموحة وشاملة. وأضاف أن صفة القيادة لازمة أيضًا لتخطى الأوقات الاقتصادية العسيرة التى يواجهها العالم، فالأزمة المالية الأوروبية الحالية لم يسبق لها مثيل فى الحجم والتعقيد، ومعدل البطالة يرتفع، إضافة إلى تطبيق إجراءات تقشفية، بينما تعانى مصر من الصعوبات الاقتصادية التى تواجهها وارتفاعًا فى معدل التضخم والبطالة فى الوقت الذى يشعر فيه المستثمرون بالحذر وتتراجع أعداد السائحين بصورة ملحوظة.
وفى سياق متصل، أوضح ستيخس أن سفارة هولندا ستنظم عددًا كبيرًا من الفعاليات التى تمتد حتى نهاية يونيو القادم تحت شعار "هنا هولندا"، وذلك تعزيزًا للشراكة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وسلّط الضوء على بعض أنشطة "هنا هولندا"؛ مثل: إقامة معرض للاحتفال بمرور 400 عام على بدء الدراسات العربية والإسلامية فى هولندا، وتنظيم ندوة حول الاستخدام الفعّال للطاقة، وعرض عدد من الأفلام السينمائية والوثائقية الهولندية بترجمة عربية، وعقد مؤتمر عن اللوجستيات الزراعية، وغيرها من الأنشطة. وأشار إلى أن الأعمال الفنية لجون أوكارول والمستوحاة من عمله فى أحد المشروعات الأثرية التى ترعاها هولندا فى واحة الداخلة سيتم عرضها للجمهور فى المعهد الهولندى الفلمنكى بالزمالك بدءً من يوم 9 مايو الجارى.



