كان لى صديق يعمل مع جماعة مبارك أحيل للتقاعد لبلوغ السن. اختلفنا فى كل شيء حول الثورة والثوار، اختلاف حاد ترتفع فيه الأصوات إلى حد فقدان المنطق فيما نقــول أو نفعل.
واتفقنا فى أمر واحد فقط هو أن الانفلات الأمنى الذى حدث إبان الثورة لم يكن عفوياً بحــال، بل كان مخططاً ومدبراً، واختلفنا فيمن دبر وخطط هو قال بالمؤامرة الخارجية، وأحــــــد أضلاع تلك المؤامرة الإخوان. واستند فى ذلك إلى أقوال بعض قدامى الضباط، ســـواء فـــى الجيش أو الداخلية ممن كان يجلس معهم، سواء صداقة أو مصادفة أو بحكم القرابة. وأنا ذهبت فى تفسير المؤامرة، انسياقاً وراء بعض القراءات، إلى أحد احتمالين لا ثالث لهمــا قاعدتهما ونقطة انطلاقهما واحدة، القاعدة عندى كانت تتمثل فى حبيب العادلى وزير الداخلية، والكيفية عندى كانت مجهولة لأنه يصعب على وزير أياً كان شأنه، وأيا كانت ســـطـوتــه
وجبروته أن يؤثر على كل فرد بالداخلية بطول البلاد وعرضها إلى حد تنفيذ خطــــة فــتـــح السجون وحرق الأقسام، والانسحاب من المشهد بهذه الدقة المتناهية، وإلا لما سقط النظام هذا السقوط المروع فى هذه المدة القصيرة.. ولكن لأن هذا الإحســاس بقــوة وزارة الداخـــلية وأجهزتها، وسطوتها كان يملأ النفوس فكان السيناريو المقبول عقلاً ومنطقاً هو أن ما يحدث
لا يمكن أن يكون بعيداً عن النظام. وقد تم تغذية هذا الاتجاه بقوة ربما للفت الأنظار بعيــــداً عما يجرى فى الكواليس من ناحية،وهو اتهام مبطن للنظام بأنه قد فتح على المجتمع بوابة جهنم كى تتحقق مقولته الأشهر: "أنا أو الفوضى" من ناحية أخرى. فقيل يومها أن هذا
السيناريو قد تم طبخه بمعرفة النظام كى يكون الطريق الأسهل للتوريث فى ظل حالة الرفض الشعبى لهذا الأمر.
ففتح بوابات جهنم على المجتمع ستدفعه دفعاً إلى تقبل التوريث والوارث لإنقاذه من براثن الإجرام التى انطلقت فى الشوارع.
وأداة التنفيذ هو هامان النظام حـــبيب العادلى. والسناريو الثانى كان يقوم على فكرة أن العادلى يلعب هذه اللعبة لحسابه الخـــأص، أى ينقلب على النظام نفسه لحساب أحد أفراده. وحتى مع محاولة استبعاد هذا بدعوي أن الجيش لم يكن ليسمح بذلك كان يرد على ذلك بأن أعداد أفراد الداخلية يفوق أعداد أفراد الجيش، وإن كانت نوعية التسليح ترجح كفة الجيش، إلا أنه يفتقر إلى خبرة العمل داخــــل المدن.
كل ذلك كان مطروحاً للكلام والنقاش الممتد. ويبدو أننى كنت مخطئاً إلى حد كبـــير فى تحليلاتى وما توصلت إليه على ضوئها من نتائج. فإذا بى هذه الأيام تصيبنى المفاجــأة بالدهشة، إذ مصادفة تقدم النيابة العامة أحد المواطنين للمحكمة بتهمة الهروب من ســجن وادى النطرون، ثم يتبين بحسب ما توفر لدى من معلومات أن هذا المواطن لم يــكــن هـــو الهارب الفعلى، بل تشابه اسمه مع الهارب الحقيقى. وانفتحت البوابة السوداء، إذ جـري
استحضار الشهود، وجرى استحضار مكالمة الرئيس مرسى لقناة الجزيرة أثـناء عمـلــيــة الهروب، ثم تنشر المصرى اليوم نص خمس مكالمات جرت بين قيادات الإخــوان وقيادات حماس إبان الثورة، وما زالت القضية منظورة. ويبدو أن هذه الأحداث هى المفتاح الــــذي سيفتح البوابة السوداء التى لابد أنها تخفى وراءها الكثير من الأسرار التى ستفك طلاســم
الثورة المصرية كما كان حجر رشيد هو المفتاح للحضارة المصرية القديمة، والقياس هنا مع الفارق.
حـــســـــن زايـــــــــــد يكتب: البــــــوابــة الســـــوداء
الأربعاء، 01 مايو 2013 11:31 ص
صورة أرشيفية<br>
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة