الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة التى تقوم بدور المخبر البريطانى شرلوك هولمز والتى تسعى الآن إلى الدخول إلى قاعدة إيرانية هامة تقول إنها قادرة على رصد أى أثر ولو صغير لمادة نووية فى الموقع مهما حاولت الدولة إخفاءه.
وفى محادثات مقررة فى وقت لاحق من الشهر الجارى ستضغط الوكالة مجدداً على طهران حتى تسمح لمفتشيها بزيارة مجمع بارشين العسكرى المترامى الأطراف، وهذا سيمكنهم من جلب عينات لتخضع لفحوص دقيقة فى مختبر عالى التقنية تابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية قرب فيينا.
ويتهم دبلوماسيون غربيون إيران بمحاولة تطهير موقع بارشين من أى أثر محتمل لاختبارات ذات صلة بتطوير أسلحة نووية وهو ما يثير شكوكا حول قدرة مفتشى الأمم المتحدة على العثور على أى شىء حتى إذا سمح لهم بالدخول.
وتقول إيران، إن قاعدة بارشين الواقعة جنوب شرقى العاصمة الإيرانية طهران هى قاعدة عسكرية تقليدية وتنفى مزاعم بأنها أجرت أبحاثا متعلقة بالقنبلة النووية وتقول إن برنامجها النووى المتنازع عليه هو لتوليد الطاقة وأغراض سلمية أخرى.
ويقول خبراء، إنه رغم صعوبة العثور على أدلة الآن إلا أنه مازال ممكنا رصد أى أثر للمادة النووية من خلال استخدام معدات يمكنها فحص جسيمات أصغر عشرة آلاف مرة من ذرة الرمل.
وقال شتيفان فوجت، وهو مسئول رفيع فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن الجسيمات التى يمكن أن تكشف عن الكثير لا يمكن أن تزال بشكل كامل من منشأة استخدمت فيها اليورانيوم، لكنه أكد إنه يتحدث بشكل عام لا عن إيران أو بارشين تحديداً.
وقال فوجت الذى يرأس مختبر العينات البيئية التابع للوكالة الدولة للطاقة الذرية، "لا يمكن التخلص منها بالتطهير، لا يمكن أن تخففها بدرجة تحول دون تمكننا من جمعها، المسألة مجرد مسألة وقت.. قد لا نعثر عليها فى المرة الأولى التى نذهب فيها إلى هناك.. لكن كلما ذهبنا كلما زادت احتمالات عثورنا (على أثار) فى ركن ما.. على مائدة ما.. فى إحدى أنابيب الصرف".
وكان كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق أولى هاينونين قد صرح بأن أى محاولة من جانب إيران لتطهير بارشين من الأدلة سيجعل مهمة الوكالة أكثر صعوبة، لكن "التطهير الكامل صعب جدا أن يتحقق إذا استخدمت مادة نووية فعلا".
ومثل آخرين فى مختبر العينات البيئية فى زايبرزدورف خارج العاصمة النمساوية لا يسمح لفوجت بالحديث عن إيران أو سوريا أو أى قضية أخرى محددة جعلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية طرفا أساسيا فى الدبلوماسية النووية الدولية، لكنه عبر عن ثقته فى التقنيات المتطورة المتاحة لدى العلماء بما فى ذلك جهاز ثمنه 3.8 مليون يورو (خمسة ملايين دولار) لدراسة الجسيمات الدقيقة.
وقال فوجت مشبها مهمة التحقيق التى تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات المخبر هولمز فى القصص البوليسية الشهيرة "أنت تجرى هنا وهناك باحثا عن الموضع الصحيح لتأخذ منه العينة ثم تبحث عن جسيمات متناهية الصغر وراءها قصص".
يوضع جهاز المقياس الطيفى الهندسى الثانوى للكتلة الأيونية فى مبنى مستقل بنى له خصيصا وهو قادر على تحليل ما يتراوح بين 100 و150 عينة فى العام بدلا مما يتراوح بين 30 و40 من قبل وهى عينات يجمعها العلماء من أنحاء العالم.
وقال فوجت وهو يعرض الجهاز "لدينا عدسة مكبرة جدا نرى جسيمات صغيرة للغاية، إنه يفتح أبوابا جديدة تماما لما يمكن أن نراه وان نفسره".
وقام مجمع زايبرزدورف بدور تحقيقى هام خلال حرب الخليج الأولى فى التسعينات حين منحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلطات كبيرة لرصد أى أنشطة سرية بعد اكتشاف البرنامج النووى السرى للعراق.
وأنهى العراق برامجه للأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية بأمر من الأمم المتحدة. واستغلت الولايات المتحدة وبريطانيا شبهات عدم تعاون العراق مع المحققين الدوليين لتبرير غزو البلاد عام 2003.
وأثبتت الوكالة قدرتها على العثور على الجسيمات حتى حين تحاول الدولة إخفاءها بكل جهدها. وجمعت جسيمات صغيرة لتخصيب اليوارنيوم فى شركة كالاى اليكتريك فى طهران عام 2003 على الرغم من إزالة طهران للمعدات وتجديد المنشأة جزئيا.
وحتى تشحذ طاقاتها تقوم الآن بتجديد مجمع زايبرزدورف. وفى إطار عملية تحديث تتكلف 81 مليون يورو (106 ملايين دولار) تبنى الآن مختبرا جديدا للمواد النووية ستفحص فيه عينات اليورانيوم والبلوتونيوم للتأكد تماما من أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة تعرف مصير كل المواد التى يمكن أن تستخدم فى صنع قنابل، لكن رغم إصرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنها منظمة تقنية تخدم كل أعضاء المنظمة الدولية وعددهم 159 دولة إلا أن مراقبتها لبرنامج إيران النووى له تداعيات جيوسياسية.
فهى تفتش بانتظام المنشآت النووية المعلنة لإيران مثل موقعى نطنز وفوردو لتخصيب اليورانيوم لكنها فشلت حتى الآن فى إقناع طهران بالسماح لها باستئناف تحقيق معطل فى أبحاث يشتبه أن لها صلة بالأسلحة النووية.
وفى جولة عاشرة من المحادثات منذ أوائل عام 2012 يلتقى فريق من الوكالة يرأسه هرمان ناكيرتس بمسئوليتين إيرانيين فى فيينا يوم 15 مايو فى مسعى للخروج من الأزمة.
بعد شكوك بوجود مواد نووية..
الوكالة الذرية تسعى للضغط على إيران لتفتيش قاعدة "بارشين" العسكرية
الأربعاء، 01 مايو 2013 11:33 ص