أضفى الشيخ على محيبس الذى كان يرتدى الزى العسكرى وعمامة رجل الدين طابعا حماسيا على صلاة الجمعة فى محافظة الأنبار معقل السنة بغرب العراق ووجه عبارات حادة للحكومة التى يهيمن عليها الشيعة.
وقال بصوت جهورى لحشد المصلين موجها الكلام للحكومة فى بغداد "إن أردتم الجهاد فنحن جاهزون وإن أردتم المواجهة فنحن لها وإن أردتم الزحف إلى بغداد فنحن قادمون".
وينظم السنة مظاهرات احتجاج منذ شهور ضد رئيس الوزراء الشيعى نورى المالكى الذى يتهمونه بتهميش السنة وباحتكار السلطة منذ أن أطاحت قوات بقيادة الولايات المتحدة بالرئيس صدام حسين فى عام 2003 . والآن أصبحت الأجواء فجأة أكثر بشاعة.
وكانت التنازلات التى قدمتها الحكومة بدأت فى نزع فتيل الاضطرابات السنية لكن سرعان ما امتدت الاشتباكات إلى مناطق سنية أخرى بعد مداهمة قوات الأمن لساحة احتجاج فى بلدة الحويجة يوم 23 أبريل نيسان مما يثير مخاوف من أن العراق قد ينزلق مرة أخرى إلى صراع طائفى واسع النطاق على غرار ما حدث فى الفترة بين عامى 2006 و2007 .
وقال المالكى لرجال دين سنة وشيعة شاركوا فى مؤتمر إسلامى "للتقارب والحوار" عقد يوم السبت "لقد تعاونا على دفن الطائفية لكنها أطلت برأسها من جديد".
ويخشى عراقيون كثيرون من أن تكون هذه الجهود بلا جدوى مع رحيل القوات الأمريكية التى كانت تمثل عازلا والحرب فى سوريا التى تشعل الصراع السنى الشيعى فى أرجاء الشرق الأوسط.
وحث زعماء الاحتجاج فى الأنبار على أن تقدم كل عشيرة من العشائر السنية 100 مسلح لتكوين "جيش" للدفاع الذاتى عن المحافظة.
وقال الشيخ عبد الرحمن الزوبعى رئيس مجلس عموم شيوخ عشائر الفلوجة "نحن لا نرضى أن نعيش بصفة مواطن من الدرجة الثانية ـ نحن أبناء العراق ـ لنا حقوق.. نحن طالبنا بهويتنا وعندما ترفض الحكومة لا يمكن إثبات الهوية إلا بالسلاح إن تطلب الأمر".
واعتاد مصطفى (28 عاما) وهو مدرس فى مدرسة عليا على أن يتردد على مخيم الاحتجاج فى أيام الجمعة. ويقول إن الجيش قتل والده وإنه يتردد الآن على مخيم الاحتجاج يوميا بعد انتهاء الدراسة متطلعا إلى الثأر.
وتعبر قصته عن ظهور الكراهية الطائفية من جديد فى بلد لا يزال يبحث عن تسوية مستقرة بين السنة والشيعة والأكراد فى مرحلة ما بعد صدام.
وقال رمزى ماردينى من المركز العراقى للدراسات الإستراتيجية ومقره بيروت "السياسة العراقية على شفا الانزلاق إلى فترة من العنف الطائفى حيث من المرجح أن تكون هناك حاجة إلى اتفاق جديد لتقاسم السلطة بين الطوائف المختلفة لإعادة ضبط العلاقات بينها".
وتابع قائلا: "هناك حدة فى المشاعر ولغة الخطاب اللذين كانا هادئين لسنوات..."
وأدت الاشتباكات التى جرت فى أبريل نيسان إلى ارتفاع أعداد القتلى المدنيين إلى 547 قتيلا - طبقا لإحصائية مؤقتة أصدرها مشروع ضحايا حرب العراق - وهو الأعلى منذ عام 2009 وإن ظل دون مستوى أرقام القتلى فى عامى 2006 و2007 بفارق كبير حين كان العدد الشهرى يقفز أحيانا إلى ثلاثة آلاف.
وزادت التوترات الطائفية من المشاحنات بين السنة المنقسمين بشأن ما يسعون إليه من أهداف وكيفية تحقيقها.
وتتراوح مطالب السنة ما بين تعديل القوانين التى يزعمون أنها تمييزية إلى تمزيق الدستور وإقامة منطقة حكم ذاتى مماثلة للمنطقة الكردية فى شمال العراق وبالقوة إذا اقتضى الأمر.
ولا يرغب كثير من زعماء العشائر فى مزيد من العنف وينتقدون المتشددين الذين يندسون وسط حركة الاحتجاج.
وقال زعيم عشائرى يتمتع بنفوذ كبير فى الرمادى طلب عدم نشر اسمه إن أى قوة مستعدة للصدام مع هؤلاء تكون قوة تسعى لدفع الأنبار إلى "بحر من الدماء".
ونشبت اشتباكات بين السنة فى الأنبار من قبل. ففى عام 2006 توحدت العشائر وساعدت القوات الأمريكية على طرد المتشددين السنة المرتبطين بالقاعدة الذين كانوا يسيطرون على مساحات كبيرة من المحافظة.
واحتوت الحكومة فى وقت لاحق مجالس "الصحوة" أو أبناء العراق وتعرضت لهجوم متزايد من جانب المتشددين السنة الذين اعتبروهم حلفاء لرئيس الوزراء العراقى.
واستعاد تنظيم دولة العراق الإسلامية المرتبط بالقاعدة نشاطه بسبب الحرب فى سوريا حيث يخوض مسلحون غالبيتهم سنة - بينهم إسلاميون مرتبطون بالقاعدة حربا للإطاحة بالرئيس بشار الأسد المدعوم من إيران.
وتعرض لقطات فيديو تبث من خلال الانترنت مشاهد لمسلحين وهم يقومون بتفريغ الذخيرة من بنادق هجومية فى صحراء الأنبار الشاسعة المتاخمة لسوريا. وتتزايد من جديد التفجيرات الانتحارية والهجمات التى تستهدف قوات الأمن العراقية.
ودفع استعراض السنة لقوتهم الشيعة والأكراد لتجديد صلات تشكلت بسبب القهر الذى مارسه صدام حسين ضدهما.
تنامى مشاعر السخط بين السنة يذكى المخاوف من حرب طائفية فى العراق
الأربعاء، 01 مايو 2013 08:00 م
نورى المالكى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة