نقلا عن اليومى..
يظل الجيش المصرى دائما هدفا لمتابعة وملاحقة القوى الراغبة فى السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، حيث هو الجيش الأقوى والأكثر تنظيما وهو العمود الفقرى للدولة المصرية، لذا فإن حالة الطمع فيه لا تقتصر على القوى الخارجية، لكنها تمتد إلى قوى داخلية أيضا ترغب فى السيطرة على مفاصل الدولة.
فى الفترة الأخيرة أضيفت على عاتق القوات المسلحة المصرية، مهام عدة فلم يعد دورها مقتصرا على حماية حدود البلاد والتأهب الدائم لصد أى قوى طامعة فيها أو المشاركة برجالها وخبراتها فى عمليات حفظ السلام بمناطق النزاع والحروب، وإنما توسع دور الجيش بعد أن قرر دخول عالم السياسة وتولى مسؤولية إدارة البلاد فى فترة انتقالية لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، فطاله من النقد والإشادة ما يطال كل من يقرر العمل فى هذا المجال، فتارة تعلو الأصوات المطالبة برحيله والرافضة لسياسته وطريقة إدارته، وتارة أخرى تتوالى عبارات المدح له على اعتبار انه أول من حمى الثورة وساعد الشعب فى إسقاط الرئيس السابق حسنى مبارك بل وتعالت الدعوات فى الفترة الأخيرة لعودة الجيش لتصدر المشهد السياسى فى البلاد مرة أخرى، ومع تغير المشهد السياسى فى البلاد وصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، لم يسلم الجيش من محاولات للتدخل فى شؤونه أو السيطرة عليه، وهو ما تتصدى له المؤسسة العسكرية بكل قوة.
مخططات غربية
لا يمكن الحديث عن الضغوط الخارجية التى يتعرض لها الجيش المصرى، دون الإشارة لدور المعونة العسكرية الأمريكية، التى تقدم لمصر بموجب إبرامها اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 عندما أعلن الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية لمصر وإسرائيل تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل و2.1 مليار دولار لمصر مقسمة إلى 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.
وعلى الرغم من الإيجابيات التى يراها البعض فى هذه المنح على اعتبار أنها تأتى ضمن برنامج مشترك للتدريب والتأهيل على المعدات والأسلحة الحديثة، فإن كثيرين يرون فيها نوعا من الوصاية التى تفرض على الدولة المتلقية لها فى شتى المجالات السياسة والاقتصادية والصحة والتعليم، لكن القوات المسلحة المصرية تؤكد فى كل الحالات وبشكل مستمر استقلاليتها وعدم السماح لأى طرف خارجى بالتدخل فى الشؤون المصرية، فيما يقول خبراء إنه حتى وإن حاولت الولايات المتحدة الأمريكية التلويح بكارت المعونة لتحقيق مصالح متعلقة بها، فهى تدرك أن ذلك مرتبط بموقف مصر من اتفاقية السلام مع إسرائيل.
تشويه داخلى
تردد فى وسائل الإعلام مخاوف من سيطرة جماعة الإخوان على الجيش مثلما حدث مع المؤسسات الأخرى فى البلاد، وسعيها لإقالة السيسى بمباركة دول غربية، فى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما حذرت مصادر عسكرية وقتها من الإقدام عليه باعتبار أن المؤسسة العسكرية بمثابة خط أحمر وأن تنفيذ ذلك المخطط سيؤدى إلى نتائج لا تُحمد عواقبها، وهو ما نفته الجماعة فى حينها.
ومع تزايد الأصوات المنادية بإعادة العسكريين للحكم، نشرت صحف أجنبية مقتطفات من تقرير لجنة تقصى الحقائق عن أحداث الثورة، تضمن مزاعم عن ارتكاب الجيش لجرائم خلال الثمانية عشر يوماً الأولى من ثورة الخامس والعشرين من يناير، وطالب البعض بضرورة التحقيق حول كيفية تسريب التقرير، خاصة مع ما أحدثه من فجوة بين الجيش ومؤسسة الرئاسة التى رأى كثيرون أنها تستخدم ما ورد فى التقرير للضغط على المؤسسة العسكرية وأخونة الجيش مثل باقى مؤسسات الدولة، وجاء الرد من قبل الرئيس الدكتور محمد مرسى لاحتواء تلك الأزمة بالاجتماع بقيادات الجيش وترقية قادة الأفرع، واستغل الفريق عبدالفتاح السيسى المناسبة وقتها ليدلى بتصريحات أقسم فيها أن القوات المسلحة من أول يوم 25 يناير وحتى الآن لم تقتل، ولم تأمر بقتل ولم تخن أو تأمر بخيانة، ولم تغدر أو تأمر بغدر».
التعرض للشؤون الداخلية للجيش
فى نوفمبر 2011، تم الإعلان عن وثيقة «إعلان المبادئ الأساسية لدستور الدولة المصرية الحديثة» للدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء السابق، والمعروفة إعلاميا بوثيقة السلمى، وكانت الأولى من حيث التعرض لشؤون المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى موادها، وذلك بعدما تناولت الجانب الأكثر إثارة للجدل، ويمكن القول بأنها كانت السبب الأول وراء التظاهر ضدها وإعلان رفضها فى الشارع المصرى، وهو وضع المؤسسة العسكرية فى الدستور الجديد. وانصب الاعتراض وقتها من قبل جميع القوى السياسية، لشعورهم بأن تلك الوثيقة أعطت السيادة للمؤسسة العسكرية فوق بقية مؤسسات الدولة فى النظام السياسى الجديد على اعتبار أن لها دورا مختلفا ويرتبط بأمن مصر القومى، لذلك أباحت الوثيقة للمجلس العسكرى حماية الشرعية الدستورية على الرغم من أن هذا ليس من اختصاصها -كما رأى البعض- إلى جانب حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها والحفاظ على وحدتها، كما أنها جعلت المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو المختص دون غيره بالنظر فى كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة ومناقشة بنود ميزانيتها على أن يتم إدراجها رقما واحدا فى موازنة الدولة، كما يختص دون غيره بالموافقة على أى تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره، وبناء عليه قررت القوى السياسية أن تضع نصا بديلا لما ورد فى الوثيقة ويتضمن أن «للقوات المسلحة مكانتها الخاصة وشؤونها التفصيلية المتصلة بالأمن القومى والتى يجب أن تُراعى عند مناقشة أمورها الفنية وميزانيتها، والقوات المسلحة كباقى مؤسسات الدولة تلتزم بالضوابط الدستورية والتشريعية، ويكون لها مجلس أعلى يختص بالنظر فى شؤونها، ويؤخذ رأيه فى التشريعات الخاصة بها قبل إصدارها». واشتد الخلاف فى الرأى مع تشكيل البرلمان المنحل حول ضرورة مناقشة الميزانية من قبل مجلس الشعب بعد أن سكت الحديث عن آليات مناقشة الميزانية وأوجه إنفاقها، وهنا رفض البعض ذلك قائلين إنه لا توجد دولة فى العالم تناقش الميزانية على الهواء أمام الناس، وبعد حل البرلمان جاء موقف الدستور الجديد من شؤون تلك المؤسسة والذى جاء ليعطى مجلس الدفاع الوطنى الحق فى النظر بالأمور المتعلقة بالجيش من حيث اقتصاده وميزانيته، ورأى بعض الخبراء العسكريين فى ذلك الأمر أنه يمكن الكشف عن النسبة المئوية لميزانية القوات المسلحة المصرية ضمن الموازنة العامة للدولة ولكن دون إعلان التفاصيل الدقيقة حفاظا على الأسرار العليا للدولة.
الحديث عن المؤسسة العسكرية واقتصادها ظل عقودا، واحدا من تابوهات السياسة المصرية، وظلت القوات المسلحة حريصة على الاحتفاظ به على مدى عقود وبعد الثورة كثر الحديث عن رغبة العامة فى التعرف على ميزانية المؤسسة، خاصة أنها لا تتعلق بالجانب العسكرى فحسب ولكن أيضا يدرج فيها ممتلكاته ودخوله مجال الصناعة والتجارة.
الطامعون فى جيش مصر أمريكا وإسرائيل تسعيان لإضعافه بنشر تسريبات عن ارتكابه جرائم خلال الثورة.. والجماعات الإرهابية حاولت إحراج القوات المسلحة بعملية رفح.. و«الإخوان» تسعى للسيطرة عليه
الأربعاء، 01 مايو 2013 11:27 ص